مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي    ترامب: على الجميع مغادرة طهران فورا    هجوم إيراني جديد على تل أبيب وأميركا تنفي المشاركة بالقتال    كاس العالم للاندية : التعادل 2-2 يحسم مباراة بوكا جينيور الارجنتيني وبنفيكا البرتغالي    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الاول) : العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة في القطاع العام ،وحلّ شركة الاتصالية للخدمات ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزيري الشؤون الاجتماعية وتكنولوجيات الاتصال    رئيس الجمهورية : الدّولة التونسية تُدار بمؤسّساتها وبالقوانين التي تنظّمها،,ولا أحد فوق المساءلة والقانون    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم بثنائية أمام فلامينغو .. ترتيب المجموعة    الترجي الرياضي التونسي ينهزم في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية أمام فلامينغو البرازيلي (فيديو)    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    طقس الليلة    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    عاجل/ آخر أخبار قافلة الصمود..وهذه المستجدات..    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيسنجر يصفع الإدارة ويؤيد الضاري ويسخر من الحكومة العراقية والإنتخابات
نشر في الوسط التونسية يوم 16 - 07 - 2007

فالحقيقة نحن أمام مشاهد عالمية تتوالى بإضطراد عنوانها التكابر والإلتفاف من قبل الرئيس الأميركي جورج بوش ومجموعة نائبه ديك تشيني ( ماتبقى من المحافظين الجُدد) أي أن هؤلاء يتبعون إستراتيجية العِزّة بالإثم، وأحيانا إتباع إستراتيجية رأس النعامة، أي يضعون رؤوسهم في أحراش حديقة الرئيس بوش في تكساس كي لا يسمعوا النقد والتجريح من الداخل، والأنين والشكوى من جهة قواتهم في العراق، أما المشاهد الأخرى فعنوانها التمنّع غير الصادق والذي تتبعه وزارة الخارجية الأميركية، ومن خلال تحركات وتصرفات وأسلوب رئيستها الآنسة كوندليزا رايس، فمثلا لو جئنا لقضية سوريا، فهناك وفود مكوكية من الولايات المتحدة أخذت تزور سوريا في الفترة الأخيرة، و متمثلة بسياسيين قدامى، ورجال أعمال ورؤساء شركات أميركية، وكذلك قسم منهم من بطانة الإدارة وأعضاء في الكونغرس الأميركي ناهيك عن الإشارات المباشرة وغير المباشرة نحو دمشق، ولكن الوزيرة رايس تغرد خارج السرب، وترفض أي إشارة إيجابية نحو دمشق، ولا ندري أين الحبة التي فيها البركة.
أما المشاهد الأخرى فهي تندرج تحت إستراتيجية الإستجداء أي تحت مبدأ الصراخ على خجل ( ...SOS...HELP) وبوتيرة واطئة ،ولكن جميع المؤشرات تؤشر بأنها تسير نحو الصراخ من الخوف والألم والهلع والوحدة، فهذا هو مصير الولايات المتحدة في العراق والمنطقة، لهذا قال السياسي العراقي أحمد الجلبي أخيرا وفي لقاء مع صحيفة الحياة اللندنية ( إن الولايات المتحدة وبريطانيا خارجتان من العراق حتما) وهذا سر موسم الحج الى البيت الأبيض من قبل عبد العزيز الحكيم وطارق الهاشمي وغيرهما، فجميعهم يريدون بقاء القوات الغازية في العراق، والسبب لأنهم لم يكملوا سيناريوهاتهم الخاصة بهم على أرض الواقع في العراق من الناحية الجيوسياسية والديموغرافية ،ويبقى السبب الأهم هو الشعور بالخوف والهلع من الإنسحاب الأميركي المفاجىء ،مثلما حصل في الصومال، فذهابهم الى الرئيس الأميركي جورج بوش شخصيا مصدره الهلع وعدم الثقة بالوعود التي أعطاها ويعطيها لهم كبار ضباط الإحتلال والمسؤولين الأميركان في السفارة الأميركية والدوائر الأخرى في العراق، فيريدون سماعها من الرئيس بوش وهو إمامهم الثالث عشر ضمن المنطق الإنجيلي الجديد.
