غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوامش على دفتر الثورة..
ملف: 14 جانفي 2011 .. 14 جانفي 2013 - مناضلون ومناضلات على إيقاع الثورة
نشر في الصباح يوم 14 - 01 - 2013

- رغم مرور عامين على الثورة، فان ذاكرتنا ما زالت تختزن أدقّ تفاصيل هذا اليوم، وما زالت الأسئلة الحارقة تطرح كذلك حول هذا اليوم الذي نعتقد أن كل أسراره لم تكشف بعد..
لكن بعيدا عن القراءات السياسية لهذا اليوم الذي أنهى عهدا من الديكتاتورية وبشّر بولادة دولة الديمقراطية برزت أحداث أو "هوامش" لا فتة للنظر لشخصيات سياسية وحقوقية لم تتوار وراء خطاب مهادن للسلطة وعبّرت بصراحة عن موقفها من النظام دون وجل أو خوف.. ومن بين هذه الشخصيات طارق المكي والذي رحل مع الساعات الأولى لسنة 2013 في صمت رغم مشاركته "الصاخبة" في الثورة.. ناهيك وأنه منذ 2007 ما فتىء يهاجم بن علي ونظامه ومنذ الشرارة الأولى للثورة كان أوّل من رفع في وجه المخلوع شعار ديقاج.. لكن سياسيي اليوم لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء حضور جنازته..

النخب السياسية زمن الثورة
بين مهادنة النظام.. ومطالبته بالرحيل
إذا كانت ردّة فعل الجماهير هي الرفض المطلق لوعود بن علي، فإن بعض النخب السياسية زمن الثورة طالبت بضمانات لتنفيذ هذه الوعود، رغم تمسّك الاتحاد التونسي للشغل بالاستمرار في إضرابه المفتوح لمساندة الاحتجاجات الى جانب المحامين حينها..
فقد رحّب أحمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي بخطاب بن علي يوم 13 جانفي، ووصف القرارات التي اتخذها الرئيس بأنها غير متوقعة، مضيفا "إن هذا ما تطالب به المعارضة منذ فترة طويلة، وأن تعهّد الرئيس بعدم خوض الانتخابات أمر طيّب". ربما لهذا السبب غازل وزير الخارجية كمال مرجان الشابي، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قال فيه "إن تشكيل حكومة وحدة وطنية أمر ممكن في وجود أمثال أحمد نجيب الشابي". لكن حينها رفض راشد الغنوشي في مكالمة مع قناة الجزيرة ما جاء في خطاب بن علي جملة وتفصيلا، كما رفض الخطاب كل من حزب العمال التونسي، والمؤتمر من أجل الجمهورية، الذي يقوده المنصف المرزوقي، والذي صرّح واصفا خطاب بن علي بأنه مثير للشفقة قائلا آنذاك: "نحن شاهدنا شخصا كان يستجدي ويكذب، يقول عنهم غلطوه وليس لديه علم، وهو يعلم بكل شيء، وكان مثيرا للشفقة لأنه كان يستجدي"..
والأحزاب التي رفضت خطاب بن علي، هي المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة النهضة وحزب العمال الشيوعي.. وبعض الشخصيات السياسية كطارق المكي.. أما الطرف الباهت في الانتفاضة، فقد مثلته الأحزاب السياسية المعترف بها، التي كانت في ذيل "الانتفاضة الشعبية". فكل الأحزاب السياسية المعترف بها، والتي تعرف بالصورية او الكرتونية، كانت إلى آخر اللحظات تراهن على صمود الرئيس المخلوع في وجه الانتفاضة، وتطالب ببعض الإصلاحات في الوقت الذي كانت فيه الهتافات في الشارع تنادي برحيل بن علي...

