بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيسنجر يصفع الإدارة ويؤيد الضاري ويسخر من الحكومة العراقية والإنتخابات
نشر في الوسط التونسية يوم 16 - 07 - 2007

فالحقيقة نحن أمام مشاهد عالمية تتوالى بإضطراد عنوانها التكابر والإلتفاف من قبل الرئيس الأميركي جورج بوش ومجموعة نائبه ديك تشيني ( ماتبقى من المحافظين الجُدد) أي أن هؤلاء يتبعون إستراتيجية العِزّة بالإثم، وأحيانا إتباع إستراتيجية رأس النعامة، أي يضعون رؤوسهم في أحراش حديقة الرئيس بوش في تكساس كي لا يسمعوا النقد والتجريح من الداخل، والأنين والشكوى من جهة قواتهم في العراق، أما المشاهد الأخرى فعنوانها التمنّع غير الصادق والذي تتبعه وزارة الخارجية الأميركية، ومن خلال تحركات وتصرفات وأسلوب رئيستها الآنسة كوندليزا رايس، فمثلا لو جئنا لقضية سوريا، فهناك وفود مكوكية من الولايات المتحدة أخذت تزور سوريا في الفترة الأخيرة، و متمثلة بسياسيين قدامى، ورجال أعمال ورؤساء شركات أميركية، وكذلك قسم منهم من بطانة الإدارة وأعضاء في الكونغرس الأميركي ناهيك عن الإشارات المباشرة وغير المباشرة نحو دمشق، ولكن الوزيرة رايس تغرد خارج السرب، وترفض أي إشارة إيجابية نحو دمشق، ولا ندري أين الحبة التي فيها البركة.
أما المشاهد الأخرى فهي تندرج تحت إستراتيجية الإستجداء أي تحت مبدأ الصراخ على خجل ( ...SOS...HELP) وبوتيرة واطئة ،ولكن جميع المؤشرات تؤشر بأنها تسير نحو الصراخ من الخوف والألم والهلع والوحدة، فهذا هو مصير الولايات المتحدة في العراق والمنطقة، لهذا قال السياسي العراقي أحمد الجلبي أخيرا وفي لقاء مع صحيفة الحياة اللندنية ( إن الولايات المتحدة وبريطانيا خارجتان من العراق حتما) وهذا سر موسم الحج الى البيت الأبيض من قبل عبد العزيز الحكيم وطارق الهاشمي وغيرهما، فجميعهم يريدون بقاء القوات الغازية في العراق، والسبب لأنهم لم يكملوا سيناريوهاتهم الخاصة بهم على أرض الواقع في العراق من الناحية الجيوسياسية والديموغرافية ،ويبقى السبب الأهم هو الشعور بالخوف والهلع من الإنسحاب الأميركي المفاجىء ،مثلما حصل في الصومال، فذهابهم الى الرئيس الأميركي جورج بوش شخصيا مصدره الهلع وعدم الثقة بالوعود التي أعطاها ويعطيها لهم كبار ضباط الإحتلال والمسؤولين الأميركان في السفارة الأميركية والدوائر الأخرى في العراق، فيريدون سماعها من الرئيس بوش وهو إمامهم الثالث عشر ضمن المنطق الإنجيلي الجديد.
لقد دأبت الإدارة والرئيس بوش على إخفاء الحقائق أو القفز عليها وضمن إستراتيجية المكابرة، ولكن بعد تقرير ( بيكر هاملتون) توضحت صورة الولايات المتحدة البائسة في العراق، وتوضحت الأمور التي أكد عليها السناتور ( مارثا) قبل أكثر من عام من الآن، عندما زار بغداد وسمع الشكوى والملل من أربع جنرالات كبار، وشاهد بعينه ضربات المقاومة العراقية، فطالب حينها بجدولة الإنسحاب، وأكد أن البقاء في العراق خسارة للولايات المتحدة، وكان صادقا لأنه خبير بالشؤون العسكرية إذ أنه كان ضابطا كبيرا، ولكنه حورب من قبل مجموعة المحافظين في حينها، ولكن اليوم أصبح الرئيس الأميركي كبطة عرجاء، ولن يسعفه خبث وحيل نائبه تشيني، لأن التقارير والمقالات ومن الكبار أصبحت تحاصرهم في كل مكان ،مقابل هبوط شعبية الرئيس الأميركي، لذا أصبحنا نتوقع بأنه ربما سيحاسب بتهمة الكذب على الشعب الأميركي، وهناك إحتمالات أن لا يبقى الى نهاية ولايته لأنه رجل متقلب المزاج وعنيد في المواقف التي بحاجة ماسة الى اللين والتفكّر وليس للعناد.
