عاجل/ رئيس الجمهورية قيس سعيد يعلن قرار هام..    صفاقس: تفكيك شبكة لبيع محرّكات الزوارق البحرية    روما: مكافحة الهجرة محور اجتماع وزراء داخلية تونس وإيطاليا والجزائر وليبيا    سعيّد يتلّقى دعوة من البحرين لحضور اجتماع مجلس جامعة الدول العربية    انتخابات جامعة كرة القدم.. قائمة التلمساني تستأنف قرار لجنة الانتخابات    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    طقس الليلة    منوبة: مشتبه به في سرقة المصلّين في مواضئ الجوامع في قبضة الأمن    باجة.. تفكيك شبكة ترويج مخدرات وحجز مبلغ مالي هام    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الممثل عبد الله الشاهد    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    حصدت مليار مشاهدة : من هي صاحبة أغنية ''أنثى السنجاب''؟    هذه الأغنية التونسية تحتل المركز الثامن ضمن أفضل أغاني القرن 21    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    التمديد في سنّ التقاعد بالقطاع الخاص يهدف الى توحيد الأنظمة بين العام والخاص    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    عاجل/ إستقالة هيثم زنّاد من ادارة ديوان التجارة.. ومرصد رقابة يكشف الأسباب    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    تواصل غلق معبر راس جدير واكتظاظ كبير على مستوى معبر ذهيبة وازن    تونس: مرضى السرطان يعانون من نقص الأدوية    رالف رانغنيك يرفض رسميا تدريب بايرن ميونيخ الالماني    لاعب سان جيرمان لوكاس هيرنانديز يغيب عن لقاء اياب نصف نهائي ابطال اوروبا    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    عاجل/ الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل أغلب الطلبة المعتصمين    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    المغازة العامة تتألق وتزيد رقم معاملاتها ب 7.2%    بنزيما يغادر إلى مدريد    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    وزارة التربية على أتم الاستعداد لمختلف الامتحانات الوطنية    فظيع/ حادث مروع ينهي حياة كهل ويتسبب في بتر ساق آخر..    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    24 ألف وحدة اقتصاديّة تحدث سنويّا.. النسيج المؤسّساتي يتعزّز    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    غرفة تجّار لحوم الدواجن: هذه الجهة مسؤولة عن الترفيع في الأسعار    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    المهرجان الدولي للثقافة والفنون دورة شاعر الشعب محمود بيرم التونسي .. من الحلم إلى الإنجاز    بطولة مدريد المفتوحة للتنس: روبليف يقصي ألكاراز    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وزيرة التربية تكشف تفاصيل تسوية ملفات المعلمين النوّاب    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    مايكروسوفت تكشف عن أكبر استثمار في تاريخها في ماليزيا    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا تريد والله فعّال لما يريد ... الحلقة الثالثة : تأليف: د.عبد الحي زلوم


انهيار الاقتصاد الرأسمالي المقامر
تأليف: د.عبد الحي زلوم
في كتابنا “نذر العولمة” الذي صدر سنة 1998 تساءلنا “هل يستطيع العالم أن يقول لا للرأسمالية المعلومالية” . في هذا الكتاب نبين أن العالم قد قال لا بالقلم العريض . الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، والعولمة، وأدواتها المالية كالمشتقات المالية اعتمدت على مبدأ أن هناك أحمق يولد كل دقيقة، أما العولمة فاعتمدت على مبدأ أن العالم قد أصبح مسرحاً للتفتيش عن هؤلاء الحمقى، وقد وجدوهم في كل مكان . قال صمويل هنتغتنون “لم يربح
لغرب العالم بسبب تفوق أفكاره أو قيمه أو ديانته، وإنما ربحه بسبب تفوّقه في استعماله للعنف المنظم، والغربيون غالباً ما ينسون هذه الحقيقة، أما غير الغربيين فلا ينسونها أبداً” . الأزمة الاقتصادية الاخيرة وحروب الإرهاب الغربي في العالم الإسلامي مباشرة أو عن طريق الوكلاء كما في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها، هي مسامير في نعش المشروع الامبراطوري الأمريكي الذي جعل من “العولمة” حصان طروادته .
كتب غاري ويز Gary Weiss في مجلة بزنس ويك- 25/2/2002 “فضيحة كبرى تتصدر الصحف . اجتماعات الكونغرس، واتهامات جنائية تبدو في الأفق . إنها الآن قصة شركة إنرون . لكن فضيحة جديدة تظهر، كل بضع سنوات، في عالم الشركات الأمريكية . . . وفي كل حالة من هذه الحالات، وبعد أن ينجلي الموقف لا شيء ذا أهمية يتغير، لأن صانعي القرارات والقوانين يتراجعون عن اتخاذ أي إصلاح ذي معنى . . . فذاكرة الجمهور قصيرة . . . وجمهور المستثمرين الصغار الجدد غير منظمين . . . ورجال الكونغرس حتماً سيستمعون إلى وول ستريت، وقوى الضغط . . فهؤلاء هم الذين يمطرونهم مالاً لحملاتهم الانتخابية .