حمة الهمامي
أخر معتقل سياسي زمن حكم بن علي
قام البوليس السياسي باعتقال حمّه الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي يوم 12 جانفي 2011. ويأتي هذا الاعتقال إثر البيان الذي توجه به حزب العمال إلى الشعب التونسي وقواه الديمقراطية داعيا إياهم إلى "تكتيل الصفوف حول بديل مشترك لنظام الاستبداد" ومناديا ب"رحيل بن علي عن السلطة وحلّ مؤسّسات الحكم الحاليّة الصّوريّة وتشكيل حكومة وطنيّة مؤقتة تنظّم وتشرف على انتخابات حرّة ونزيهة ينبع منها مجلس تأسيسي مهمّته سنّ دستور جديد للبلاد يضع أسس الجمهوريّة الديمقراطيّة الجديدة والحقيقيّة التي تكرّس سيادة الشعب وتضمن فعليّا الحريّة والديمقراطيّة واحترام حقوق الإنسان والمساواة والكرامة، وتنتهج سياسة اقتصاديّة واجتماعيّة جديدة وطنيّة وشعبيّة توفّر الشغل ومقوّمات العيش الكريم لكافّة أبناء الشعب وبناته وتقضي على دابر الفساد والمحسوبيّة والتمييز الجهوي.."وتابع الهمامي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حكم بن علي القمعي من قبو وزارة الداخلية وأطلق سراحه عشية 14 جانفي والنظام يلفظ أنفاسه الأخيرة.

عبد الرؤوف العيادي وشكري بلعيد
دائما.. في قلب الحدث
الأستاذان شكري بلعيد وعبد الرؤوف العيادي ورغم اختلافهما الفكري والايديولوجي إلاّ أن ما يميزهما دائما هو جرأة المواقف والتصريحات، وفي الثورة كان حضورهما لافتا للانتباه سياسيا وكذلك في اطار تحرّكات قطاع المحاماة الذي اعتبر رافدا مهما في نجاح الثورة..
في صباح يوم 29 ديسمبر 2010 تمّ الإفراج عن الأستاذين عبد الرؤوف العيادي وشكري بالعيد على الساعة السابعة وذلك على خلفية اعتقالهما بعد تصريحاتهم النارية تجاه بن علي ورموز نظامه ومساندتهما للتحركات الشعبية في كل من سيدي بوزيد وبوزيان والرقاب وحسبما أفاد به الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لمنظمة حرية وإنصاف عن كيفية إيقافه، فإن سبعة أشخاص بلباس مدني من البوليس السياسي هاجموا بيته بضاحية منوبة وانهالوا عليه وعلى ابنيه ضربا مبرحا ومزقوا له ملابسه واقتادوه عنوة في سيارة معصوب الرأس والعينين حافي القدمين، حتى أغمي عليه من شدّة الضرب والخنق ووقع إسعافه بقارورة عطر وقد سمع أحدهم يقول: ''خذوه إلى الجبل'' ثم أوصلوه إلى مكتب لا يعرف موقعه وهناك تركوه جالسا على كرسي حتى ساعة متأخرة من الليل ثم نقلوه إلى غرفة أخرى حيث التقى الأستاذ شكري بلعيد وفي الصباح وقع إطلاق سراحهما.
وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ عبد الرؤوف العيادي تبدو على كتفيه وظهره جروح وكدمات نتيجة الاعتداء عليه بالعنف الشديد..
كما تمّ إيقاف المناضل السياسي عن حزب العمّال الشيوعي عمار عمروسية صبيحة نفس اليوم بمدينة قفصة.. بالإضافة إلى عدد آخر من المناضلين تمّ اعتقالهم تباعا وطوال فترة التحرّكات الشعبية إلى حين سقوط النظام يوم 14 جانفي.

راضية النصراوي وميّة الجريبي مناضلات الصف الأول..
رغم موقف الحزب الديمقراطي التقدّمي والذي بدا متردّدا أثناء الثورة في حسم موقفه ومطالبة بن علي صراحة بالرحيل والتنحّي عن الحكم إلاّ أن مية الجريبي الأمينة العامة للحزب لم تتردّد للحظة في الانضمام الى الجماهير الثائرة يوم 14 جانفي بشارع الحبيب بورقيبة لتصدح بصوتها عاليا وترفع شعار ديقاج في وجه بن علي وزبانيته وهي مرفوعة على أعناق مناصريها.. مية الجريبي التي لم تخنع ولم تخضع لنظام الطاغية طوال مسيرتها النضالية والتي احتكرت من خلالها صفة مناضلة الصف الأوّل في تعبير عن نموذج مشرّف للمرأة التونسية ولكفاحها الوطني..
كما أنه ومنذ الصباح الباكر ليوم الهروب الكبير -14 جانفي كانت راضية النصراوي من أولى المتجمعين أمام مقرّ وزارة الداخلية بمعية ريم الحمروني زوجة محمد مزام القيادي في حزب العمال وذلك للمطالبة باطلاق سراح زوجها حمّة الهمامي زعيم حزب العمال وكذلك رفيقه محمّد مزام وكان صحبتهما الكاتب والمناضل السياسي جلول عزونة.