وهاهو ثعلب السياسة الخارجية والمخضرم وشيخ الدبلوماسيين في الولايات المتحدة الشيخ ( هنري كيسنجر) يسخر من الإدارة، بل يصفع الرئيس الأميركي وجميع السياسيين العراقيين الذين فازوا في الإنتخابات التي سخر منها كيسنجر أيضا، ولقد جاء كل هذا من خلال حديث نشرته ( غلوبال فيو بوينت) وتناول فيه ما أطلق عليه المشهد الأميركي بتداعياته الكثيرة والملحة .
فها هو كيسنجر يشم رائحة طالبان العراقية، والتي نبهنا ونبه لها كثير من المثقفين العراقيين والعرب الشرفاء وقبل أكثر من ثلاث سنوات، حيث قال ( إن ما يجب تجنبه في العراق هو ظهور نظام شبيه بنظام طالبان في جزء من البلاد أو بروز نظام أصولي جهادي حتى لو لم يكن على نمط طالبان أو على نمط النظام الإيراني) وكان يقصد بنظام طالبان هو ما يسمى بالمثلث السني ، أما النظام الأصولي فكان يقصد الجنوب العراقي الغني بالنفط والثروات، والذي يطالب به عبد العزيز الحكيم كي يعطيه الى الإيرانيين تعويضا عن الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 1988)، ولكن لو فكر رجال الإدارة الأميركية قليلا وعادوا الى الوراء وتحديدا لفترة الغزو السوفيتي لأفغانستان، وكيفية تسليحهم ودعمهم للمليشيات ولأحزاب المجاهدين هناك، والذين إنقلبوا ضد الولايات المتحدة حال إنسحاب الجيش الأحمر السوفيتي من هناك، وبدأ العداء ومعارك الكر والفر، فإن المسلسل نفسه سيعاد تماما في العراق بحيث تقوم المليشيات والأحزاب التي توالي إيران، والتي دعمتها الولايات المتحدة في كل شيء بالحرب ضد الولايات المتحدة وحال إستلامها للفتوى وللتعليمات، خصوصا وإن الوزير كيسنجر اعترف أخيرا بأن العراق يعيش حربا أهلية عندما قال ( القوات الأميركية تحارب تمردا وسط حرب أهلية).
أصبحنا نسمع ونقرأ أن حل القضية العراقية يمر عبر دمشق وطهران، وهما العاصمتان اللتان على محور الشر الذي إبتدعه الرئيس الأميركي جورج بوش، فالقضية أصبحت أشبه بالفزورة التي فرضتها إيران في العراق والمنطقة، والسبب الولايات المتحدة والدول العربية التي تفرجت ببلاهة على التغلغل الإيراني في العراق، ومنذ بدايته حتى أصبح إحتلالا رديفا للإحتلال الأميركي والبريطاني للعراق، فما عجزت عن تحقيقه إيران في ثمان سنوات، فلقد حققته في شهرين ودخلت جميع مدن العراق تقريبا ، بل وصلت للتدخل في عمل وقرارات الحكومات العراقية المتعاقبة وأن رجالها ( الموالين لها) يديرون ويرأسون المفاصل الحساسة في العراق، فمن خلال هذا التشابك طُرحت ثلاث سيناريوهات وهي:
أولا:
سيناريو المؤتمر الداخلي والذي يكون عراقيا خالصا ،وهذا ما يطالب به عبد العزيز الحكيم وبعض القيادات الكردية والقيادات التي تحت خيمة الأئتلاف الشيعي الذي يرأسه الحكيم.
