مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    الإنطلاق في تكوين لجان جهوية لمتابعة تنفيذ برنامج الشركات الأهلية    عميد المحامين يدعو وزارة العدل الى الالتزام بتعهداتها وتفعيل إجراءات التقاضي الالكتروني وتوفير ضمانات النفاذ الى العدالة    جمعية "ياسين" لذوي الاحتياجات الخصوصية تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية في انتعاشة لهذه السياحة ذات القيمة المضافة العالية    اختتام الصالون الدولي 14 للفلاحة البيولوجيّة والصناعات الغذائية    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة "تستقطب اكثر من 5 الاف زائر.    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية خلال مؤتمر رابطة برلمانيون من اجل القدس باسطنبول    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة انقلترا - غالاغر يمنح تشيلسي التعادل 2-2 أمام أستون فيلا    بطولة ايطاليا : تعادل ابيض بين جوفنتوس وميلان    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط حفظ الصحّة    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين العام الجديد لاتحاد الشغل ل"الصباح" :هذه الحكومة تنقصها الجرأة..
نشر في الصباح نيوز يوم 24 - 02 - 2017

نحن نقيّم الوضع، نمنح الفرصة، نتفاوض، ونمنح وقتا للتدارك دون استهداف شخصي لأي كان.. لكن المسؤول غير القادر على حماية مصالح الشعب لا نخجل منه ونقول له أنت غير قادر أن تكون مسؤولا..، بهذه الكلمات لخّص الأمين العام الجديد لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي في أوّل حوار صحفي يُدلي به لصحيفة تونسية، فلسفة الاتحاد في التعاطي مع الطرف الحكومي..، هذا التعاطي الذي بلغ في بعض القطاعات نفقا مسدودا، كقطاع التربية الذي بدا أن لا بديل عن الأزمة إلا إقالة الوزير ناجي جلول، ومن خلال هذا الحوار المطوّل للأمين العام، بدا جليّا أن القيادة المركزية تساند نقابتي الأساسي والثانوي حتى في مطلب الإقالة.. وقد تطرّق الطبوبي من خلال هذا الحوار لعدّة ملفات حارقة، كالعلاقة مع الحكومة ومدى التزام الاتحاد الممضي على وثيقة قرطاج في دعم حكومة الوحدة.
كما تطرّق الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل لملف المفاوضات في القطاع الخاصّ مع الأعراف، ولوضعية الصناديق الاجتماعية، بالإضافة إلى ملف التهرب الجبائي الذي يكلّف الدولة آلاف المليارات، كما عرّج على التدمير الممنهج للقطاع العمومي الذي تقف وراءه الحكومة وبعض الأحزاب لمآرب وغايات معينة، ومنها التوجّه لخوصصة قطاعات عمومية حيوية...
* اليوم ما موقف القيادة المركزية لاتحاد الشغل من مطالبة نقابتي الثانوي والأساسي بإقالة وزير التربية ناجي جلول، خاصّة على ضوء الاتهامات الأخيرة التي رأت في هذه المطالبة ممارسة للفعل السياسي وليس الفعل النقابي في بعده المهني والاجتماعي؟
-من يتساءلون اليوم عن علاقة الاتحاد بإقالة وزير والزعم بأن هذا الدور هو دور سياسي ليس من مشمولات الاتحاد، أريد تذكيرهم بأمر، أولا بمحطّة الحوار الوطني،ألم يلعب الاتحاد دورا سياسيا، ألم تشارك كل القوى السياسية والحزبية والمنظمات الوطنية في ذلك الحوار قصد إخراج تونس من المأزق والأزمة آنذاك، وتم تغيير حكومة بأكملها، ثم بعد الثورة كم من حكومة تغيّرت بسبب إخفاقها في حماية مصالح الشعب التونسي اجتماعيا واقتصاديا وفي كل المجالات..، كذلك أريد تذكيرهم أليست وثيقة قرطاج التي دُعي الاتحاد للمشاركة فيها وثيقة سياسية بامتياز تضمنت خيارات وبرنامج حكومة الوحدة الوطنية..، ألم يلعب الاتحاد أدوارا سياسية في كل هذه المحطات؟
* على ذكر وثيقة قرطاج،هناك اليوم من يرى أيضا أن الاتحاد اخلّ بالتزاماته في وثيقة قرطاج بدعم حكومة الوحدة الوطنية، وأن مطالبتكم بإقالة وزير التربية تراجع عن الالتزام وإرباكا للعمل الحكومي؟
-قبل الإجابة على هذا السؤال، أريد التعريج على النظام الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل الذي عرّف الاتحاد بكونه منظمة ديمقراطية وطنية ولم يقل أنها منظمة اجتماعية مهنية دورها البحث عن زيادة بضعة دنانير في أجور العمّال، الدور الوطني الذي هو ارث تاريخي ودور ريادي تقاسمته أجيال من النقابيين والعمال، وفرحات حشّاد لم يقل أحبك يا عامل بل قال أحبّك يا شعب وهو ما يعني أن الاتحاد في عمق مشاغل الشعب التونسي، وعندما نتحدّث عن السياسية فالاتحاد يُمارس في السياسية من منظور اجتماعي، فالتداعيات السلبية للخيارات الاقتصادية تمسّ مباشرة بالوضع الاجتماعي وبالتالي عندما يكون للاتحاد موقف من ذلك فلا يعني أنه يُمارس في السياسة بل يُمارس في دوره الاجتماعي.
