نصرالدين السويلمي - بون - المانيا - تمكّنت العديد من الجمعيّات التونسيّةبألمانيا السبت 15 جوان من رفع التحدّي وأنجزت أحد أضخم ملتقياتها بالمهجر، حيث تطوّرت المبادرة التي انطلقت سنة 2011 من مدينة بريمن ثم برلين وصولا إلى ملتقى بون الذي حضّرته 30 جمعية ومؤسّسة تونسيّة من مختلف أنحاء ألمانيا، وأصبحت هذه المبادرة التي بعثت مدفوعة بأنفاس الثورة من جنس المبادرات الواعدة، والأكيد أنّ التنسيقيّة الثالثة لهذه الجمعيّات سوف تكون نقطة فارقة في تاريخ العمل الجمعيّاتي للجالية التونسيّةبألمانيا بعد أن احتكرت الدولة على مدى أكثر من نصف قرن مختلف النشاطات الخاصّة بالجالية ووجّهتها كما تشاء واستعملتها لتصفية خصومها ثم لاحقا لردع كل جمعيّة أو مجموعة تجنح إلى الاستقلاليّة وتلتمس الفعل الجادّ بعيدا عن مخالب البعثات الدبلوماسيّة والوداديّات. وقد أشرفت مؤسّسة جسر تونسبألمانيا على فعاليات تنسيقيّة الجمعيّات التونسيّة في نسختها الثالثة التي دعي لها كاتب الدولة حسين الجزيري ومستشار رئيس الجمهوريّة عادل السالمي والباحثة إقبال بربورة المكلّفة بمشروع المجلس الأعلى الاستشاري للدولة وحضرها القنصل العام ببون هشام المرزوقي ورؤساء البعثات الدبلوماسيّة التونسيّةبألمانيا إلى جانب العديد من الجمعيّات والشخصيّات ووسائل الإعلام . إضافة إلى نجاح جسر تونس من خلال تنظيمها المتميّز لهذه الفعاليّات واستقطاب هذا الكمّ الكبير من الجمعيّات فإنّ التظاهرة تمكّنت من إرساء تقاليد جديدة في التعامل بين الأجهزة الرسميّة الممثلة للدولة وقوى المجتمع المدني، وقطع الطرفين مع سياسة التغوّل والاستحواذ والوصاية واستحدثا تماسا حِرفيا قد يؤسّس لعلاقة صحية وشفافة بين الدولة وقوى المجتمع المدني.
تنوّعت الجمعيّات التي أثثت هذا الملتقى في توجهها وحجمها وكذا في تاريخها، فقد حضرت بعض الجمعيّات الحديثة منها من لم يمضِ على تأسيسها أكثر من شهر فيما شهدت التنسيقيّة حضور بعض الجمعيّات الكبيرة والعريقة ، وبعيدا عن الجمعيّات التي كانت تنشط تحت عباءة الدولة والتجمّع قبل الثورة ، فإنّ ملتقى بون شهد حضور بعض الجمعيات المشهود لها بالسبق والاستقلالية ياتي على رأسها الجمعيّة الألمانيّة التونسيّة للثقافة والاندماج التي أسّست لفكرة استقلال قوى المجتمع المدني في المهجر على الدولة الشموليّة كما استحدثت لها فروعا في أغلب المدن الألمانية ، وكانت احد هواجس النظام السابق الذي أحرجته في العديد من المناسبات بعد ان ركزت على استهداف بطشه مستعملة الجانب الحقوقي وتنويع الاحتجاجات وتكثيفها ، وان كان نظام بن علي استعمل مكينة الدولة وعلاقاته الخارجية للحيلولة دون نجاح تحركات هذه الجمعية في هز الصورة التي رسمها جهاز البروباكندا التابع له فان الهاجس الأكبر كان يتمثل في خوف النظام من استنساخ تجربة "DTV" من قبل الجمعيات التونسية الأخرى فتجنح الى الاستقلالية والتمرد على التبعية ، ولم تغيب جمعية مرحمة للإغاثة عن هذه المحطة ، هذه الجمعية التي مضى على تأسيسها قرابة العقد ونصف العقد والتي اكتسبت حرفية العمل الإغاثي ما مكنها من التحول وفي وقت وجيز الى احد روافد التنمية في تونس ما بعد الثورة ن هذا الى جانب مشاركة العديد من الجمعيات الناشئة والتي أقنعت عبر انجازاتها رغم تجربتها القصيرة.