تستعد الاحزاب العلمانية وصناع السياسة والقوى الغربية لمستقبل تصبح فيه حركة النهضة وهي حزب اسلامي بارز كان يمارس نشاطه بالخارج وسرا هربا من بن علي قوة رئيسية في تونس لكنهم يحاولون التوصل الى كيفية الحد من تأثيرها... يتعشم العلمانيون في أن يساعد نهج تونس التدريجي للانتقال من دولة بوليسية الى نظام سياسي مفتوح في كبح جماح الاسلاميين لكن هذا النهج أحدث فراغا سياسيا وأمنيا قد يخدم الاسلاميين في نهاية المطاف. وأسقط التونسيون الرئيس زين العابدين بن علي بعد احتجاجات شعبية في ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني وبزغ اكثر من 90 حزبا سياسيا على الساحة التي تحررت حديثا. وتستعد الاحزاب العلمانية وصناع السياسة والقوى الغربية لمستقبل تصبح فيه حركة النهضة وهي حزب اسلامي بارز كان يمارس نشاطه بالخارج وسرا هربا من بن علي قوة رئيسية في تونس لكنهم يحاولون التوصل الى كيفية الحد من تأثيرها. وقال جورج جوف استاذ العلوم السياسية بجامعة كيمبردج "هناك شكوك هائلة بشأن النهضة. لا أحد يصدق التزامهم بالديمقراطية والتعددية. خطابهم باللغة العربية يختلف كثيرا عن خطابهم بالفرنسية خاصة في الريف." وأضاف أن الخوف لا يقتصر على برنامجها الاسلامي وانما يمتد الى القلق من الانزلاق الى شمولية الحزب الواحد التي اتسم بها العهد السابق اذا هيمنت جماعة واحدة افضل تنظيما على الساحة. وهذه المخاوف هي الى حد ما السبب في أن تونس تستغرق وقتا طويلا قبل اجراء اي انتخابات. وأرجئت الانتخابات لتشكيل جمعية تأسيسية تضع الدستور الجديد حتى اكتوبر تشرين الاول كما أنه لا يوجد جدول زمني للانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تعقب هذا. وقال دبلوماسي غربي "هناك فرصة معقولة لان تظهر النهضة كأقوى حزب دون الحصول على أغلبية. افضل التقديرات هو أن تتشكل أغلبية علمانية تنتمي ليسار الوسط في البرلمان." ويقول الاقتصادي مروان عباسي ان الطبقة السياسية المنقسمة بين من تكيفوا ومن تحدوا حكومة بن علي الفاسدة تأمل الا تفوز حركة النهضة باكثر من ربع الاصوات. وأضاف أن النهضة قد تحصل على نسبة تقترب من 25 في المئة وهو أمر يمكن التعامل معه لكن اكثر من هذا سيكون صعبا على تونس. وعلى الرغم من أن المحللين يعتبرون الجيش التونسي يمثل قوة أضعف من نظيره المصري فانه بذل جهدا لينظر اليه على انه يوجه الانتقال من أعلى ويحمي الدولة العلمانية التي أسسها زعيم الاستقلال الراحل الحبيب بورقيبة. وأقام الجيش معرضا بوسط تونس للاحتفال بدوره بوصفه حاميا للبلاد على مدى الاعوام الخمسة والخمسين الماضية. وكتب الجيش على احدى اللوحات بالمعرض أنه حريص على حماية ثورة الشباب التونسية التي وصفها بأنها ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وأنه سيبقى على الوعد. ومهام تنظيم اليات التحول موزعة بين الحكومة المؤقتة وهيئة تحمل اسم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. وأنشأت هذه الهيئة كيانا منفصلا لتنظيم انتخابات اكتوبر وتعد قانونا للاحزاب السياسية يفرض معايير للشفافية وقيودا على التمويل. وينظر الى هذه الاخيرة على نطاق واسع على أنها تستهدف حركة النهضة التي استطاعت حشد الدعم من خلال تنظيمات اسلامية خلال سنوات المنفى في لندن وعواصم غربية اخرى. وقال صلاح عطية الكاتب في جريدة الصباح ان اليسار يحاول تهميش النهضة وان الفكرة هي كبح جماحهم بالقوانين. واذا هيمنت حركة النهضة على الجمعية التأسيسية فانها ستجد أن معظم الهيكل السياسي للبلاد جاهز بالفعل. كما توصلت الهيئة