ثانيا:
سيناريو مؤتمر دول الجوار والذي يطالب به الذين لهم علاقات مع إيران وسوريا وبعض العواصم العربية ،ويشترطون أن تكون الحظوة الى إيران وسوريا.
ثالثا:
سيناريو المؤتمر الدولي والذي تطالب به القيادات السنيّة داخل وخارج الحكومة، ومعها القيادات العراقية العربية الشيعية ، ومعظم الشخصيات والأحزاب والحركات التي تعارض الإحتلال، والذي أيده أخيرا الوزير هنري كيسنجر عندما جمع بين السيناريو الثاني والثالث وقال ( عدم الإكتفاء بدعوة إيران وسورية بل دعوة بلدان أخرى مثل الهند وباكستان وروسيا أيضا)
وهنا يؤيد الوزير كيسنجر قرارات مؤتمر نصرة العراق الذي عقد في تركيا أخيرا ، ويؤيد طلب رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري لعقد مؤتمر دولي حول القضية العراقية، ولكن الذين يوالون إيران والذين لهم أجندة جيوسياسية ومذهبية وديموغرافية يرفضون ذلك خوفا من تبديد أحلامهم وإستراتيجياتهم التي يريدون من خلالها تأسيس الدويلات وعودة الإقطاع الجغرافي والسياسي والإجتماعي ، فهؤلاء لا يريدون العودة الى ما قبل التاسع من نيسان عام 2003 أي لا يؤمنون بأن هناك عراقا موحدا وشعبا عربيا خالصا وضمن المحيط العربي.
ولكن الخبير (كسينجر) لم يكتف بذلك بل تعدى نقده وكأنه يقف بصفنا وصف جميع الذين رفضوا الإنتخابات التي جرت في العراق، والتي هي أساس المشكلة كلها ،وأساس الفوضى كلها ،وأساس جعل الرجل غير المناسب في المكان الذي يُفترض أن يكون للرجل المناسب، أي أعطي مقود سفينة العراق الى الهواة والمبتدئين، والذين فقدوا البوصلة منذ أول عاصفة، وبقيت منذ ذلك الحين تتقاذفها الأمواج ،والحل بترجل هؤلاء عبر زوارق تنقلهم الى مكان ما ،أو من خلال رميهم في البحر كي يتم إنقاذ السفينة وركابها وحمولتها لأن زمن القراصنة ولّى ولن يرجع، ومن ثم لا يجوز أن تدعم الولايات المتحدة نظاما قرصانيا في العراق.
فعلى الإدارة الأميركية أن تتذكر أننا في عصر القرن الواحد والعشرين ولسنا في زمن وعصر القراصنة (الفايكنغ)،ولهذا قال كيسنجر ( إن عملية الإنتخابات في بلد مثل العراق محكوم عليها أن تفرز أحزابا طائفية تستمر في الصراع الذي ظلت تخوضه تاريخيا) وبالفعل فأن الإنتخابات ليست رسالة سماوية مقدسة، وليست نصا ربانيا أي إن من يفوز بها يكون قائدا إجباريا على الأوطان والناس، خصوصا وأن الإنتخابات العراقية غير جائزة شرعا ،فمن الناحية الدينية لا تجوز لأن من فرضها الغازي والمحتل ، وكذلك غير جائزة وطنيا لأن هناك شرائح كثيرة تعارضها والسبب وجود المحتل والغازي، وأنها غير قانونية من ناحية القوانين والمواثيق الدولية لأنها تقررت بالخوف والرعب والسلاح ومن قبل الغازي والمستعمر، وبالتالي حتما سيفرض ما يريد هو، كذلك سيفرض الناس الذين يوالونه كي يكونوا قادة على الشعب ،وهذا غير جائز وينافي الشورى والديموقراطية والعقل والمنطق والأخلاق.