واعتقل حمّة الهمامي بعد أن دعا حزب العمال الى رحيل بن علي.. وتكريس رغبة الشعب في تغيير النظام السياسي الدكتاتوري وإقامة النظام الديمقراطي.
وكان حزب العمال، الحزب الوحيد داخل تونس الذي عبر عن مثل هذا الموقف في ذاك التوقيت، لأن الأحزاب الأخرى كانت تطالب بالاصلاح السياسي مع بن علي وتحت إشرافه.
وقعت مداهمة منزل الهمامي وكسّر الأعوان باب المنزل واعتقلوا من كان في الشقة وهم محمد مزام ومنية عبيد صديقة العائلة.
وأخذوهم إلى مقرّ وزارة الداخلية وتحديدا مقرّ سلامة أمن الدولة حيث بقي حمة الهمامي طيلة ثلاثة أيام مغلول اليدين ليلا ونهارا ووقع سؤاله في البداية عن بعض تصريحاته لوسائل الاعلام، التي فيها دعوة الى تغيير نظام الحكم.. وقد رفض الاجابة عن أي سؤال.. وبعد ذلك نقل الى أحد المكاتب وفي الليل الى كهف الوزارة ولم يقع استجوابه من جديد..
وقد ذكر الهمامي في تصريحات مختلفة أنه حوالي الساعة الواحدة والنصف من يوم 14 جانفي، سجلت حركة اضطراب شديدة في صفوف الأعوان الذين كانوا يركضون في الممرّات ويصيحون: "هجموا على الداخلية.. هجموا على الداخلية.. سكّر الباب.. سكّر الباب".
وحوالي الثالثة والنصف من مساء نفس اليوم اقتيد حمّة الهمامي الى مكتب المسؤول الأول عن فرقة سلامة أمن الدولة الذي كان مرفوقا بمسؤول آخر، ليتمّ إثر ذلك إطلاق سراحه.

المحامون والنقابيون «قاطرة» الحرك الشعبي..
المحامون في ثورة 14 جانفي
أصحاب الزي الأسود مهدوا للموعد الحاسم
في ظل الدور المحوري الذي لعبه المحامون خلال الثورة حيث اتخذت مشاركاتهم في الاحتجاجات بعدا رمزيا كبيرا اعتبره البعض "لا مثيل له" فان دورهم الريادي نقش باحرف براقة على صفحات التاريخ بعد قرارهم الانضمام لمطالب الشعب في مشاهد ملحمية ستظل راسخة في الذاكرة انطلقت بخطاب خالد عواينية أمام مقر ولاية سيدي بوزيد وختمها الناصر العويني بتلك العبارة الشهيرة بشارع الحبيب بورقيبة "بن علي هرب" لكن دور المحامين في حماية الثورة مازال متواصلا.
والواقع ان هذا الدور التاريخي انطلق منذ اقدام المرحوم البوعزيزي على حرق نفسه يوم 17 ديسمبر امام مقر ولاية سيدي بوزيد حيث كان المحامي خالد عواينية "الرأس المدبر" والمنظم لأول تحرك شعبي احتجاجا على سياسة التجاهل واللامبالاة التي دفعت البوعزيزي الى حرق نفسه.
خطاب تاريخي
وفي حديثه ل"الصباح الأسبوعي" عاد عواينية بذاكرته الى الساعات الاولى لحادثة اقدام البوعزيزي على حرق نفسه مؤكدا انه كان حريصا على التحول الى مكان الحادثة الذي عمته الفوضى. واضاف "حاولت صحبة بعض النقابيين واهالي البوعزيزي وتجار وفقراء ومهمشين تنظيم المحتجين ورفعنا شعار "بالروح بالدم نفديك يا محمد" مطالبين الوالي بالخروج. وامام تجاهلنا واصلنا اعتصامنا وكنا نتابع أخبار البوعزيزي الذي تم نقله الى مستشفى صفاقس حيث قام في الاثناء بعض التجار برمي مقر الولاية بالبرتقال من عربة البوعزيزي"
وكشف عواينية ان السلطة ارادت تحضير ضربة استباقية تجنبا لكل التطورات فكونت لجنة بسرعة عجيبة تتركب من الوالي وعضو مجلس نواب تجمعي وكان من المبرمج ان تتناقش مع الناس في اجتماع عام لامتصاص غضب الرأي العام لكنه استغل الظرف لالقاء خطاب تاريخي تفاعلت معه الجموع الغاضبة. وتابع هنا قائلا "باعتبار ممارستي للعمل السياسي بكلية الحقوق وسبق لي ان خطبت من على حجرة سقراط فقد انفتحت قريحتي وتحدثت عن الفساد والرشوة وغياب التنمية في خطاب تحريضي وبعدها تدخل الامن بالهراوات لتفريقنا. ولا انكر ان تدخلي اعطى شحنة قوية جدا لبقية الناس حيث تواصلت المواجهات واتسعت تدريجيا للاحياء ثم المعتمديات".
