أكثر من 50 مليون دينار قيمة «الخبز البايت» المهدر والمخابز تزيد الماء للخبز الموجه للعطّارة لهذه الأسباب مسح شامل للمخابز شمل إلى حد الآن 5 ولايات بغاية تشخيص واقع القطاع ثم التفكير في إصلاح نظام الدعم تونس الاسبوعي: نفى رئيس الغرفة الوطنية لأرباب المخابز في اتصال هاتفي مع «الاسبوعي» ما يتردد على ألسن بعض أصحاب المخابز بأن النيّة تتجه لتحديد حصص من الفارينة المدعومة لاصحاب المخابز مع نهاية هذا الشهر ولو أنه تمنّى ذلك.. وعزى هذه الاشاعات الى خلط في أذهان بعض الخبازة على خلفيّة المسح الشامل الذي تقوم به وزارة التجارة والصناعة التقليدية بمشاركة غرفته للوقوف على حقيقة أنشطة المخابز والكيفية التي يتم بها تحويل الفارينة المدعومة. مسح وطني وقد شمل هذا المسح الى حدّ الآن 5 ولايات على حدّ تعبيره «حيث تم بالاعتماد على فرق مشتركة الاتصال بالمخابز مخبزة مخبزة.. والاطلاع على عدد أكياس الفارينة المحوّلة يوميا والكيفية التي تحوّل بها خبز كبير أو باقات أو مبسّس أو أشكال أخرى من الخبز كالفنكوش وخبز الزيتون وبعض الاصناف من الحلويات كالرواسان..» وسيتواصل حسبما أفادنا به مدة أخرى بما يمكّن من تغطية كامل تراب الجمهورية والاطلاع بدقّة على حال الانتاج عموما والحاجيات الحقيقية لكل منطقة من أصناف الخبز وفقا لما ينتجه الخبّازة. إصلاح نظام الدعم ويتطابق ما صرّح به رئيس الغرفة مع ما أفادنا به مصدر رفيع المستوى بسلطة الاشراف إذ نفى النيّة في تنقيص التزويد بالفارينة المدعومة نهاية الشهر واعتبرها إشاعة مماثلة لم تمّ الترويج له حول الخميرة.. وقال أن الغاية من المسح الوطني هو معرفة واقع القطاع بغاية تحسين مسالك الدعم إذ كان لأرتفاع اسعار الحبوب عالميا انعكاس واضح على صندوق الدعم الذي تفاقم عجزه في المقابل يتضح ان الفارينة المدعومة لا تحوّل كلّها فيما خصصت له.. وقد كشف المسح الى حد الآن وجود بعض المخابز المغلقة بما يعني اتخاذ الاجراءات اللاّزمة لمنع تزوّد أصحابها بالفارينة المدعومة.. وعموما فإن الهدف الرئيسي من المسح هو تشخيص الواقع ثم التفكير في اصلاح نظام الدعم بما يعني تحسين استهداف الدعم لفائدة المستحقين. العمل برويّة ولم ينف مصدرنا نية سلطة الاشراف تشديد المراقبة بحكم أنّ كلفة كيس الفارينة في حدود ال 50 دينارا ويباع ب 29 دينارا فقط بما يشجع على استعماله في شتى أشكال التحويل التي لم ينصص عليها الدعم.. لكن تشديد الرقابة وحده لا يكفي إذ أن المرحلة القادمة ترمي الى مزيد تنظيم القطاع وفقا لمتطلّبات الواقع وهو ما سيتم تدارسه مع المهنة ثم عرضه على الحكومة.. ورغم أهمية ما تنفقه الدولة في الدعم فإن سلطة الاشراف غير مستعجلة بل ستعمل برويّة لتجنّب أية انعكاسات سلبيّة. الحدّ من الاهدار وتطابق وجهة نظر المصدر مع وجهة رئيس الغرفة الوطنية لأرباب المخابز الذي أكد لنا أن عملية المسح ستليها استشارة للمهنيين على ضوء مقترحات تعرضها سلطة الاشراف مؤكدا في الآن نفسه أنه آن الأوان لوضع حد للاهدار فعلى حدّ تعبيره يلقي أصحاب المخابز سنويا ما قيمته 30 مليون دينار من الخبز المدعوم في الزبالة وفي الواقع تباع كعلف للحيوانات واذا ما اعتبرت الكلفة الحقيقية للخبز فإنّ الخسارة ترتفع الى أكثر من 50 مليون دينار.. دون اعتبار لما تلقيه العائلات.. العطارة في قفص الاتهام ولم ينف محدّثنا مسؤولية أرباب المخابز في هذا الاهدار رغم ما يكلّفهم من خسائر لكنه حمّل المسؤولية كاملة للعطّارة الذين يفرضون شروطهم على أصحاب المخابز.. فهؤلاء على حدّ تعبيره هم مسلك التوزيع الوحيد للمخابز اذ تباع 90% من الكميّات المنتجة عبرهم والبقية تباع مباشرة للمستهلك في المخبزة.. ونظرا لكثرة عدد المخابز على حدّ تعبيره ونظرا لدخول العطار في الربح وخروجه من الخسارة كما يقول المثل الشعبي فإن هذا الاخير يملي شروطه على الخباز من ذلك تمكينه من هامش ربح في حدود ال 40 مليما للخبزة في حين لا يتجاوز هامش ربح الخبّاز ال 10 مليمات وكذلك فرضه ارجاع الكميّات التي لا تباع وهو ما يمثل السبب الرئيسي للاهدار على حدّ قوله. إضرار بالجودة لكن كيف يرضى الخبّاز ان يبيع بالخسارة؟ عن هذا يجيب محدثنا بأن هناك من أصحاب المخابز من يريد تكسير الآخرين عبر إغراق المحلات التجارية بالخبز وتمكينهم من هامش ربح سخي بما يضرّ فعلا بالبقية ويضرّبه أيضا.. لكن هناك العديد من الخبّازة الذين يزيدون في كميّات الماء في العجين بما يكثر من «اللبابة» بحيث يقلل من كميّة الفارينة ومن جودة الخبز وهو عادة ما يقوم بهذا التجاوز في الكميّات الموجهّة للعطارة ويعرضون الجيّد لما يروّجونه بمخابزهم. إصلاح جذري ودعا محدثنا الى مزيد تنظيم القطاع والحدّ من منح الرخص مؤكدا أن هناك فائضا في عدد المخابز مما كان وراء التجاوزات الحاصلة والمنافسة غير الشريفة وقال بصريح العبارة «ندعو لحماية الخبّاز من العطار وأرباب المخابز المخالفين» كما دعا المستهلك للاقبال على اقتناء الخبز مباشرة من المخابز» لكن هل تكفي هذه الدعوة وحدها لاصلاح حال القطاع والحدّ ممّا تنفقه الدولة من دعم في غير محلّه أم ترى أن الحاجة أصبحت ملحّة لاتخاذ اجراءات عملية جديدة يفرضها واقع الحال بعيدا عن الاجراءات التقليدية المعتادة والتي قوامها «زيد الماء زيد الدقيق».. يبدو أن النيّة هذه المرّة صادقة للقيام باصلاح جذري لكن علينا الانتظار لنرى. حافظ الغريبي