قال آلان جرينسبان، رئيس البنك المركزي الأمريكي لمدة 18 سنة، في شهادته بتاريخ 23 تشرين الأول 2008 أمام الكونغرس: “إننا في وسط إعصار، أو تسونامي تسهيلات ائتمانية، يحدث مرة في القرن” .
ليس دقيقاً ما قاله الآن جرينسبان، فقد حدثت أعاصير كثيرة خلال ربع القرن من الانفلات، واسم دلعه فكفكة القوانين، وعايش الآن جرينسبان 18 سنة منها على رأس البنك المركزي الأمريكي . فمنذ أيام الريغانية حدثت ثلاثة أعاصير كلما جاءت واحدة لعنت أختها . الأولى كانت فقاعة 1984 ،1989 والتي نتج عنها انهيار سوق المال بشكل غير مسبوق، وانهيار بنوك التوفير والإقراض، مما اضطر الحكومة لحملة إنقاذ كلّفت دافعي الضرائب الأمريكيين مئات بلايين الدولارات . ثم جاءت فقاعة 1996-2000 والتي تلاها انهيار سوق ناسداك، وخسر 74% من قيمته أيام ذروة سعره سنة 2000 وحتى سعر هبوطه الأدنى سنة ،2002 والذي صاحبه انخفاض بنسبة 40% لسوق داو جونز في الفترة نفسها . وكانت فقاعة 2003-2007 والتي انفجرت عام 2008 وكلّفت دافعي الضرائب الأمريكان تريليونات الدولارات حتى الآن .
هل هذه هي الضربة القاضية؟ نعتقد أنه إن لم تكن هي هذه المرة فستكون الأزمة القادمة هي القاضية . ونستدل على ذلك بملاحظة أن الفترة ما بين الفقاعة والأخرى في تناقص زمني، وأن كل أزمة كانت أعمق من سابقتها، وأنه قد تم تغليف الفقاعة بفقاعة أكبر وأخطر في كل مرة .
منذ فجر التاريخ، ومنذ أيام المسيح، وقبل آلاف من السنين مضت وانقضت، وحتى أيام برنارد مادوف وأشباهه في وول ستريت، وسرقته 64 بليون دولار، بقي الصيرفيون العالميون لصوصاً . . . عدا أنهم أتقنوا حرفة لصوصيتهم عبر مسيرتهم، مستخدمين أحدث الحواسيب ومبرمجي علوم الصورايخ، لتعظيم سرقاتهم . وأصبحت مناوراتهم وألاعبيهم أكثر تعقيداً، إلا أن ثقافتهم بقيت ثابتة لم تتغير، ووظفوا “مأجورين” - أسموهم اقتصاديين - كُهاناً لنظامهم لتبرير تجاوزاتهم المفرطة، والذين نظرّوا لهم ولعقيدتهم، بأن “الجشع ورع”، أو أن “الجشع والربا والحرص يجب أن تكون آلهتنا . . . لأنها هي فقط تستطيع هدايتنا . .إلى ضوء النهار”، كما جادل كينز في عمله المشهور “النظرية العامة في التوظيف والفائدة والنقود” .
ويمكن لأحد كبار الكهنة - مثل كينز - أن يقوم على خدمة أغراضهم يوماً، بينما يقوم كبير كهنة آخر - ربما ميلتون فريدمان - على خدمتهم في يومٍ غيره، حيث يتم تبجيله ويضخم دوره كي يروج غرضاً آخر، ولا يضر حتى لو ادعى بأن جميع سابقيه في مؤسسة الكهانة، كانوا على خطأ جملةً وتفصيلاً، وأن الخلاص إنما يتأتى من نظرياته .