دخول المعركة
وحول الدور الريادي للمحامين في الثورة شدد عواينية على ان الشهادات والفيديوهات التي تم تناقلها عبر الفايسبوك لأول تحرك قاده تمثل دليلا ساطعا وردا قويا على بعض الاطراف التي حاولت الركوب على الاحداث والادعاء بدورها المزعوم في انطلاق شرارة الثورة. واضاف "تمّ تركيز سيارة أمن امام بيتي ومحاصرة مكتبي ببعض اعوان البوليس كما قطعوا عليّ الانترنات.. وشرعنا في التحرك الفعلي صحبة بعض المحامين منهم معز الصالحي, محمد منصري, الطاهر التليلي والجلالي وغيرهم وقد استدرجنا بقية المحامين للمشاركة في وقفة احتجاجية كانت ناجحة الى حد ان قناة الجزيرة قالت "المحامون يدخلون المعركة" ثم تطورت تحركات المحامين في عديد المدن حيث نزل محامو القصرين الى الشارع واتسعت بعد ذلك رقعة تحركاتهم وكان دورهم بارزا في سقوط النظام".
محاولة الركوب
وحول ادعاء بعض قيادات حركة النهضة وخاصة المنصف بن سالم ان من اشعل فتيل الثورة بسيدي بوزيد ينتمي الى حركة النهضة وهو من اولاد بن علي قال عواينية "هذه مغالطات ومحاولة ركوب على الحدث والالتفاف على الثورة.. هذا الشخص لا اعرفه والمئات الذين حضروا ايام 17 و18 و19 ديسمبر يشهدون انه لا وجود لأثر هذا الشخص وكل شيء موثق.. رايات الاحزاب كانت منكسة وتاج الشرف يوضع على الشبيبة شباب احياء النور والرفالة واولاد بلهادي واحياء المفقرين بكل ارجاء سيدي بوزيد.."
واكد عواينية ان 17 ديسمبر هي حالة خاصة احدثت تسونامي وزلازل على مستوى النظريات الفكرية والسياسية السائدة في العالم أبرزها ان الحزب كأداة للصراع الاجتماعي لم يعد مجديا فكلما كان حزب في الشارع الا وضرب على يديه لان الحزب اليوم صالح لتنظيم عناصره داخليا لكن في مواجهة الواقع أمر اخر.
وفي سياق اخر قال عواينية ان المشهد السياسي الرسمي الان لا يتناغم مع تطلعات الجماهير خاصة في ظل الهوة الكبيرة التي افرزها بين الشباب والممسكين بالمشهد الرسمي حكومة ومعارضة.
دفع معنوي
وبعيدا عن سيدي بوزيد مثلت تحركات المحامين في اغلب المدن دفعا معنويا وشحنة للجماهير لتنخرط في التحركات الشعبية التي لم يقدر نظام الرئيس المخلوع على مواجهتها ولابد ان تعود بنا الذاكرة الى المشاركة الفعالة للمحامين لمظاهرة 14 جانفي التي أسقطت النظام ودفعت بن علي الى الهروب في سيناريو غريب ومفاجئ. وتواصل الدور الريادي للمحامين حتى بعد 14 جانفي من خلال جمعيات حقوقية ساهمت في نجاح المسار الانتقالي الى حد الان بل ان جمعية مثل مجموعة 25 محاميا كان دورها فاعلا في ملاحقة رموز الفساد قضائيا والزج بهم في السجن.
وكان قاضي التحقيق بالمكتب الاول بالمحكمة العسكرية الدائمة قد استمع إلى أقوال عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني على خلفية المكالمة التي جرت بينه وبين بن علي يوم 10 جانفي حيث أكد الكيلاني ان المكالمة بلغت طريقا مسدودة بعد احتجاجه على سياسة القتل التي توخاها النظام وطلب من الرئيس المخلوع اصدار تعليماته بشكل فوري لوقف اطلاق النار ضد المواطنين لكن بن علي تشبث بدفاع اعوان البوليس عن انفسهم رغم ان الكيلاني اكد له ان من ينقل المعطيات "يغالطكم".