* لنعد إلى أزمة قطاع التربية.. كيف سيكون حلّ هذه الأزمة في تقديرك؟
-نحن نؤكّد أنه ليست لدينا مشكلة ذاتية أو خصومة شخصية مع أي وزير..
* ولكنكم تتمسكون بإقالة الناجي جلول؟
-سنأتي على هذه المسألة، ولكن نحن عندما نقيم عمل ما، فنحن نقيمه بالأداء وبالمضامين وبالنتائج أيضا. مشكلة كل الحكومات المتداولة مع الاتحاد، أن الاتحاد يعرف جيّدا المضامين والتوجهات لكل منها، فإذا كانت بعض الأمور تنطلي على الشعب وعلى الرأي العام فان الاتحاد الذي له من أدوات التحليل العميق والقراءة الجيّدة لكل المواقف لا يمكن أن تنطلي عليه بعض التوجهات أو أن تستغفله هذه الحكومات، فالإصلاح التربوي الذي يتشدّق به وزير التربية اليوم لا يكون بجرّة قلم أو بتهيئة مدرسة وبعد ذلك يقوم بضجّة إعلامية ومن ثمة يتحدّث عن انجازاته، اليوم أغلب المؤسسات التربوية الثانوية والابتدائية أوضاعها مزرية وتفتقد لأدنى الضروريات.
* كيف يجب أن يكون الإصلاح في تقديرك؟
-إصلاح التعليم يكون على مدى طويل قد يستغرق ثلاثين وأربعين سنة قادمة، ويكون من خلال تقييم يرتكز في مقوّماته على حاجيات سوق الشغل وطاقة استيعاب الشعب العلمية مثلا، وكل ذلك في سياق من التدرّج ينطلق من التعليم الأساسي ليبلغ التعليم الثانوي ربما.. فهل يمكن بين عشية وضحاها أن ننجز إصلاحا يتعلّق بالمضامين في التعليم..، فوزير التربية يريد أن يربح نقاطا سياسية على حساب أبناء الشعب..
* ما الحلّ إذن في هذه الأزمة المستفحلة؟
-اليوم هناك حالة تعطيل كامل في منظومة التربية، فهل معقول أن يشبّه وزير التربية المربين بالإرهابيين، وهل يعقل أن يتهم الوزير المربين بأنهم يسندون أعدادا ب الرشوة ، فإذا ثبت لديك شيئا من هذا فلماذا لم تقم بمحاسبة المتجاوزين، وهل يعقل أن يقول وزير أن هناك أشخاصا اختصاصهم تربية حلزون يدرسون في أبناء الشعب،إذن أين أنت وأين الدولة.
* ما معنى ذلك إذن؟
-لم يعد هناك تواصل..، ومتمسّكون بإيجاد البدائل والخيارات لإعادة التواصل مع الطرف الحكومي.
* لنتحدّث بوضوح، يعني القيادة النقابية المركزية تتمسّك بإقالة جلول؟
-أجل نتمسّك بإيجاد البدائل.
* الحديث عن البدائل تعني أمرا واحدا هو الإقالة وإيجاد بديل لجلول؟
-البدائل من مشمولات السيد رئيس الحكومة أمام الوضع الصعب لقطاع التربية..،والتلميذ فوق الجميع وفوق كل التجاذبات،المصلحة تقتضي بديلا لجلول وغير جلول.