لذا فالإنتخابات لا تعطي الشرعية، لهذا يجب لجم السياسيين العراقيين الذين يعتقدون أنهم قادة العراق الشرعيين كونهم فازوا بالإنتخابات، فها هو كيسنجر يقول ( من الخطأ التفكير بكسب الشرعية من خلال الإنتخابات.. والتي أظهرت أنها عنصر لتعميق الطائفية والنزاع الطائفي) ، فأن الحكومة والأشخاص الذين أنتجتهم هكذا إنتخابات على درجة كبيرة من العوق الفكري والسياسي، ولا يصلحون ولا تصلح أن تقود شعب كشعب العراق، وحتى من ينادي بإصلاح هذه الحكومة فهو ينفخ بقربة مثقوبه، لأن النفس الوطني فيها مفقود وحل محله النفس الطائفي الإقصائي العنصري، ولقد قال كيسنجرعن ذلك ( ليس من العدل أن نطلب من الحكومة التي أفرزتها هذه العملية أن تتصرف كحكومة وطنية).
الولايات المتحدة فقدت الحليف الصادق في العراق.. لذا فالطريقة الهايتيية هي الحل..!
إن الولايات المتحدة الأميركية في محنة حقيقية في العراق، وأنها تبحث عن حليف أو حلفاء جُدد يكون لهم تأثيرا إجتماعيا وقبليا ودينيا وسياسيا في العراق، ولهذا سارعت بعض المجموعات الإنتهازية و الباحثة عن دور في الخارج والداخل نحو عقد مؤتمرات وإصدار بيانات والإعلان عن تشكيلات سياسية سريعة ( تشكيلات هامبورغرية) وبدعم من بعض المخابرات العربية والإقليمية وحتى من بعض الدوائر الغربية والأميركية، والهدف منها أن تكون على طاولة البازار الأميركي عسى أن تختارها الولايات المتحدة، وتضعها ضمن الحلفاء الجُدد، وكأن الأمر بهذه السذاجة، فالمؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين، ولا نعتقد أن الولايات المتحدة ساذجة لهذه الدرجة، بحيث تختار عناوين جديدة تشكلت على عجل وجمع أصحابها المتنافرين أساسا هدف واحد، وهو الحصول على حصتهم مما تبقى من الكعكة العراقية بحجة أنهم الخبراء بعليات إنقاذ العراق، وأنهم الوطنيون الوحيدون في الساحة، وبعدها سيبدأ طبعا مسلسل التخوين والإنشقاقات والعراك والإحتراب من جديد بين هؤلاء المتنافرين أصلا..
فالحل إذن واضح وجلي، وهو من خلال الحل ( الهاييتي والغرينادي) أي من خلال القوة نعم من خلال القوة ، إما من خلال الحلقة الأولى الهايتيية عندما حوصر الجنلال ( دوليفيه) وأبعد ليحل محله المحامي آيرستيد ، أو من خلال الحلقة الثانية من المسلسل الهاييتي عندما حوصر المحامي آيرستيد وأبعد الى أفريقيا الوسطى بعد تجريده حتى من هاتفه المحمول والسماح لزوجته وأولاده من الركوب معه برجاء من الوزير السابق ( كولن باول) ودعم نائبه والمجموعات الجديدة مكانه.
فهذا هو الحل في العراق ومن خلال فرض حكم مجلس عسكري مدني،و بالإعتماد على قادة عسكريين ومحترفين، ومعهم بعض الوجوه الأكاديمية والدبلوماسية والثقافية والإجتماعية ومن الداخل والخارج، ويكون للجيش العراقي المنحل حصة الأسد، ثم نداء الى الجيش السابق من أجل تكوين فرق عسكرية لتدخل لكل محافظة عراقية فرقة عسكرية من الجيش القديم وشرفاء الجيش الجديد فقط من أجل إستتباب الأمن، لحين إنتخاب مجلس وطني وقتي يقرر الإنتخابات من جديد، وبحماية دولية ،ويٌرشح لها القدماء والجُدد بإستثناء ( القتلة والمجرمين والفاشلين والطائفيين وأرباب السوابق والمختلسين والمستوطنين من النظام السابق والحالي).