محمد صالح الربعاوي

من طالب جراد بمقابلة بن علي؟
منذ أن تبنى التحركات في الجهات أصبح الاتحاد العام التونسي للشغل مؤطرا للمسيرات والاحتجاجات وقد اتخذ من مقراته وهياكله منطلقا للاحتجاجات والمسيرات وانعقدت هيئات ادارية اقرت مجموعة من الاضرابات الجهوية بسليانة وجندوبة والقيروان وسيدي بوزيد والقصرين... وصفاقس، وهو اكبر اضراب عام..
وانعقدت بتاريخ 4 جانفي 2011 هيئتان اداريتان تم خلالهما اقرار اضرابات جهوية وقطاعية دورية ومنها الاضراب العام الجهوي بصفاقس يوم 12 جانفي والذي كان اضرابا ناجحا ومزلزلا من خلال المسيرة التي ضمت الآلاف وتجدد خلالها الخطاب السياسي من حيث المطالب وتوصيف الواقع، وكان هذا الاضراب العام الجهوي حاسما حيث حول المعركة الى مطالب سياسية.
وكانت مطالب الاتحاد اخلاء سبيل الموقوفين وايقاف اطلاق النار على المتظاهرين والمحتجين وفتح مفاوضات مع الجهات، في الاثناء كلفت الهيئة الادارية الأمين العام للاتحاد آنذاك عبد السلام جراد لمقابلة بن علي لتبليغ صوت الشعب لكن جراد تردد آنذاك معتبرا ان الوقت غير مناسب ولا يمكنه مقابلة الرئيس السابق في وقت يتم فيه اطلاق الرصاص على أبناء الشعب التونسي... لكن الهيئة الادارية حددت جملة من المطالب السياسية (على اعتبار انه لا أحد آنذاك كان يعتقد ان بن علي قد يهرب ويسقط نظامه(.
مشاورات مع المعارضة والمنظمات
قبل ملاقاة جراد للرئيس السابق كان لأمين عام اتحاد الشغل خلال الفترة الممتدة بين 9 و12 جانفي 2011 لقاءات بأحمد ابراهيم ونجيب الشابي وعدة وجوه سياسية من المعارضة وخاصة من المنظمات وخاصة مختار الطريفي رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الانسان وعميد المحامين عبد الرزاق الكيلاني وكان جميعهم متفقا على أن الوضع المحتقن يحتاج لاصلاحات سياسية..
تكتيك الاضرابات الجهوية
أما خلال اللقاء مع بن علي أعلم جراد موقف الهيئة الادارية المتمثل في مساندتها للحركات الاجتماعية وللاتحاد مطالب سياسية مؤكدا له انه لا تراجع عن الاضراب العام الجهوي بتونس الكبرى يوم 14 جانفي رغم انه محدد بساعتين...
وذكر احد اعضاء الهيئة الادارية آنذاك (والذي أكد ان كل التسجيلات موجودة وموثقة) بأنه كان للاتحاد خياران لا يمكنه التنازل عنهما وهو اعتماد تكتيك الاضرابات الجهوية وايضا فتح باب التفاوض لاطلاق سراح المعتقلين ووقف اطلاق النار واستغلال القضاء وفتح باب الحوار مع الاحزاب.. كما أفاد نفس العضو النقابي أن الاضراب العام باقليم تونس الكبرى كان محددا بساعتين لتفادي المصادمات حيث كانت المنظمة الشغيلة تتوقع تكرار سيناريو 26 جانفي 1978 حيث تقع محاصرة المنظمة الشغيلة وادخالها في أزمة لكن استمرار المظاهرات وخاصة في احياء العاصمة كان الضامن لتواصل الاضراب العام... زيادة على ذلك فإن امتداد هذه المظاهرات الى الاحياء الشعبية سارع بسقوط النظام السابق..
جدير بالذكر أنه بالتوازي مع التحركات في الجهات كانت المسيرات والاحتجاجات في بطحاء محمد علي قد رفعت شعارات مناهضة للنظام وللطرابلسية..
كما تم تكليف عدد من الأمناء العامين المساعدين بزيارة الجهات التي تعرف تحركات لمزيد تأطير الاحتجاجات وخاصة في تالة والقصرين وسيدي بوزيد...
عبد الوهاب الحاج علي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.