* بعد لقائكم الأخير برئيس الجمهورية أو برئيس الحكومة ورغم تصريح الجميع بما في ذلك وزير التربية بأنه باق هل هناك وعود بإقالة جلول لتهدئة الأجواء مع الاتحاد خاصّة وأن كاتب عام نقابة الثانوي لسعد اليعقوبي تحدّث عن مفاوضات مع الحكومة لإقالة الوزير؟
-المفاوضات دائما مطروحة مع الحكومة في عديد القطاعات هناك عديد الملفات العالقة، لقائي مع سيادة رئيس الجهورية، لقاء يأتي في سياق استقبال أوّلي تطرّقنا فيه إلى مواضيع تخصّ الشأن العام ولكن المسائل الخلافية تبقى من مهام رئيس الحكومة، وفي لقائي به تطرّقنا لهذه الإشكاليات منها تطبيق محاضر الاتفاقات في قطاعات مختلفة ومنها قطاع التربية الذي يعد قطاعا حسّاسا والحوار ما زال مفتوحا في إيجاد الحلول الكفيلة بتنقية المناخات الاجتماعية داخل وزارة التربية.
* ألا ترى أنكم بذلك تضعون الحكومة في موقف محرج فأنتم تتمسكون بالإقالة وإذا استجاب رئيس الحكومة لهذا الطلب فان ذلك يعني أن نقابة الثانوي هي من أقالت وزير التربية؟
-مصلحة التلميذ والمربين فوق كل اعتبار.. وأي وزير أو مسؤول لا تطيح به الاّ ممارساته الخاطئة ونتائج أدائه، ونحن ليس لنا مشاكل شخصية بل كل ما في الأمر أن النتائج بوزارة التربية كارثية بأتم معنى الكلمة..وسأكرّر لا أحد فوق الجميع،والمسألة ليست لي ذراع مع أي طرف، نحن نريد تغليب المصلحة العامة لا غير.
* كيف ستتصرّف القيادة المركزية إذا تمسّك رئيس الحكومة بعدم إقالة ناجي جلول؟
-دائما منهجيتنا في العمل هي الحوار والإقناع وقوة الحجة وطبعا للاتحاد قوّة تفاوض ولكن أيضا قوة نضال طبقا للتشاريع والقوانين التي تنظّم التحرّكات النقابية.. ونحن لا نستهدف هذا الوزير بعينه ولكن دفاعنا هو على المصلحة فمثلا نحن لدينا اتفاقيات والتزامات لم تنفّذ مع وزيرة الرياضة ولكن ما زلنا نتمسّك بالتفاوض.
* كيف تقيّم أداء الحكومة المنبثقة عن وثيقة قرطاج التي أنتم أحد الممضين عليها والملتزمين من خلالها بدعم الحكومة؟
-تقييمنا للحكومة لا يختلف فيه اثنان أن المعضلة الرئيسية هي عدم وجود رؤية واضحة في الخيارات التي تهم البلاد، فقطاع النقل يشكو صعوبات ووضعه متردّ، وبالنسبة للتربية وضع لا تحسد عليه، والمستشفيات العمومية أيضا وضعها متدهور وكل هذا مرتبط بعوامل منها أن نظام الحكم الحالي لا يسمح لحزب بقيادة البلاد، وكذلك فانه داخل الائتلاف الحكومي هناك تفكّك.
* هل لاحظتم تفكّكا داخل الائتلاف الحاكم؟
-أجل هناك تفكّك وليس هناك مسار موحّد للعمل الحكومي، وبرنامج مشترك لمجمل القضايا،والسبب أن ما ساد بعد الثورة أن الحصول على المناصب والمواقع كان من منطلق المحاصصة الحزبية والسياسية، لم نبحث على الكفاءة بل بحثنا عن الترضيات، والى اليوم ليس هناك قيادة حكيمة تُصارح الشعب بكل ما يُقال خلف الأبواب المغلقة...، يجب أن يكون هناك وضوح ومكاشفة كاملة حول حقيقة الأوضاع.