آلان جرينسبان الرجل الذي أدار الاقتصاد الأمريكي كرئيس للاحتياط الفيدرالي البنك المركزي الأمريكي لمدة 18 سنة- غطت الجزء الأعظم من فترة تحرير المحافظين للاقتصاد - هذا الرجل، في شهادته بتاريخ 23 تشرين الأول 2008 أمام لجنة الكونغرس حول الأزمة المالية آنذاك، قال: “إننا في وسط إعصار، أو تسونامي تسهيلات ائتمانية، يحدث مرة في القرن” . وطبقاً لسي . بي . إس . نيوز فإن آلان جرينسبان قد أنكر أن أزمة الأمة الاقتصادية هي غلطته . . إلا أنه سلم بأن عملية الانصهار، أظهرت خللاً، في فترة عمر كامل من التفكير الاقتصادي، وتركته في “حالةٍ من الصدمة وعدم التصديق” . واعترف أثناء الاستجواب، بأنه قد ارتكب “غلطة” في اعتقاده بأن البنوك - وهي تعمل لمنفعتها ومصلحتها الذاتية - ستقوم بعمل ما هو لازم لحماية مساهميها ومؤسساتها . ودعا جرينسبان ذلك عيباً ونقصاً في النموذج . . يعرّف ويبين كيف يعمل العالم .
وكان العيب الذي “اكتشفه” جرينسبان في النموذج الاقتصادي الذي كان يقوده، لا أقل من الاعتراف، بأن يد آدم سميث “الخفية” - لتعديل أوضاع الأسواق - ليست موجودة . وهكذا وبالنتيجة، فإن النظرية وراء نظام جرينسبان الرأسمالي برمتها، يعتريه النقص والعيب .
وتم إحضار بن برنانكي إلى عين الإعصار، ليس بمحض الصدفة، وإنما لأن أطروحته للدكتوراه بمعهد مساشوسيتس للتكنولوجيا (MIT) ، جادلت بأنه في حالات الكساد، مثل الكساد الكبير، فإنه ينبغي إنقاذ البنوك بأي ثمن . وكان هو ومصرفي سابق من وول ستريت . . (الرئيس التنفيذي لشركةجولدمان ساكس ووزير خزانة جورج بوش)، قد صدقا الرؤية والوعد، باستخدام دفاتر شيكات دافعي الضرائب لإنقاذ المصرفيين ذاتهم، وهم الذين عرَضوا غالبية دافعي الضرائب للاجتياح بالتسونامي المالية، كما دعا جرينسبان الأزمة . . وقد أقيم مبنى الاحتياط الفيدرالي في واشنطن، حيث بني على شكل يشبه المعبد، ويحيط نفسه بغموضٍ روحيٍ أحسن وصفه وليام جريدر:
“يستجيب كل من الصحافة والسياسيين لغموض بنك الاحتياط، ويميلون إلى النظر إليه بتوقير وإجلال بصفته مؤسسة تكنوقراطية وسياسية حاكمة تتكون من اقتصاديين متحمسين، يقرّرون في مواضيع غامضة وغاية في التعقيد، يصعب على بقيتنا فهمها - وهذه الاستجابة والميل، يعززان من قوة البنك المركزي . ويسمح إجمالي الجهالة ببنك الاحتياط لأن يتصرّف دون أن يكون عرضة للمسئولية عن أحكامه الأحادية الجانب، أو عن أخطائه الجسيمة” .
ومع أن النقود ذات أهمية حاسمة لأنشطتنا الاقتصادية، كما أنها تؤثر في حياتنا بشكل عميق، إلا أنها الأقل قابلية للفهم منّا . وهذا تناقض يتماشى جيداً - على ما يبدو - مع أولئك الذين يسيطرون على، ويفيدون منغموض النقود هذا . والمواضيع المتعلقة بالنقود عديدة وحاسمة، ومع ذلك فنادراً ما يتم هذه الأيام بحثها على الملأ، أو أن تظهر على الأجندة السياسية لأي من الحزبين، بعكس ما كان عليه الحال في القرن التاسع عشر، حيث تصدرت المسائل النقدية الأجندة السياسية . فلقد بحثوا الحاجة إلى بنكٍ مركزي، ومن الذي يملك صلاحية خلق النقود؟ . . أهي المصالح الخاصة، أم الحكومة؟ . . كما بحثوا دور إدارة الخزينة، وهل يكون خلق النقود بواسطة البنوك؟ . . أم من قبل الحكومة مباشرةً؟ . .وهل ينبغي للنقود أن تكون مغطاة بالذهب؟ أم بالفضة؟ أم بكليهما؟ . . وهل للحكومة أن تصدر نقودا دون تغطية؟