لقد دأبت الإدارة والرئيس بوش على إخفاء الحقائق أو القفز عليها وضمن إستراتيجية المكابرة، ولكن بعد تقرير ( بيكر هاملتون) توضحت صورة الولايات المتحدة البائسة في العراق، وتوضحت الأمور التي أكد عليها السناتور ( مارثا) قبل أكثر من عام من الآن، عندما زار بغداد وسمع الشكوى والملل من أربع جنرالات كبار، وشاهد بعينه ضربات المقاومة العراقية، فطالب حينها بجدولة الإنسحاب، وأكد أن البقاء في العراق خسارة للولايات المتحدة، وكان صادقا لأنه خبير بالشؤون العسكرية إذ أنه كان ضابطا كبيرا، ولكنه حورب من قبل مجموعة المحافظين في حينها، ولكن اليوم أصبح الرئيس الأميركي كبطة عرجاء، ولن يسعفه خبث وحيل نائبه تشيني، لأن التقارير والمقالات ومن الكبار أصبحت تحاصرهم في كل مكان ،مقابل هبوط شعبية الرئيس الأميركي، لذا أصبحنا نتوقع بأنه ربما سيحاسب بتهمة الكذب على الشعب الأميركي، وهناك إحتمالات أن لا يبقى الى نهاية ولايته لأنه رجل متقلب المزاج وعنيد في المواقف التي بحاجة ماسة الى اللين والتفكّر وليس للعناد.
وهاهو ثعلب السياسة الخارجية والمخضرم وشيخ الدبلوماسيين في الولايات المتحدة الشيخ ( هنري كيسنجر) يسخر من الإدارة، بل يصفع الرئيس الأميركي وجميع السياسيين العراقيين الذين فازوا في الإنتخابات التي سخر منها كيسنجر أيضا، ولقد جاء كل هذا من خلال حديث نشرته ( غلوبال فيو بوينت) وتناول فيه ما أطلق عليه المشهد الأميركي بتداعياته الكثيرة والملحة .
فها هو كيسنجر يشم رائحة طالبان العراقية، والتي نبهنا ونبه لها كثير من المثقفين العراقيين والعرب الشرفاء وقبل أكثر من ثلاث سنوات، حيث قال ( إن ما يجب تجنبه في العراق هو ظهور نظام شبيه بنظام طالبان في جزء من البلاد أو بروز نظام أصولي جهادي حتى لو لم يكن على نمط طالبان أو على نمط النظام الإيراني) وكان يقصد بنظام طالبان هو ما يسمى بالمثلث السني ، أما النظام الأصولي فكان يقصد الجنوب العراقي الغني بالنفط والثروات، والذي يطالب به عبد العزيز الحكيم كي يعطيه الى الإيرانيين تعويضا عن الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 1988)، ولكن لو فكر رجال الإدارة الأميركية قليلا وعادوا الى الوراء وتحديدا لفترة الغزو السوفيتي لأفغانستان، وكيفية تسليحهم ودعمهم للمليشيات ولأحزاب المجاهدين هناك، والذين إنقلبوا ضد الولايات المتحدة حال إنسحاب الجيش الأحمر السوفيتي من هناك، وبدأ العداء ومعارك الكر والفر، فإن المسلسل نفسه سيعاد تماما في العراق بحيث تقوم المليشيات والأحزاب التي توالي إيران، والتي دعمتها الولايات المتحدة في كل شيء بالحرب ضد الولايات المتحدة وحال إستلامها للفتوى وللتعليمات، خصوصا وإن الوزير كيسنجر اعترف أخيرا بأن العراق يعيش حربا أهلية عندما قال ( القوات الأميركية تحارب تمردا وسط حرب أهلية).