* ترى بعض الأطراف بأن الإضرابات في القطاع الخاص خلال السنوات الفارطة ساهمت في تعميق الأزمة الاقتصادية، ما تعليقكم على هذا الرأي؟
-يعلم الجميع أن القطاع الخاص يشغل أكثر من مليون ونصف مليون عامل في كامل تراب الجمهورية بما يعني أنه يمس تقريبا كل شرائح الشعب التونسي، كما أن القطاع الخاص في بلادنا هو قطاع واعد وله قدرة تشغيلية كبيرة بإمكاننا أن نطورها ونحسن مردوديتها، وحسب تقديري فان القطاع الخاص هو القاطرة التي تجر الاقتصاد الوطني، ونحن في اتحاد الشغل على وعي تام بحساسية هذا القطاع، وأولويتنا الأولى اليوم هي البحث عن سبل لخلق مزيد من فرص العمل في إطار دعم مجهودات كافة الأطراف للقضاء على ظاهرة البطالة.
كما أريد أن أشير إلى أننا في الاتحاد العام التونسي للشغل لسنا دعاة إضرابات واحتجاجات، على العكس نحن ندعو إلى الاستقرار الاجتماعي، الذي يمرّ ضرورة عبر توفير الظروف الملائمة للأجراء والعمال وتشجيعهم على مزيد الانتاج ونحن نسعى بكل الوسائل إلى تحقيق هذا الاستقرار الكفيل بضمان استمرار وزيادة مواطن الشغل في القطاع الخاص، والحفاظ على ديمومة المؤسسات، وبعد المؤتمر الأخير لاتحاد الشغل بعثنا برسائل ايجابية إلى منظمة الأعراف من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، وذلك لتفادي أي توترات وفي إطار إظهار حسن النوايا من قبلنا، وأيدينا مازلت ممدودة للحوار وقمنا خلال الجلسات الفارطة بشرح وضعية العامل اليوم الذي لم يعد قادرا على مجابهة متطلبات الحياة بأجر لا يتحاوز 450 دينارا، لكن العمال صبروا كثيرا وعلينا أن نمرّ إلى مرحلة الفعل الحقيقي ونتناول ملف القطاع الخاص بواقعية، وعلى الدولة تحمل مسؤولياتها في التصدي للتهرب الضريبي والجبائي ومكافحة التهريب، وعدم تحميل تبعات فشلها لاتحاد الشغل، لكن يبدو أن الحكومة ليست لديها الجرأة الكافية لمصارحة الشعب والمضي في اتخاذ القرارات اللازمة للخروج من الأزمة الاجتماعية والاقتصادية.
* بعد لقائكم الأخير برئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية من أجل إيجاد صيغة توافقية لمسألة الزيادة في أجور القطاع الخاص، ما هي آخر التطورات بخصوص هذا الملف؟
-بعد ماراطون من المفاوضات في القطاع الخاص كان لي لقاء مع رئيسة الاتحاد والصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، حاولت خلاله تقريب وجهات النظر بيننا من أجل التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف لكن إلى حد الآن لم نجد آذانا صاغية من قبل الطرف المقابل، وسيكون لي اليوم لقاء ثان معها نأمل أن يكلّل بالاتفاق، لكن وفي حال واصلت منظمة الأعراف سياسة الهروب إلى الأمام فان هياكل اتحاد الشغل ستجتمع في القريب العاجل لاتخاذ القرارات النضالية المناسبة للدفاع عن حقوق العمال في القطاع الخاص.
* إلى أين وصل مشروع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص؟
-نحن نعتبر أن القطاع العام هو صمام الأمان للبلاد لكننا منفتحون على الشراكة مع القطاع الخاص، شراكة حقيقية وليست شراكة صورية سلبية تعمل على تهرئة المؤسسات العمومية، ونحن نطلب من الأطراف ذات العلاقة تشريك الاتحاد وتشريك مختلف مكونات المجتمع المدني حتى لا تتكرر تجربة 1990 الفاشلة والتي مازلنا نعاني من تداعياتها السلبية على الصناديق الاجتماعية وعلى الفئات المتوسطة والضعيفة، وللأسف فان الحكومة لا تريد الإصغاء إلى الآراء المختلفة ورغم خروج القانون المنظم للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، فان تفعيله بالطريقة المثلى مازال بعيدا كل البعد عن التطلعات، وفي هذا السياق ندعو الحكومة إلى التعامل بجدية مع هذا الملف قبل فوات الأوان.