الاحتياط الفيدرالي: كارتل هجين
كان أحد مواضيع النقاش الحامية لدى حزب الشعب، هو موضوع خلق النقود والعمليات المصرفية المركزية . وأصبح حزب الشعب حزباً ثالثاً ذا نفوذ تحدّى مبادئ الرأسمالية الأساسية، كما تحدى المصالح المصرفية والنقديّة . ومع أن حزب الشعب قد تم خداعه للانضمام إلى الحزب الديموقراطي، إلا أن الجمهور كان لا يزال - عند انتهاء القرن التاسع عشر - معنياً ومهتمّاً جداً بهذه المواضيع . وفي العقد الأول من مطلع القرن العشرين كان الكثير من البنوك مفلسا، وكان الناس يخسرون مدخرات عمرهم، وكانوا قلقين بسبب تركز الثروة لدى مصرفيي ومتمولي نيويورك . وأما السياسيون فكان ينتخب منهم من يعد بالوقوف في وجه أصحاب المصالح المصرفية، بمن فيهم الرئيس ويلسون، الذي قاد حملة ضد تكتل النقود، على الرغم من أنه كان قد اختير وموّل وأحيط بتكتل أصحاب المؤسسات المالية . وكانت وعوده ترمي لتأمين نجاحه في الانتخابات، وتمّ نقضها بعد ذلك . ولعل باراك أوباما هو نسخة طبق الأصل عن الرئيس ويلسون “أعطِ إشارة للشمال ولكن خذ اليمين” . وانتهت خطة المصرفيين بانتخاب ويلسون، وبعدها قرروا أن يضعوا بأنفسهم - سرّاً بالطبع - مسودة القانون اللازم لإنشاء شخصية اعتبارية للسيطرة على المؤسسات المالية، ومن ثم تمريرها كقانون في الكونجرس . وحصلوا على السناتور نيلسون أولدريتش بصفته السوط الجمهوري في مجلس الشيوخ، واختير رئيساً لهيئة النقد الوطنية،وهي هيئة خاصة أنشأها الكونجرس كي تقترح توصيات حول كيفية تنظيم تكتل المؤسسات المالية، وكان أولدريتش عضواً مشاركاً في جيه . بي . مورجان، وحمو جون روكفللر الصغير، والذي أسمى ابنه: نيلسون أولدريتش روكفللر، والذي أصبح نائباً للرئيس نيكسون .
وقرر أولدريتش وستة آخرون، عقد اجتماعٍ سري في جزيرة جايكل قرب شاطئ جورجيا في أحد أيام تشرين الأول ،1910 وكانت جايكل جزيرة مملوكة لأغنياء مصرفيي نيويورك، والذين كان لهم قصورهم الخاصة مع نادٍ خاص للمجموعة، وكانت منتجعهم الشتوي بعيداً عن شتاء نيويورك المتجمد . أما الستة الآخرون المشاركون في الاجتماع السّري فكانوا:
فرانك- اندرليب، رئيس ناشينال سيتي بانك أوف نيويورك - أكبر بنوك أمريكا في ذلك الوقت -ممثلا للمصالح المالية لوليم روكيفللر وشركة الاستثمار العالمي: كوهن، لويب وشركاهم .
تشارلز نورتون، رئيس مصرف فيرست ناشينال بانك أوف نيويورك .
بنجامين سترونج، رئيس شركة جيه . بي . مورجان بانكرز ترست كومباني، وكان هذا هو المصرفي الذي أصبح أول رئيس للاحتياط الفيدرالي، وهو النظام الذي صنع كي يسيطر على، ويحد من نفوذ المصارف .
أبراهام آندرو، والذي كان مساعد وزير الخزانة .
هنري دايسون، شريك رئيسي في شركة جيه . بي . مورجان بانكرز ترست كومباني .
بول وربرغ، وقد ولد في ألمانيا، وهو أمريكي متجنس، وسليل أسرة وربرغ العائلة المصرفية، والتي كانت على دراية تامة بممارسات وسلوكيات البنوك المركزية في أوروبا، وكان يمثل مصالح روتشيلد المصرفية في إنجلترا وفرنسا، وشريكاً في كوهن لويب وشركاه، وشقيق ماكس وربرغ الذي يرأس مصالح واربرغ المصرفية في الأراضي المنخفضة وألمانيا . وكان واربرغ هو الاستراتيجي الأول لمشروع الاحتياط الفيدرالي .