أصبحنا نسمع ونقرأ أن حل القضية العراقية يمر عبر دمشق وطهران، وهما العاصمتان اللتان على محور الشر الذي إبتدعه الرئيس الأميركي جورج بوش، فالقضية أصبحت أشبه بالفزورة التي فرضتها إيران في العراق والمنطقة، والسبب الولايات المتحدة والدول العربية التي تفرجت ببلاهة على التغلغل الإيراني في العراق، ومنذ بدايته حتى أصبح إحتلالا رديفا للإحتلال الأميركي والبريطاني للعراق، فما عجزت عن تحقيقه إيران في ثمان سنوات، فلقد حققته في شهرين ودخلت جميع مدن العراق تقريبا ، بل وصلت للتدخل في عمل وقرارات الحكومات العراقية المتعاقبة وأن رجالها ( الموالين لها) يديرون ويرأسون المفاصل الحساسة في العراق، فمن خلال هذا التشابك طُرحت ثلاث سيناريوهات وهي:
أولا:
سيناريو المؤتمر الداخلي والذي يكون عراقيا خالصا ،وهذا ما يطالب به عبد العزيز الحكيم وبعض القيادات الكردية والقيادات التي تحت خيمة الأئتلاف الشيعي الذي يرأسه الحكيم.
ثانيا:
سيناريو مؤتمر دول الجوار والذي يطالب به الذين لهم علاقات مع إيران وسوريا وبعض العواصم العربية ،ويشترطون أن تكون الحظوة الى إيران وسوريا.
ثالثا:
سيناريو المؤتمر الدولي والذي تطالب به القيادات السنيّة داخل وخارج الحكومة، ومعها القيادات العراقية العربية الشيعية ، ومعظم الشخصيات والأحزاب والحركات التي تعارض الإحتلال، والذي أيده أخيرا الوزير هنري كيسنجر عندما جمع بين السيناريو الثاني والثالث وقال ( عدم الإكتفاء بدعوة إيران وسورية بل دعوة بلدان أخرى مثل الهند وباكستان وروسيا أيضا)
وهنا يؤيد الوزير كيسنجر قرارات مؤتمر نصرة العراق الذي عقد في تركيا أخيرا ، ويؤيد طلب رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري لعقد مؤتمر دولي حول القضية العراقية، ولكن الذين يوالون إيران والذين لهم أجندة جيوسياسية ومذهبية وديموغرافية يرفضون ذلك خوفا من تبديد أحلامهم وإستراتيجياتهم التي يريدون من خلالها تأسيس الدويلات وعودة الإقطاع الجغرافي والسياسي والإجتماعي ، فهؤلاء لا يريدون العودة الى ما قبل التاسع من نيسان عام 2003 أي لا يؤمنون بأن هناك عراقا موحدا وشعبا عربيا خالصا وضمن المحيط العربي.
ولكن الخبير (كسينجر) لم يكتف بذلك بل تعدى نقده وكأنه يقف بصفنا وصف جميع الذين رفضوا الإنتخابات التي جرت في العراق، والتي هي أساس المشكلة كلها ،وأساس الفوضى كلها ،وأساس جعل الرجل غير المناسب في المكان الذي يُفترض أن يكون للرجل المناسب، أي أعطي مقود سفينة العراق الى الهواة والمبتدئين، والذين فقدوا البوصلة منذ أول عاصفة، وبقيت منذ ذلك الحين تتقاذفها الأمواج ،والحل بترجل هؤلاء عبر زوارق تنقلهم الى مكان ما ،أو من خلال رميهم في البحر كي يتم إنقاذ السفينة وركابها وحمولتها لأن زمن القراصنة ولّى ولن يرجع، ومن ثم لا يجوز أن تدعم الولايات المتحدة نظاما قرصانيا في العراق.
فعلى الإدارة الأميركية أن تتذكر أننا في عصر القرن الواحد والعشرين ولسنا في زمن وعصر القراصنة (الفايكنغ)،ولهذا قال كيسنجر ( إن عملية الإنتخابات في بلد مثل العراق محكوم عليها أن تفرز أحزابا طائفية تستمر في الصراع الذي ظلت تخوضه تاريخيا) وبالفعل فأن الإنتخابات ليست رسالة سماوية مقدسة، وليست نصا ربانيا أي إن من يفوز بها يكون قائدا إجباريا على الأوطان والناس، خصوصا وأن الإنتخابات العراقية غير جائزة شرعا ،فمن الناحية الدينية لا تجوز لأن من فرضها الغازي والمحتل ، وكذلك غير جائزة وطنيا لأن هناك شرائح كثيرة تعارضها والسبب وجود المحتل والغازي، وأنها غير قانونية من ناحية القوانين والمواثيق الدولية لأنها تقررت بالخوف والرعب والسلاح ومن قبل الغازي والمستعمر، وبالتالي حتما سيفرض ما يريد هو، كذلك سيفرض الناس الذين يوالونه كي يكونوا قادة على الشعب ،وهذا غير جائز وينافي الشورى والديموقراطية والعقل والمنطق والأخلاق.