* يعلم الجميع أن الصناديق الاجتماعية وصلت إلى مرحلة حرجة وعجز مالي كبير وهو ما انعكس على الفئات الاجتماعية، هل لديكم حلول لهذا الملف؟
-نحن حريصون كل الحرص على هذا الملف، وفي هذا الإطار سأقدم بعض الأرقام، مثلا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هناك 60 بالمائة من جرايات الذين يتقاضون أقل من الأجر الأدنى، وهناك 120 ألف عائلة تتحصل على أقل من منحة العائلات المعوزة التي تبلغ 150 دينارا و25 بالمائة فقط من المنخرطين في منظومة الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص في حين 75 بالمائة متهربون، كما أن الصناديق الاجتماعية حادت عن دورها الأساسي من الضمان إلى التضامن، وهو ما تسبب في أزمة كبيرة، أزمة حوكمة رشيدة وحسن تصرف في الموارد المادية والبشرية، ونحن في اتحاد الشغل لدينا رؤية متكاملة ودراسات جاهزة سنقدمها للحكومة.
* هل بالإمكان التدارك وإنقاذ الصناديق الاجتماعية؟
-نعم الإنقاذ ممكن اليوم ونحن مستعدون للمساهمة في عملية التدارك بعيدا عن الحلول الترقيعية التي تتبعها الحكومة، ونحن مستعدون للتضحية وتقديم العون من أجل النهوض بالصناديق الاجتماعية والخروج بها من المأزق الراهن، لكن ليس على حساب الطبقة الشغيلة وعلى حساب الفئات الضعيفة، وعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته.
* هل تؤكدون مضيّ الدولة في التخلي عن دورها الاجتماعي والمضي قدما في اتجاه خوصصة العديد من القطاعات الحيوية؟
-نعم هناك نوايا مبيتة وسعي محموم للاتجاه نحو خوصصة القطاعات العمومية مثل التعليم والصحة والصناديق الاجتماعية، وذلك من خلال افتعال الأزمات الاجتماعية داخل هذه القطاعات في إطار خطة ممنهجة من قبل عدد من الأحزاب والحكومة لتدمير القطاع العمومي لفائدة الخواص، حيث تواصل الحكومة سياسة الهروب إلى الأمام والتملص من تعهداتها والاتفاقات الممضاة مع الطرف النقابي الذي وجد نفسه مضطرا للدفاع عن منظوريه، واليوم وبإيعاز من مؤسسات مالية دولية تعمل الدولة على فرض الأمر الواقع على الشعب وتحميله مسؤولية فشل توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية، وفتح الأبواب على مصراعيها أمام الليبرالية المتوحشة، من خلال إغراق البلاد بالقروض التي تعمق التبعية، في حين أن الحلول الوطنية ممكنة، لكننا في الاتحاد العام التونسي للشغل لن نسمح بهذا وسنتصدى بكل ما أوتينا من إمكانيات لهذه التوجهات، ولن نسمح للمؤسسات المالية الدولية أن تنفذ أجنداتها في بلادنا، وهو ما جعلنا محل تذمّر من قبل العديد من الأطراف الداخلية والخارجية لأننا نقف جدار صدّ أمام كل محاولات تكريس التبعية لأطراف أجنبية، وحتى محاولات اختراق المركزية النقابية التي قامت بها بعض الجهات الحكومية والحزبية خلال المؤتمر من أجل ترويض اتحاد الشغل الأخير باءت الفشل.
* بماذا ستتميز القيادة الجديدة للاتحاد العام التونسي للشغل عن سابقتها؟
-رغم أنها تتكون من أغلبية أعضاء المكتب التنفيذي المتخلي، فان القيادة الجديدة ستكون لها طريقتها في التعامل مع مختلف الملفات، وما يحسب للقيادة الجديدة هو تشريك المرأة في القرار النقابي والذي يعتبر انجازا هاما، إضافة إلى تنقيح القانون الأساسي، ورسالتنا اليوم إلى مختلف الأطراف هي الالتقاء والتفاهم من أجل مصلحة البلاد وسنعمل في هذا الاتجاه مع شركائنا لإيجاد أرضية صلبة تجنبنا الانزلاقات والاحتقان، والقيادة الجديدة ستكون لها رؤية جديدة تتماشى مع الوضع الراهن وتراعي المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى، وستضيف الكثير لدورها الاجتماعي ولدورها الوطني.
أجرى الحوار: منية العرفاوي ووجيه الوافي
جريدة الصباح بتاريخ 24 فيفري 2017


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.