وكانت البيوتات المالية والمصارف التي يمثلها هؤلاء السبعة تمثل 40% من ثروة العالم في 1910 . وصاغ هؤلاء السبعة مشروع القانون الذي سيقدم إلى الكونغرس، والذي كان يقصد به رقابتهم والسيطرة عليهم . وابتداء أنكروا أنهم اجتمعوا، كما نفوا أن المشروع من وضعهم . وبعد سنوات قليلة أو عقود، كشفوا سرّهم في سيرهم الحياتية، أو في مقالات في الجرائد . وكتب فرانك فاندرليب مقالة في ساتردي أيفننج بوست في 9/2/،1935 كتب يقول:
“لا أعتقد أن هناك أية مبالغة في أن اتحدث عن بعثتنا إلى جزيرة جايكل، على أنها المناسبة التي حصل فيها الحمل لما أصبح يعرف بعد ذلك بنظام الاحتياط الفيدرالي . وطلب إلينا ترك أسمائنا الأخيرة وراءنا، كما طلب إلينا - إضافة إلى ذلك - تفادي تناول العشاء معاً في ليلة مغادرتنا، كما تلقينا تعليمات للحضور كلاً على انفراد - وبالخفية ما أمكن - إلى محطة السكة الحديد على شاطئ الهدسون في نيوجيرسي، حيث ستكون عربات السناتور أولدريتش الخاصة على استعداد، ملحقة بنهاية قطار متجه إلى الجنوب . وما إن نصبح في العربة حتى نبدأ الالتزام بالتحريم المفروض على الأسماء الأخيرة، وخاطبنا بعضنا البعض بأسمائنا الأولى مثل بن، بول، نلسون وإيب . . . حتى إنني تبنيت وسائل تنكريةٍ أعمق، متخلّياً عن أسمائنا الأولى . . . وكان يمكن لخدام أو طاقم القطار أن يعرفوا هويات واحد او اثنين منّا، إلا أنهم لم يكونوا يعرفوننا كلنا . وكانت طباعة أسمائنا كلها معاً، هي ما كان يمكن أن تجعل من رحلتنا الغامضة، ذات أهمية في واشنطن ووول ستريت، وحتى في لندن . وببساطة عرفنا أن اكتشافنا يجب أن لا يحدث” . وعندما سئل فاندرليب عن لماذا هي السريّة؟ أجاب: “فيما لو انفضح علناً أمر مجموعتنا بالذات، وأنها قد التقت معاً وكتبت مشروع قانونٍ مصرفي، فإن مثل هذا المشروع سوف لن يعود له فرصة - مهما كانت- لإجازته من الكونجرس” .
ازدهار وإفلاسٌ وحروب
يجادل تكتل النقود “على أن نظام الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)- كان لازماً لتثبيت الاقتصاد وإعادة استقراره، تبعاً لدورات ازدهاره وإخفاقه”، وفي الواقع - وكما سنرى - فإن هذه لم تكن القضية أبداً .
كانت الولايات المتحدة في حالة ركود لعدة سنوات من 1910 وحتى ،1914 وكانت مصالح المال العالمية تخطط لحربٍ كبيرة، وكان إيجاد البنك المركزي الأمريكي ضرورة لازمة لإدارة وضبط مصالح المصرفيين، بعيداً عن مناطق الحرب، خاصة وأن أمور بريطانيا المالية كانت متردية وفي حالةٍ يرثى لها . وكان سرّاً معلوماً ان أمريكا ستموّل الحرب، كما كان من الواضح للممولين العالميين ومؤسساتهم المصرفية أن الإمبراطورية البريطانية كانت تفقد متطلبات الإمبراطورية . وأصبحت أمريكا الحصان الإمبريالي الجديد للممولين العالميين، ولطالما أنشئت مؤسسات توأم بين بريطانيا والولايات المتحدة لتنسيق نقل أروقة السلطة من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة، وكان البنك المركزي خطوة أولى حيث أنشئ على غرار بنك إنجلترا (بانك أوف إنجلاند)، والذي أيضا لم يكن مؤسسة حكومية وإنما مملوك للبنوك الخاصة .
وشهد عقد التسعينيات ازدهاراً سرابيّاً مخادعاً أفاد منه وول ستريت والشركات متعدّدة الجنسية، بينما عانت معظم الشركات متوسطة إلى صغيرة الحجم . وانفجر هذا الوهم في عام 2000 عندما انهار سوق أسهم التكنولوجيا، وكان لا بد من حادث كحادث 11/9 تبريراً للحرب لإخراج الاقتصاد الأمريكي من أزمته . وتمّ تغطية فقاعة عام 2000 بأكبر فقاعةٍ عرفها التاريخ .
وأتبع ذلك بحرب، كما يمكن للمرء أن يتوقع من النظام الرأسمالي عبر تاريخه تالياً لركودٍ اقتصادي، وفي هذه المرة دعيت تلاؤماً مع الحدث - بالحرب على الإرهاب . وأعلن أن هذه الحرب دائمة ومستمرة وبلا حدود، ولا حاجة للدليل لإعلان الحروب وغزو البلدان، حيث الحرب الاستباقية حق إلهي منحه الرب لجورج بوش وأمريكاه، وشنت الحرب في أفغانستان وتمّ غزو العراق، وبذا تمّ تغطية فقاعة التكنولوجيا بأخرى أكبر منها . ثم تبع ذلك في 2007 انفجار فقاعة القروض العقارية عالية المخاطر .