لذا فالإنتخابات لا تعطي الشرعية، لهذا يجب لجم السياسيين العراقيين الذين يعتقدون أنهم قادة العراق الشرعيين كونهم فازوا بالإنتخابات، فها هو كيسنجر يقول ( من الخطأ التفكير بكسب الشرعية من خلال الإنتخابات.. والتي أظهرت أنها عنصر لتعميق الطائفية والنزاع الطائفي) ، فأن الحكومة والأشخاص الذين أنتجتهم هكذا إنتخابات على درجة كبيرة من العوق الفكري والسياسي، ولا يصلحون ولا تصلح أن تقود شعب كشعب العراق، وحتى من ينادي بإصلاح هذه الحكومة فهو ينفخ بقربة مثقوبه، لأن النفس الوطني فيها مفقود وحل محله النفس الطائفي الإقصائي العنصري، ولقد قال كيسنجرعن ذلك ( ليس من العدل أن نطلب من الحكومة التي أفرزتها هذه العملية أن تتصرف كحكومة وطنية).
الولايات المتحدة فقدت الحليف الصادق في العراق.. لذا فالطريقة الهايتيية هي الحل..!
إن الولايات المتحدة الأميركية في محنة حقيقية في العراق، وأنها تبحث عن حليف أو حلفاء جُدد يكون لهم تأثيرا إجتماعيا وقبليا ودينيا وسياسيا في العراق، ولهذا سارعت بعض المجموعات الإنتهازية و الباحثة عن دور في الخارج والداخل نحو عقد مؤتمرات وإصدار بيانات والإعلان عن تشكيلات سياسية سريعة ( تشكيلات هامبورغرية) وبدعم من بعض المخابرات العربية والإقليمية وحتى من بعض الدوائر الغربية والأميركية، والهدف منها أن تكون على طاولة البازار الأميركي عسى أن تختارها الولايات المتحدة، وتضعها ضمن الحلفاء الجُدد، وكأن الأمر بهذه السذاجة، فالمؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين، ولا نعتقد أن الولايات المتحدة ساذجة لهذه الدرجة، بحيث تختار عناوين جديدة تشكلت على عجل وجمع أصحابها المتنافرين أساسا هدف واحد، وهو الحصول على حصتهم مما تبقى من الكعكة العراقية بحجة أنهم الخبراء بعليات إنقاذ العراق، وأنهم الوطنيون الوحيدون في الساحة، وبعدها سيبدأ طبعا مسلسل التخوين والإنشقاقات والعراك والإحتراب من جديد بين هؤلاء المتنافرين أصلا..
فالحل إذن واضح وجلي، وهو من خلال الحل ( الهاييتي والغرينادي) أي من خلال القوة نعم من خلال القوة ، إما من خلال الحلقة الأولى الهايتيية عندما حوصر الجنلال ( دوليفيه) وأبعد ليحل محله المحامي آيرستيد ، أو من خلال الحلقة الثانية من المسلسل الهاييتي عندما حوصر المحامي آيرستيد وأبعد الى أفريقيا الوسطى بعد تجريده حتى من هاتفه المحمول والسماح لزوجته وأولاده من الركوب معه برجاء من الوزير السابق ( كولن باول) ودعم نائبه والمجموعات الجديدة مكانه.
فهذا هو الحل في العراق ومن خلال فرض حكم مجلس عسكري مدني،و بالإعتماد على قادة عسكريين ومحترفين، ومعهم بعض الوجوه الأكاديمية والدبلوماسية والثقافية والإجتماعية ومن الداخل والخارج، ويكون للجيش العراقي المنحل حصة الأسد، ثم نداء الى الجيش السابق من أجل تكوين فرق عسكرية لتدخل لكل محافظة عراقية فرقة عسكرية من الجيش القديم وشرفاء الجيش الجديد فقط من أجل إستتباب الأمن، لحين إنتخاب مجلس وطني وقتي يقرر الإنتخابات من جديد، وبحماية دولية ،ويٌرشح لها القدماء والجُدد بإستثناء ( القتلة والمجرمين والفاشلين والطائفيين وأرباب السوابق والمختلسين والمستوطنين من النظام السابق والحالي).
