مع بداية أذان فجر كل يوم جديد نتلقى بشائر النصر المبين . النصر الذي ترعاه قدرة الله التي ظللت غمام السماء على أمواج الشباب الثائرة التي نزعت ثوب الخوف و الفرجة و بدلته بلباس العزة و التحدي ... و مع بداية مسلسل السقوط بسرعة ما كان يتوقعها أحد بشكل فاجأت الحكومة و الدولة من جهة و المعارضة بشقيها الموالي و المحظور من جهة أخرى...و لكن الامر لله وحده من قبل و من بعد يعز من يشاء و يذل من يشاء. و تحت ضغط ارادة شبابنا الثائر الذي نفذ صبره و اسودت الدنيا امامه تستجيب حكومة المافيا صاغرة و تقوم بتعديل وزاري شكلي لا يلبي طموحات شعبنا الغاضب ... العاطش لمياه الحرية و الكرامة، متسائلا عن علاقة الحشود الثائرة و العاطلة عن العمل و هي حاملة شهادات عليا بتنحية وزير... و ما علاقة الناس المحرومة و المظلومة التي لم تجد ما تسد به رمق أطفالها بوزير الاتصالات أو شعائر الدينية ( لنا حديث مع هذا الوزير المخلوع ) المسألة أكبر من ذلك بكثير و أعمق من تبديل وزير بوزير اخر ..المسألة ، مسألة حياة أو موت ...مسألة وجود و عدمه...مسألة كرامة و وطنية ...مسألة عدالة و حرية ...الشعب التونسي خلاص ، اكتفى ظلما ، اكتفى اهانة ،اكتفى مذلة ، اكتفى دونية ...ان انتفاضة سيدي بوزيد المباركة لن تكرر مرة اخرى ...لقد كنا جميعا بدون استثناء على موعد مع الانتفاضة بسيدي بوزيد ارض الشهادة و الاستشهاد أرض العزة و الكرامة . أيها السادة أتريدوننا أن ننتظر ربع قرن اخر لنضرب موعد اخر مع انتفاضة أخرى ولا ندري أندركها ام لا ؟ و لا ندري أتأتي ام لا ؟ حرام عليكم... توقفوا على نشر ثقافة الهزيمة و ثقافة التشكيك و أجلوا خلافاتكم للغد و المصالح الضيقة لما بعد النصر . فبعد التحوير الوزاري الشكلي على الحكومة وألحقه فيما بعد بتنحية والي سيدي بوزيد و بعض ولاة لمدن أخرى الذي أراد بهما الرئيس خدعة التونسيين و الايحاء بأنه رجل يقبل بقوانين اللعبة و يسمع للطرف الثاني على عكس ما يشاع عنه خارجا، وهذا ليس صحيحا مطلقا فالرجل صاحب تركيبة بوليسية عجيبة و لا يملك حد أدنى من الحوار أو حتى حسن السماع و تاريخه منذ استيلائه على السلطة شاهد على دمويته و استبداده ...وان كانت عملية التعديل يحسبها الرئيس مهمة و كافية لتهدئة الامور و سانحة بعودة المياه الى مجاريها الطبيعية فان عقلاء تونس يعتبرونها خطوة للهروب الى الأمام أو بالاحرى خطوة ببداية مسلسل السقوط و الذي سوف لا يتوقف أبدا و سوف تتبعه اقالات و تسميات، ثم اقالات و تسميات أخرى حتى ينفض الناس من حوله و يجمع حقيبته و يرحل اذا سمحت له الجماهير الغاضبة بالهروب و مغادرة البلاد بدون كشف حساب و تسديد الديون التي عليه . وزير الشعائر الدينية المطرود : هذا جزاء من يحارب الله و رسوله ....أقدمت بدون حياء و لا خجل بتعطيل فريضة من فرائض الاسلام بعلة وهمية و خالفت فيها اجماع الامة قاطبة و لم تسمع لصوت العقل و لا ضمير الامة التي تتوسل اليك و تترجاك في العدول عن قرارك الشاذ و أن لا تحرم الالاف من الحجاج التونسيين المتعطشين لزيارة الحرم المكي وأداء فريضة الحج طامعين في رحمة الله و عفوه وجوده و غفرانه و أن هؤلاء الحجاج كم أخذ منهم الزمن و الجهد لتحويش التكلفة الاعلى في العالم للسفر الى مكةالمكرمة لملاقاة الله و زيارة مسجد رسول الله سيد الخلق بالمدينة المنورة ؟ ثم بقرارك العشوائي و الطائش كم منعت من نفس بشرية أدركتها الموت في السنة التالية و حرمتها من حجة العمر ؟ تخيل كيف تلقى الله في الاخرة ؟ وكيف تمشي غدا في الشارع في وسط الناس وانت وزير مقال و قد حاربت الله و أنت أصلا مكلفا بحماية الدين و ليس لهدمه . ثم لم تكتف بتطاولك هذا تتجرأ على خفض صوت الاذان على أن يكون يشبه رنين الهاتف ...فمن أين لك هذا العلم و هذا الفهم .؟ فالذي اقالك هو الله جل جلاله و ليس غيره لأنك خنت الأمانة التي بعنقك و القرارات التي أخذتها سواء في الحج أو في الأذان كان المقصود منها بالدرجة الأولى في مسألة الحج تأمين عملية فوز رئيسك في الانتخابات الرئاسية المحسومة أصلا و الثانية عدم ازعاج سيدك بأذان الفجر و هو نائم لأن الأذان يعكر صفوه و يذكره كل يوم أنه لم يقدر على هزيمة الاسلام و رجاله فصوت الحق يخترق جدار حرسه الخاص و جدار غرفة نومه لذلك كنت حريصا على راحة باله و ليس على مصلحة الاسلام ،فكان جزاؤك الابعاد من ممن فضلت و هذا جزاء من يخون الله و الاسلام و آمل أن تكون عبرة لغيرك . البرلمان على صفيح ساخن : مع ازدياد توسع رقعة الانتفاضة بداخل الترابي التونسي شمالا جنوبا شرقا غربا و مع ازدياد رفع سقف المطالب لدى الجماهير المظلومة و زيادة تنوع صفة المنتفضين من محامين و أساتذة و نقابيين و اعلاميين و نساء ورجال رافعين شعارات مباشرة و واضحة وضوح الشمس في كبد السماء تستهدف الرئيس و العائلة الحاكمة متهمة اياها بالفساد و الرشوة والنهب و تطالبها بالرحيل و لا بديل عن الرحيل، ومع ازدياد التعاطف الدولي من قبل الشعب التونسي المقيم بالخارج في كل من فرنسا، سويسرا، كندا و سوف تليها غدا باذن الله لندن، ايطاليا ،المانيا و في كل مكان حيث توجود الجالية التونسية، و مشكورين ايضا اخواننا في كل من مصر و لبنان و الجزائر و المغرب و قريبا ان شاء الله موريتانيا الكويت و اليمن و تركيا و غزة قلب الامة النابض... حينها يدرك الرئيس ان الامر اكبر من تعديل وزاري و سوف يلتفت لممثلي الشعب القاعدين تحت قبة البرلمان الذين يتلقون نهاية كل شهر رواتبهم و امتيازاتهم على آخر مليم وذلك باسم الشعب من دون التطرق يوما من الايام الى معاناة المواطن وحالات الانتحار المستمرة و اذا ما كانوا فعلا نواب الشعب حقا و حقيقة ما حصل ما حصل . و عليه سيفكر الرئيس بجدية في حل البرلمان لأن التعديل االوزاري لم يأت بنتيجة منشودة، و لعله بحل البرلمان يخمد النيران الثائرة ويهدأ من غضب المنتفضين، وهذه الخطوة الثانية المتوقع بالاقدام عليها لحلحلة الامور و سحب البساط من تحت ارجل المنتفضين اعتبرها خطوة صحيحة و في المكان الصحيح و ان كانت متأخرة و لكني أشك في مردودها لأنه يتعامل مع عامة الناس و ليس مع احزاب منظمة وان كانت هذه العامة حققت ما لم تحققه الاحزاب طيلة ربع قرن و فهمت منطق الدولة افضل بكثير من الاحزاب مجموعة . و يبقى السؤال الاتي مطروحا : هل تلبي عملية حل البرلمان طموحات الجماهير المنتفضة ؟ لا أعتقد ...لان المشكلة ليست في البرلمان أو في الوزير انما الطريقة التي تدار بها البلاد و المنظومة الكلية التي تسير عليها تونس ، و لكن في كل الحالات خطوة الرئيس بحل البرلمان مهمة و في وقتها و ربما تأتي بنتيجة السؤال التالي : هل مازالت معارضة الموالاة تثق في استمرارية النظام الحالي ؟ و ما موقفها اذا ما أقدم الرئيس على حل البرلمان؟ ألا يكون موقفها محرجا أمام الرأي العام و بذلك تكون قد خسرت مقاعدها و الجماهير الثائرة مرة واحدة و هي طيلة السنين قابعة على كرسي البرلمان تتمتع بامتيازات الدولة و نثرياتها ، أو ربما اذا ما تم طردها من البرلمان سوف تلحق وقتها بصفوف الجماهير و تتلون بلون الانتفاضة ... حينها تقول لها الجماهير : عفوا فاتتك القافلة و وصلت متأخرة ؟ أليس حري بمعارضة الموالاة أن تسجل اسمها بالتاريخ و تنضم الى ملايين الجماهير و تنتهز الفرصة قبل فوات الاوان ؟ و تستعجل في أخذ القرار السليم و تنسحب من البرلمان و رأسها مرفوعا قبل أن يرمي بها بن علي في الشارع و قبل أن تحرقها نيران سيدي بوزيد . كلنا أمل من السادة رجال المعارضة المحظورة مشكورين أن يتولوا هذه المهمة التاريخية باقناع معارضة الموالاة بالانسحاب من البرلمان وان ينظموا للملايين المظلومة و يتبرؤا من حكومة المافيا قبل فوات الأوان . حمادي الغربي