الى فكرة "الميثاق الجمهوري" لتلتزم به كل الجماعات ويضمن فصل الدين عن الدولة والحقوق الاساسية للمرأة والتي جعلت من تونس حصنا للعلمانية في العالم العربي. وتقول حركة النهضة انها ليست لديها مشكلة مع هذا الميثاق لكنها تشير الى أنه يجب أن يتضمن مبدأ عدم اقامة علاقات مع اسرائيل. وترى أن هذه حيل من أجل مزيد من التأجيل للانتخابات. وقال نور الدين البحيري رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة "هناك مخاوف الان من أن الهيئة تريد اثارة التوتر حتى تؤجل الانتخابات... هذا سيعني أنها تحاول تخريب الثورة وليس تحقيق أهدافها." وأشار الى أنها لم تضع بعد قائمة بالموالين لعهد بن علي من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي تم حله والذين لن يسمح لهم بخوض الانتخابات في اكتوبر. ولن يتسنى اجراء الانتخابات بدون هذه القائمة. واتخذت حركة النهضة خطوة الشهر الماضي وصفت بأنها حيلة لكسب الرأي العام حين انسحبت من الهيئة قائلة ان العلمانيين مثل حزب التجديد يهيمنون عليها. وظهرت دعوات ايضا الى اجراء اقتراع متزامن في 23 اكتوبر على نوعية النظام السياسي الذي يريده التونسيون مما يحد من صلاحيات الجمعية التأسيسية المنتخبة التي يرجح أن يتمتع فيها الاسلاميون بنفوذ اكبر من الذي يتمتعون به الان. وتروج مجموعة من نحو 40 حزبا صغيرا تشعر بالقلق من قوة الاحزاب الكبرى مثل الحزب الديمقراطي التقدمي وهو حزب يساري لهذه الفكرة. والسؤال كما هو الحال في مصر هو أين يجب أن يكون ميزان القوى بين البرلمان والحكومة والرئيس. ويقول المعلق السياسي رشيد خشانة ان حركة النهضة تستفيد من الوضع جيدا وتثير المخاوف من مواصلة هيمنة "الحرس القديم". وأضاف "سواء تم تأجيل الانتخابات ام لا فان هذا لن يحدث فرقا يذكر. لن يتاح للاحزاب الاخرى الوقت الكافي للتكيف... انهم يبلون بلاء حسنا لان الناس يرون أن بينهم وبين الهيئة هذه الخلافات. انه عمل مسرحي." ولايزال الوضع الامني يعاني نتيجة لاستمرار الفراغ السياسي. وتقول الشرطة انها اشتبكت مع تسعة متشددين وصفتهم بأنهم ينتمون لتنظيم القاعدة في شمال تونس في مايو ايار. وفي الشهر الماضي هاجم اسلاميون دارا للسينما لعرضها فيلما اعتبروه ينشر افكارا الحادية واندلعت اعمال عنف قبلية في المتلاوي واشتبكت قوات الامن مع الشرطة التي أضربت عن العمل في قابس. وعلى الرغم من أن الهجوم على الفيلم كان من قبل السلفيين فان بعض المثقفين العلمانيين يخشون من أن تستفيد حركة النهضة من خلال تقديم نفسها كتيار وسطي معتدل مقارنة بالسلفيين. وتحركت الشرطة لمنع السلفيين من تنظيم احتجاجات في تونس غير أن اكثر من الف شخص من الاحزاب العلمانية والجماعات الحقوقية استطاعوا تنظيم مظاهرة ضد التطرف الديني في السابع من يوليو تموز. وقال عطية الكاتب الصحفي ان كل بضعة اسابيع تحدث مشكلة أمنية وأضاف أن رئيس الوزراء والرئيس في منصبيهما بصفة مؤقتة ولا يوجد برلمان ومن ثم هناك افتقار للشرعية. وفي مصر وضع الجيش البلاد على مسار مختلف. ومن المقرر اجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر ايلول بعد أن تم اجراء بعض التعديلات الدستورية واقرارها في استفتاء. وتجري الانتخابات الرئاسية بعد أن يقوم البرلمان الجديد بمراجعة اوسع نطاقا للدستور. وقال عباسي الخبير الاقتصادي ان تونس لديها الفرصة لتصبح اول ديمقراطية حقيقية تخرج من الانتفاضات التي تجتاح المنطقة وأضاف "لدينا الزخم اللازم لهذا ونحتاج الى القيام به الان." من اندرو هاموند Thu Jul 14, 2011 11:38am GMT