وبعد ذلك يتم تشكيل حكومة عراقية منتخبة تحافظ على وحدة العراق، وعلى العلاقة مع الشعب الكردي ومع جميع مكونات الشعب العراقي ، ومن ثم حماية مصالح الولايات المتحدة الأميركية، ونسج علاقات جيدة مع الجيران ودول العالم ، ونكرر لا حل إلا من خلال القوة التي تُنزع سلاح المليشيات، وتطرد الدخلاء وتفرض القانون بالقوة ،ولكن ( هل تريد الولايات المتحدة هذا.....؟ فالجواب: لا نعتقد ذلك لأن من يدير الأمور في العراق هي إسرائيل وليست الولايات المتحدة، أي أصبحت الولايات المتحدة مطية لإسرائيل في العراق، وهذه مصيبة ومحنة الرئيس بوش الحقيقية).
ولهذا فهي تبحث عن حلفاء جدد ولكن كيسنجر أحبطهم حينما قال ( إن فرصة إيجاد طرف سياسي في العراق قادر على تحقيق الإستقرار أصبحت متأخرة الآن).
ونؤكد بأن قضية العراق لا تشبه اليابان ولا حتى ألمانيا ،بل هي قضية خاصة، وأن الظروف والفشل السياسي جعلاها قضية خاصة جدا، لهذا فهي تحتاج الى حلول خاصة وجريئة، لذا قال كيسنجر ( إن إحتلال المانيا واليابان لا يصلح لأن يكون نموذجا للعراق) والسبب لأن المؤسسات في الدولتين لم تُخرب ولم تدمر إلا بنسبة 10% أما في العراق فلقد تم تخريب المؤسسات والوزارات وبتعمد، ومن هنا نقول أن الولايات المتحدة غُلبت في العراق من قبل أسرائيل والدويلة الخليجية التي باشرت بحرق المؤسسات العراقية إنتقاما، وكذلك الدولة الإقليمية التي باشرت بالتدخل لحرق المؤسسات وسرقة محتويات المخازن والأسلحة والمؤسسات الحكومية، وإن من يتحمل المسؤولية هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ، وحتى أن نسبة التبديل بالقيادات في المانيا واليابان لم تكن إجتثاثا ،بل كانت خفيفة وسطحية، أي شملت بعض القيادات والمسؤولين، أما في العراق فلقد سُرّح الجيش تماما ،ونهبت مؤسساته، وصدر قانون إجتثاث البعثيين والمسؤولين العراقيين السابقين ، أما من ناحية الأمن فلم تكن هناك مشكلة أمنية في اليابان والمانيا مثلما هو حاصل في العراق.
ولكن الوزير كيسنجر لا يوافق على زيادة القوات ، ويختلف في هذا مع ( جون ماكين) الذي يطالب بزيادة القوات الأميركية في العراق ، ولكننا نعتقد بأن زيادة القوات واجبة إن كانت النيّة البدء بحرب خاطفة ضد المليشيات الحزبية والطائفية من أجل نزع سلاحها ،وتحجيم دور السياسيين الطائفيين والإنفصاليين، وجعل السلاح بيد الشرطة والشروع بجدولة إنسحاب تزامنا مع ولادة حكومة عراقية تشمل جميع الأطياف العراقية، مع شرط فرض القانون بالقوة وفي جميع مدن العراق، وإنهاء مبدأ أن تدار المحافظات من قبل أهلها لأن هذا المبدأ قد ولد فرض إقطاعيات وعصابات لا تريد العمل من أجل المحافظة والناس، بل من أجل أحزابها وأقرباءها وأصدقائها فقط ..فالعودة لنظام المركز هو الحل ،مع فرض الحصص من الثروات للمحافظات، وحسب تعداد السكان وحاجتها للتنمية ،وضمن فرق فنية محددة وبإشراف دولي تقوم بتقديم التقرير عن كل محافظة، وتحديد وبيان حاجتها من الأموال والثروات من أجل النهوض بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.