اجتمع مهندسو الالتفاف تحت سقف واحد و كانوا في غاية الحماسة و النشاط حيث أن أحد الاعضاء اسند رأسه و نام و الأخرى تتكسّل و تتثاءب و كان الحضور غفيرا أيضا فكانت أغلبية المقاعد فارغة. ثمّ لم يخلو الحديث من المجاملات و الخزعبلات و الترهات الفارغة, و كما جرت العادة نقاش تُمرر فيه الفزّاعات و الاستشهاد بالآيات البيّنات من ذكر الله الحكيم على طريقة العجوز و تنزيلها في غير موضعها و قد نسي أمسه الاول حين كان يعذّب و يُزوّر الانتخابات و باعترافه و هذا يُجسّد قول أحمد شوقي الفزّاعات : الاقتصاد : حيث قال ان العديد من المصانع أوقفت نشاطها و الاخرى متوقفة بالاعتصامات أمامها و قال حرفيا " الاقتصاد وقف" و عملية التصدير واقفة و غيره من المغالطات حيث أنكر القروض تماما و تبعا لذلك فكل شيء إشاعة مثل ملف القنّاصة الذي لم يُجب عنه الاسلاميين : حيث أشار انهم هم من وراء هذا الاعتصام و هذا فيه دعوة صريحة للعودة و الهائنا بالصراع الأيديولوجي داخل مجتمعنا و محاولة لإفشال الاعتصام المصيري " جمعة العودة " بخلق صراع فيما بيننا لأننا لو رجعنا خُطوتين إلى الوراء لوجدنا أن السبسي نجح في تحويل الصراع بين الشعب من جهة و الحكومة من جهة أخرى إلى صراع فيما بيننا لتخلو لهم الساحة و يلتفّون على الثورة و يبيعون البلاد. النقاش : ثمّ ان النقاش لم يتطرّق بشكل جدّي للمشاكل و المسائل الحسّاسة حيث كان من المفروض أن يقدّم الوزير إجابات واضحة عن كل قرارات الحكومة في الفترة الماضية و يُبرّرها و يُضّحها و يُضّح الاسباب الكامنة وراء التقاعس في المحاسبة و التعيينات من نفس سلّة التجمعيين و دعاة التطبيع و لكن التطرّق لهذه المسائل كان انشائيا و ورد في شكل اشارات عرضية هامشية فيما أنها من اهم المسائل الشائكة و التي تَشغل الشارع التونسي. و أخيرا لم نشهد استعداد واضحا لتلبية المطالب رغم أنه معلن عنها و متداولة منذ أيام بل على العكس في هذه الجلسة لمسنا نبرة من التهديد الخفي و التوعّد و محاولة تأليب الرأي العام التونسي على الاعتصام لإفشاله بتعلّة الفزاعات المذكورة و عليه فإننا نقرّ أن شعار الصدق في القول و الاخلاص في العمل لا اساس له من الصحة في عمل الحكومة و أجهزتها و هيئاتها و ذويها فقد صدّقناه أول مرة حين قالها ثمّ صدّقناه بعدها حين أعادها و لم يتغيّر شيء بل سار بنا الى الوراء و أتى بثُلّة من التجمعيين و المتصهينين الى مناصب هامة في حكومته و كان عمل الهيئة متجاهلا لمبدأ التوافق و بدت واضحة مظاهر الالتفاف على الثورة التي لم تنتهي و يريدون ان يئدوها كما وأد الجاهلية بناتهم. و خلاصة القول أن هذه الجلسة المسرحية كانت بعيدة جِدّا عن تطلّعاتنا و اهداف ثورانا بل هي استهزأت بنا في نقاشاتها و اتهمتنا و كأننا بالاعتصام سنسير بالبلاد الى الوراء, و لكن و حتة و إن تعطّلت دورة الحياة لفترة (و هذا غير وارد ) فإن لكل شي ثمن و تضحيات فقد ضحّى الشهداء بدمائهم من أجل الوطن و من أجلنا و نحن مستعدّون و باقون ما بقي الخبز و الزيتون إلى أن نحقق ما نريد و هي مطالب جماعية لا حزبية و لا شخصية و هبّة عفوية من نبض الشارع لا دخل فيها لأي حوب أو تيّار. و أخيرا نجدّد الدعوة لدعم جمعة العودة و الوقوف كالبنيان المرصوص و نترك ما يُفرقنا و نجتمع حول الاهداف التي تجمعنا و نكون على قدر المسؤولية و نفي بوعودنا للوطن و الشهداء فالتاريخ لن يرحمنا و سيكتب عنّا فإما يذكرنا بخير أو يلقينا في مزبلته. و لكم الاختيار أحبّتي و إخوتي و أبناء وطني و أمّتي.