لا تزال الأحزاب الوطنية تعبر عن موقفها الرافض لتأجيل الاستحقاق الانتخابي القادم خوفا من تداعياته السياسية على بلادنا، فبعد أن عبرت حركة النهضة عن رفضها القاطع للتأجيل والذي التقت فيه مع تصريح رئيس وفد الكونغرس الأمريكي لبلادنا نهاية الأسبوع المنقضي، أصدرت كل من حركة الشعب والحزب الجمهوري والوطني الحر وحزب التكتل والتيار الديمقراطي وحزب العمال موقفها من التأجيل حيث التقى جميعهم على ضرورة التصدي لأي تمديد للرئيس المنتهية ولايته الباجي قائد السبسي. وفي هذا السياق أكد الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح ل»الصباح» أن الحركة عبرت عن عميق انشغالها إزاء الوضع الراهن للبلاد وما آلت اليه الأزمة الحالية والتي مست جميع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقال المغزاوي ان الحركة ترفض «المساس بالنّظام الانتخابي وبالمواعيد الدّستورية للانتخابات التّشريعية والرّئاسية 2019 واعتبارها محاولات فاشلة للعودة بالبلاد إلى مربع النّظام التسلطي وتقاسم السّلطة والنّفوذ بين حزبين ليبراليّين وتهميش كل قوى المعارضة كما تدين بشدّة الائتلاف الحاكم الذي سمح لأطراف أجنبيّة بالتّدخل الفاضح في الشأن الوطني». وأضاف أن اجتماع المكتب السياسي للحركة والمجتمع أول أمس الأحد في دورته العادية ملتزم تمام الالتزام بالدفاع عن الديموقراطية والمسار الديمقراطي عموما في بلادنا. من جهتها، اعتبرت الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني الحر سميرة الشواشي ان «دعوات التأجيل هي محاولات لتكدير الوضع السياسي والاجتماعي في تونس وان مثل هذه الأفكار غير المسؤولة من شأنها المسّ من صورة تونس في الخارج». وأشارت إلى أن الاتحاد الوطني الحر وعلى اثر إطلاق دعوات لتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية ألقادمة يهمه تسجيل الموقف التالي: «ان الاستحقاق التشريعي والرئاسي القادم هو فرصة للتقييم والإصلاح والعودة إلى المواطن ليجدد الشرعية لمن يراه مناسبا وهو حق لا يجب سحبه منه تحت أي ذريعة». وأكدت الشواشي أن الوطني الحر عبر عن موقفه الرسمي والنهائي في البيان الصادر أول أمس وقد عبر الحزب انه «يستغرب المقارنات بين تأخير الانتخابات البلدية الماضية واستحقاق 2019 ويلفت النظر إلى أن التأخير الذي سجل في البلديات كان بغرض استكمال مقومات أول ديمقراطية محلية بعد الثورة من مجلة جماعات محلية وتسخير الإمكانيات التنظيمية واللوجستية والقضائية الكفيلة بإنجاح الانتخابات كما تمت دعوة الكتل البرلمانية الكبرى بالبرلمان وخاصة كتلة الائتلاف الوطني وكتلتي حركة النهضة ونداء تونس إلى العمل سويا لإنجاح المحطة الانتخابية المقبلة وذلك باستكمال تركيبة الهيئة العليا المستقلة لانتخابات وتركيز المحكمة الدستورية». من جهتها أصدرت حركة النهضة منذ الجمعة الماضي بيانا عبرت فيه عن موقفها من تأجيل الاستحقاقات الانتخابية القادمة حيث أكدت «أن شرط التحرر من الدكتاتورية وعلامة إنفاذ الإرادة الشعبية هو استمرار إنجاز المحطات الانتخابية في آجالها الدستورية المحددة من أجل استكمال البناء الديمقراطي في بلادنا، وأنه بدون انتخابات تنتفي الشرعية، وأن أيّ تشكيك في العملية الانتخابية يمثل ضربًا لمسار الانتقال الديمقراطي». وبدوره اعتبر الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري في تصريح ل «الصباح» أن مسألة التأجيل والدعوات المتصاعدة لها تشكل مَساسا بمصداقية التحول السياسي والديمقراطي لتونس التي أثبتت قدرتها على تعاطي الديمقراطية رغم بعض الإشكاليات التي من الممكن معالجتها عبر الحوار وتوسيع دائرة التوافق». فهل يتطلب الوضع الراهن التمديد لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي؟ لماذا يصر المحيطون بالرئيس بالحديث عن عامين إضافيين لرئيس الدولة؟ ولماذا صمتت أحزاب كآفاق تونس ومشروع تونس عن التنديد بهذا التمديد المخالف للدستور والانتقال الديمقراطي أصلا؟ كيف للمعارضة أن تهرب من مواجهة هذا الموقف والحال أنها ترى في الباجي قائد السبسي أحد الأسباب الرئيسيّة للازمة السياسية؟ أسئلة قد تجد ما يبررها في ظل الارتفاع الحاصل في منسوب المطالبة بالتمديد لرئيس الجمهورية بسنتين إضافيتين وكان آخر المبشرين بهذا التمديد بولبابة قزبار الصديق الشخصي والمستشار السابق للرئيس، وقد انطلقت أصوات من داخل النداء أيضا بالدعوة الى تأجيل الاستحقاق الانتخابي القادم بغاية ضمان الاستقرار ظاهريا والحال ان هذا المنطق يتجاوز أفق الاستقرار ليدرك واقع التوريث، وهو ما كشفه القيادي السابق بنداء تونس لزهر العكرمي. فمحاولات توريث نجل الرئيس انطلقت منذ نحو ثلاث سنوات حين تسلم حافظ قائد السبسي مفاتيح الحزب من الأب-المؤسس بعد أشغال المؤتمر التأسيسي للنداء في شهر جانفي 2016 ليتحول الحزب من فضاء لتعاطي الشأن السياسي الى «مزرعة خاصة» كما وصفها القيادي الحالي بالحزب رضا بلحاج في تصريح سابق ل «الصباح». فهل يمر التوريث والتمديد؟ أم ستقبر المبادرة اللادستورية؟ خليل الحناشي