وبالطبع، فمن الواضح أن الاحتياط الفيدرالي لم ينجز مهمته المزعومة في تثبيت الاقتصاد، من حيث الركود، والإفلاس والازدهار، بما في ذلك الكساد الكبير- فضلاً عن الأزمة الاقتصادية الراهنة- والتي حدثت في عهده، لا بل - وإلى حدّ كبير- بسببه، وبسبب سياساته . إلا أن الاحتياطي الفيدرالي مع ذلك، قد أبدع في رعاية وتيسير مصالح المصرفيين عبر تاريخه كلّه، بما في ذلك رصد أموال دافعي الضرائب لإنقاذ وول ستريت . وأوضح بول فولكر نفسه، وبشكل لا غموض فيه، بأن ناخبي الاحتياط الفيدرالي ومسؤليته هم وول ستريت أي شارع المال، وليس عامة الناس في شارع .
وثم تعيين فولكر مؤخراً رئيس المستشارين الاقتصاديين لباراك أوباما، وكان خدم في الثمانينيات رئيساً للاحتياط الفيدرالي، وأدت سياساته الانكماشية إلى الإضرار بالمزارعين بشكلٍ خاص، وفي شباط 1985 قام وفد من مشرعي 13 ولاية زراعية بزيارةٍ إلى واشنطن كي يشرحوا لفولكر أن سياساته تلحق الأذى بالمزارعين . وطبقاً لكتاب “أسرار المعبد” ص670 كان رد فولكر للمشرعين: “إن ناخبيكم غير سعداء، أما ناخبي أنا، فليسوا كذلك”، وناخبو فولكر السعداء هم بالطبع مصرفيو وول ستريت . وفي الحقيقة فإن مستويات الفلتان الاقتصادي بعد إنشاء الاحتياطي، وصلت حدوداً غير مسبوقة مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وكان حصاد ذلك: الكساد العظيم،بعد سنوات قليلة من إنشائه .
وما إن توقفت الحرب العالمية الأولى، حتى حدث ركود اقتصادي بين 1918-،1919 سببه وقف الإنتاج الحربي وتدفق الجنود العائدين، إلا أن الخلاص من الركود لم يدم سوى ستة أشهر، ليعود بعدها ركود حاد بين 1920-1921 حقق أعنف انخفاض لأسعار مبيعات الجملة بلغ 8 .36%، وكان ذلك أكبر هبوط حدث في التاريخ المسجّل . وكرّر الركود العودة في الفترة 1923- ،1924 ثم كرة أخرى في الفترة 1926-،1927 وحتى اللطمة الكبرى . . الكساد العظيم في آب 1929 . ودام هذا الكساد لأكثر من عقد واحد، وتحقق الخلاص منه فقط بدخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية . وثانيةً، تسبب تدفق الجنود العائدين ووقف الإنتاج الحربي في حدوث ركود تلا وقف الحرب مباشرةً في ،1945 ودام ذلك لعشرة أشهر، ثم عاد الركود في 1948-1949 وانتهى بالحرب الأمريكية في كوريا في ،1950 والتي دامت حتى منتصف ،1953 وبعد أن وقفت الحرب تقريباً تم تسجيل حدوث ركود في تموز 1953 دام لعشرة أشهر، وقام الاقتصاد بالإنتاج للحرب في معظم عقد الستينيات من القرن الفائت، ومع ذلك حصل ركود بين 1969-،1970 وأيضاً 1973-1975 أما في ثمانينيات القرن فحدث ركودان اثنانبين 1980 و1983 .
ومن المثير للاهتمام أن الولايات المتحدة دخلت ركوداً عميقاً في تموز ،1990 وفي ذلك الشهر أبلغت السفيره الأمريكية في العراق صدّام حسين - فيما كانا يبحثان نزاعات الحدود العراقية الكويتية- بأن الولايات لن تتدخل في النزاعات العربية/العربية، وهو ما فسّره صدام على أنه ضوء أخضر لغزو الكويت . وخلال أيام قليلة بعد ذلك، أي في 2 آب ،1990 غزا صدّام الكويت، وأبلغت المخابرات الأمريكية - التي كانت تشاهد 100،000 جندي يتحركون صوب الكويت - الرئيس الأمريكي بذلك، إلا أن أي إجراء لم يتخذ، فنظام عالمي جديد كان مخططاً له، هو الآن قيد التنفيذ .وتم حشد 500،000 جندي، وكانت 40 يوماً من الحرب كافيةً لإخراج الولايات المتحدة من الركود . وانتهت حرب عاصفة الصحراء في الأسبوع الأخير من شباط ،1991 وانتهى الركود في آذار 1991 .