وبعد ذلك يتم تشكيل حكومة عراقية منتخبة تحافظ على وحدة العراق، وعلى العلاقة مع الشعب الكردي ومع جميع مكونات الشعب العراقي ، ومن ثم حماية مصالح الولايات المتحدة الأميركية، ونسج علاقات جيدة مع الجيران ودول العالم ، ونكرر لا حل إلا من خلال القوة التي تُنزع سلاح المليشيات، وتطرد الدخلاء وتفرض القانون بالقوة ،ولكن ( هل تريد الولايات المتحدة هذا.....؟ فالجواب: لا نعتقد ذلك لأن من يدير الأمور في العراق هي إسرائيل وليست الولايات المتحدة، أي أصبحت الولايات المتحدة مطية لإسرائيل في العراق، وهذه مصيبة ومحنة الرئيس بوش الحقيقية).
ولهذا فهي تبحث عن حلفاء جدد ولكن كيسنجر أحبطهم حينما قال ( إن فرصة إيجاد طرف سياسي في العراق قادر على تحقيق الإستقرار أصبحت متأخرة الآن).
ونؤكد بأن قضية العراق لا تشبه اليابان ولا حتى ألمانيا ،بل هي قضية خاصة، وأن الظروف والفشل السياسي جعلاها قضية خاصة جدا، لهذا فهي تحتاج الى حلول خاصة وجريئة، لذا قال كيسنجر ( إن إحتلال المانيا واليابان لا يصلح لأن يكون نموذجا للعراق) والسبب لأن المؤسسات في الدولتين لم تُخرب ولم تدمر إلا بنسبة 10% أما في العراق فلقد تم تخريب المؤسسات والوزارات وبتعمد، ومن هنا نقول أن الولايات المتحدة غُلبت في العراق من قبل أسرائيل والدويلة الخليجية التي باشرت بحرق المؤسسات العراقية إنتقاما، وكذلك الدولة الإقليمية التي باشرت بالتدخل لحرق المؤسسات وسرقة محتويات المخازن والأسلحة والمؤسسات الحكومية، وإن من يتحمل المسؤولية هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا ، وحتى أن نسبة التبديل بالقيادات في المانيا واليابان لم تكن إجتثاثا ،بل كانت خفيفة وسطحية، أي شملت بعض القيادات والمسؤولين، أما في العراق فلقد سُرّح الجيش تماما ،ونهبت مؤسساته، وصدر قانون إجتثاث البعثيين والمسؤولين العراقيين السابقين ، أما من ناحية الأمن فلم تكن هناك مشكلة أمنية في اليابان والمانيا مثلما هو حاصل في العراق.
ولكن الوزير كيسنجر لا يوافق على زيادة القوات ، ويختلف في هذا مع ( جون ماكين) الذي يطالب بزيادة القوات الأميركية في العراق ، ولكننا نعتقد بأن زيادة القوات واجبة إن كانت النيّة البدء بحرب خاطفة ضد المليشيات الحزبية والطائفية من أجل نزع سلاحها ،وتحجيم دور السياسيين الطائفيين والإنفصاليين، وجعل السلاح بيد الشرطة والشروع بجدولة إنسحاب تزامنا مع ولادة حكومة عراقية تشمل جميع الأطياف العراقية، مع شرط فرض القانون بالقوة وفي جميع مدن العراق، وإنهاء مبدأ أن تدار المحافظات من قبل أهلها لأن هذا المبدأ قد ولد فرض إقطاعيات وعصابات لا تريد العمل من أجل المحافظة والناس، بل من أجل أحزابها وأقرباءها وأصدقائها فقط ..فالعودة لنظام المركز هو الحل ،مع فرض الحصص من الثروات للمحافظات، وحسب تعداد السكان وحاجتها للتنمية ،وضمن فرق فنية محددة وبإشراف دولي تقوم بتقديم التقرير عن كل محافظة، وتحديد وبيان حاجتها من الأموال والثروات من أجل النهوض بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.