كان بن على يلتقط الشعارات الكبرى للمعارضة ويتبناها كذبا حتى يسحب منها البساط ، حتى أنه سرق حتى اللون البنفسجي من النهضة الذي خاضت به انتخابات 1989 بقائماتها المستقلة ، منظومة بن على العائدة للحكم بعد انتخابات 2014 تنتهج نفس الأسلوب ، فجينيريك التحوير الوزاري الجديد هو مقاومة الفساد وهو شعار اطلقه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وقبلهم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وجمعيات غير حكومية كجمعية انا يقظ ، ثم رئيس هيئة مقاومة الفساد الذي قال ان تونس قد تتحول سريعا الى "دولة مافيا" ،، واخيرا ما صرح به رئيس الحكومة المسحوب منه الثقة " الصيد " حين صرخ امام البرلمان ان مقاومة الفساد اكثر تعقيدا من مقاومة الارهاب ، ويبدو أن شارة الانطلاق قد اعطيت لاستخدام الشعار بدأ بتصريح رئيس الحكومة الجديد "الشاهد" ، (الذي اتمنى الا تصدق نبوءتي بانه لن يكون اكثر من شاهد زور على ملفات الفساد )، وصولا الى التقاط الموضوع من باقي المنظومة الاعلامية التابعة وحتى تلك التى على حسن نية ، المعادلة بسيطة : لا يمكن لسلطة انتجها الفساد ان تعلن الحرب عليه ، فانتخابات 2014 كانت وسخة بالمال الحرام من اباطرة المال والاعمال الذين هرعوا لابناء المنظومة القديمة بحثا عن قشة النجاة من المحاسبة التى بدأت محتشمة في عهد الترويكا ، فانفقوا ما تيسّر مما نهبوه في عهد بن على من الدولة التونسية على تلك القوى السياسية الصاعدة التى بعثت لهم باب الامل في العودة الى مواقعهم والمحافظة على مصالحهم ، اكثر من ذلك فقد احتل بعضهم مواقع ومسؤوليات متقدّمة في تلك الاحزاب ، سلطة اتت بها منظومة اعلامية فاسدة تعمل لمصلحة من يدفع اكثر ، ومن يبدى استعدادا اكثر الى طمس تاريخها المظلم ، سلطة جاءت برشاوى المواطنين الفقراء لنيل اصواتهم ، سلطة اتت بدعم وتمويل خارجي مباشر وغير مباشر بواسطة جمعيات مشبوهة شكلها الخارجي انساني وباطنها انتحابي انتهازي ، سلطة هذا مأتاها لا يمكنها الا ان تكون عنوانا للفساد ودعما له ، لا حرباعليه ، لا يستمر الفساد ويستشري فقط لأن الدولة ضعيفة بل كذلك لوجود غطاء سياسي واسع النطاق الى درجة ان الفاسدين (التمسايح منهم والصغار ) يعتبرون الدولة عادت لهم ، الحكام الجدد القدامي ظلوا اوفياء للفاسدين بعد الفوز في الانتخابات فسارعوا الى تهميش منظومة العدالة الانتقالية لتعطيل المحاسبة ، بل واقتراح مشاريع قوانين لحمايتهم . مقاومة الفساد لدى الحكومة القادمة مجرد شعار للاستهلاك والتمييع وسيكون ترف سياسي لا أكثر ولن يكون اولوية الا بالضغط الشعبي ..فلا تتركونهم يهنأون بسرقة اموالكم ..