كانت الولايات المتحدة تفرض عولمتها وماركتها الخاصة للرأسمالية الإنكلوساكسونية الأمريكية على معظم أرجاء العالم خلال تسعينيات القرن العشرين، وكانت شركة طيران يونايتد الأمريكية تشحن حمولات طائرات كاملة من ورقة المائة دولار النقدية إلى روسيا، وكان هناك دزّينات البلايين من الدولارات في التداول، بعد فترة وجيزة من انهيار الاتحاد السوفياتي، ومثل هذه النقود كانت قروضاً بلا فوائد لصالح خزينة الولايات المتحدة الأمريكية، طالما أبقوها في بلدهم!، ثم تبع ذلك في 2007 انفجار فقاعة القروض العقارية عالية المخاطر، ثم انهيار وإخفاق النظام المصرفي بكامله، ودون أن تلوح لذلك نهاية وقت كتابة هذا الفصل .
والآن . . .إفلاس النظام
إن الانصهار والتفكك المالي للأسواق المالية وتعطّل النظام قد سميت بأسماء مختلفة، من قبل أناسٍ مختلفين حسب خلفياتهم وتوجهاتهم الإيديولوجية، فدعاها البعض ركوداً، ودعاها آخرون ركوداً عميقاً، أو كساداً خفيفاً، أو كساداً، أو تسونامي مالي، وأسماء أخرى عدة . . عدا اسمها الحقيقي: إفلاس نظام اقتصاد السوق والنظام النقدي . فقد وافق الجميع على أن الرأسمالية المالية تواجه أزمةً عميقة . . أعمق مما يرغب السياسيون ووول ستريت الاعتراف به، وتقريباً وافق الجميع على أن الأمور لن تعود لما كانت عليه أبداً، وخلص كثيرون إلى أنه لا بد من “التغيير”، والذي كان أيضاً شعار حملة أوباما، ولم يكن خيار النقّاد لتغيير “تجميلي” للمؤسسة، وإنما لتغييرٍ جذري يعالج أمراض السياسة والمجتمع الأمريكيين .
وكانت الرأسمالية المالية، والتي أطلق عنانها بوحشية، بإلغاء نظام صرف بريتون وودز، وإلغاء الغطاء الذهبي للدولار مع تحفيز من حالة اللانظام (التحرر من العوائق النظامية Dergulation) ، كانت هذه الرأسمالية تعصف بها الأزمات الواحدة تلو الأخرى، وكل واحدة تأتي أكثر خطورة وصعوبة للسيطرة عليها، فقد خبر عقد السبعينيات من القرن العشرين تضخماً منفلتاً، وفي الثمانينيات منه كان هناك انهيار تشرين الأول 1987 (الاثنين الأسود)، والانفجار الداخلي لسوق الصكوك عالية المخاطر جنك junk bonds، وانهيار بنوك المدخرات والقروض، والذي ألحق بدافعي الضرائب الأمريكيين بلايين الدولارات من الخسائر لإنقاذ هذه المؤسسات . وبينما كانت الولايات المتحدة تدفع ببقية العالم لتبني ماركتها الاقتصادية بعد انهيار الشيوعية، هاجمت الرأسمالية الأمريكية الإنكلوساكسونية الاقتصادات الأخرى بوحشية، وشهدت تسعينيات القرن العشرين فقاعة “انهيار سوق العقار وسوق الأسهم”، والأزمة المكسيكية في ،1995 كما شهدت السنة نفسها انهيار مصرف بارينجز، وتحمل القطاع المصرفي ما قيمته 1،2 تريليون دولار من الانكشاف أمام ديون رديئة، كما تعرضت بلدان جنوب شرق أسيا إلى انهيار عملاتها بنسب تراوحت بين 50% و80% بسبب مناورات المضاربين في صيف عام ،1997 مما أدى لتدميرها وإلى تعطل نظامها المصرفي . وفي خريف 1998 انهار صندوق إدارة رأس المال طويلة الأجل (LTCM) ، وخلافاً لكل مواعظه حول متطلبات الحكمة التقليدية التي كان يعظ بها البلدان الأخرى، من ضرورة ترك المصارف والمؤسسات التي تفشل لمصيرها، كان الاحتياطي الفيدرالي النيويوركي، أي الواعظ نفسه، هو الذي أدار إنقاذ (LTCM) مدعيا أن سقوط (LTCM) كان يمكن أن يجر معه النظام الرأسمالي برمته . كذلك، حصل انصهار ما يسمى بالتكنولوجيا “High Tech” في عام ،2000 وألحق انفجار السوق الداخلي هذا 7 تريليونات دولار من الخسائر الدفترية بالولايات المتحدة و2 تريليون دولار بأوروبا وآسيا، وتبع ذلك إفلاسات لعدة شركات كبرى بما في ذلك شركة إنرون . وفي هذا الخصوص كتب الاقتصادي الألماني لوثركومب: “الحكومة الأمريكية، سواءٌ كانت غير قادرة أو غير راغبة للتصرف واتخاذ إجراء بشأن فشل النظام، فإنها تطلب خلاصها بدلاً من ذلك باللجوء إلى مغامرات عسكرية، بينما أظهرت خيرة شركات الواجهة “للاقتصاد الجديد”، أظهرت نفسها بأنها محتالة ودجّالة، وختم بالقول “لقد أزف الوقت لإنهاء المماطلة والتسويف حول إعلانٍ بالإفلاس العالمي، بغرض جعل حكومات العالم حُرّةً في أخذ المسار نحو إعادة البناء بالكامل، لنظام مالي نقدي اقتصادي عالمي جديد” .
