عرفت أغلب الثورات والإنتفاضات وأشكال الحراك الشعبي عبر التاريخ الإنساني دنس العنف ولوثة الفوضى والإنفلات ولكن بعضها تخلصت منهما بقطع منابعهما وخاصة منها منابع التنظير والتحريض والتبرير فأنقذت مساراتها وحققت أهدافها وقطعت تبعا لذلك الطريق أمام إمكانية العودة إلى الوراء وبعضها الآخر سقطت في مستنقعاتهما وتمرغت في أوحالهما فتحولت إلى فتن وحروب ودمار شامل . من هذا المنظور لم يعد أمام القوى السياسية والنقابية والإجتماعية والمدنية والشعبية من خيار إلا الإلتزام بنبذ العنف وسد المنافذ أمام مصادره والإلتزام بعدم اللجوء إليه مهما كانت الأسباب. إنه لمن العار أن نعود مجددا إلى دائرة العنف ونفسح المجال أمام الإرهابيين للركوب على الأحداث و0ستغلالها لضرب الإستقرار الهش وتعطيل المسار الديمقراطي ونشر الخراب كما يحدث الآن في بلدان أخرى أبتليت بداء العنف والعنف المضادّ. على جميع الأطراف في السلطة أن تتحمّل مسؤولياتها كاملة في معالجة القضايا العالقة و0تخاذ الإجراءات اللازمة التي تعيد الأمل للمحبطين الذين عصفت بهم خيبات الأمل المتراكمة، وعلى الإتحادات والمنظمات والجمعيات أن تؤطر منخرطيها بما يضمن عدم اللجوء إلى أساليب تلوث مطالبها وتفقدها شرعيتها، فالعنف بجميع أشكاله المادية واللفظية والتحريضية والرمزية لا يعيد الحقوق إلى أصحابها بل يلوثها ويحول دون إستردادها ولا يحل المشاكل بل يزيدها تعقيدا.