الرأسمالية في طريقٍ مسدود
ويبدو أن معظم الخبراء بمن فيهم أولئك الذين ينتمون إلى المؤسسة، يقرون- على الأقل- بأن الأمور لن تعود لسيرتها الأولى بعد هذه الأزمة المالية، ذلك أنها جلبت إلى السطح جميع العلل ونقاط الضعف التي تواجه البلد، والتي من بينها - إضافةً للنظام نفسه - مواضيع خطيرة لا بدّ من التصدي لها مثل: المديونية الهائلة، والعجوزات التجارية، وكلفة الاتجار بالحروب، ورأس المال اللازم لإعادة التزود بالمعدات لجميع عمليات الإنتاج والبنى التحتية لفترة ما بعد الاقتصاد البترولي، مع معالجة المواضيع البيئية التي لا يمكن إهمالها لفترةٍ أطول . ومعالجة هذه المسائل بشكلٍ صحيح سيتم اعتراضه من قبل الناس انفسهم الذين سببوا هذه المشاكل، وعلى رأسهم وول ستريت، والمؤسسات المالية، والشركات متعددة الجنسية .
وعبّر مايكل شيرتوف، وزير الأمن الوطني لدى إدارة بوش الثانية، عن رأيه في حديثه المعنون “لماذا لا تعمل واشنطن “، والذي ألقاه في جامعة هارفارد في 12 شباط 2008: “إن العوائق أمام التغيير في واشنطن أكثر بنيوية منها حزبية”، وطبقاً للوزير شيرتوف فإن المعيقات أمام التغيير- وإلى حدّ كبير - هي مصالح الأفراد والجماعات النافذة، والتي تجعل من الصعب إحداث تغيير دراماتيكي في واشنطن “بما يحبط متابعة المصلحة العامة” .
أما جوزيف إي . ستيجليتز، الحائز على جائزة نوبل، فقد قال في مقابلةٍ بتاريخ 29/3/2009 مع مجلة نيوزويك: “ما هو واضح أن نموذج رخاء الشركات الأمريكي- رعاية الشركات وليس الناس- قد انكسر” . كما قال عن خطة غيتنر لتفريغ حمولة المصارف من الديون الرديئة في الولايات المتحدة: “إنه لأمر فظيع، أن لا يتحمل المستثمرون المسؤولية- ما زال بمقدورهم الابتعاد إذا ما ساءت الأمور، إنه ما ادعوه بالاشتراكية الأمريكية: اشتراكية الخسائر وخصخصة الأرباح” .
وحائز آخر لجائزة نوبل هو بول كروجمان وهو بالتأكيد شخصية مرموقة من شخصيات مؤسسة شرقي أمريكا، فهو أستاذ الاقتصاد في جامعة برينستون، وكاتب عمود في جريدة النيويورك تايمز، وفي 6 نيسان 2009 كتبت النيوزويك:
في عموده الذي يظهر مرتين في الأسبوع، وفي منتداه الحواري على الانترنت، المسمى: ضمير ليبرالي، ينتقد أتباع أوباما لمحاولتهم تشغيل نظام مالي يعتبره يمشي وهو في حكم الميت . وفي محادثة له يرسم صورة لوزير الخزانة تيم جيتنر، ورسميين كبار آخرين، على أنهم، في النتيجة، أدوات وول ستريت . ودعا كروجمان سياسة تيم جيتنر تجاه إنقاذ وول ستريت على أنها “نقود مقابل القمامة أيcash for trash “ .
لعل النظام الرأسمالي سيلحق الشيوعية إلى مزبلة التاريخ كما تنبأ له أصحابه أعلاه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.