من عادات أغلبية أهالي الجريد في استقبالهم لشهر رمضان المبادرة بإحضار العولة لمختلف المواد الاستهلاكية وخصوصا «لفاح» أي التوابل والكسكسي وإحضار الدشيشة والوسوسة والملوخية وبعد ذلك تبادر العائلات بطلاء المحلات السكنية واقتناء أوان من الفخار وغيرها من التجهيزات الأخرى. وتتميز مائدة الإفطار منذ اليوم الأول من شهر الصيام بتنوع المأكولات تتصدرها شربة الفريك رغم ارتفاع درجات الحرارة وغالبا ما يكون الكسكسي بالحليب أو بالخضر وخصوصا بالسلق الأكلة الشعبية المفضلة في السحور. ولئن تعودت العائلات الجريدية الإفطار عن حبات من التمر مع الرايب أو اللبن الذي يضاف إليه – الكليل – فإن جل العائلات وقعت في التسلل باعتبار أنها تخلت منذ سنين عن تخزين التمور بالطرق التقليدية. ولئن اعتمد البعض تخزين كميات ضئيلة بالأسطل أو في علب الحليب فإن غياب التمور على مائدة الصائمين شكلت المعضلة الكبيرة إذ تروج حاليا الدقلة المخزنة ومع ذلك يمر الصائمون مرور الكرام على محلات بيعها لشطط أسعارها. بين أحضان الواحة ... وفي الحمام ورغم ارتفاع درجات الحرارة والصوم فإن الكثيرين يفضلون رمضان الذهاب إلى الحمام أو رأس العين وكذلك التوجه إلى حمامات حامة الجريد لتمضية الوقت وهو أمر يستغربه البعض خاصة في هذا الفصل الحار لكن هذه المياه الطبيعية الساخنة تمنح الصائم شعورا بالانتعاش والارتواء أما في فترة ما بعد العصر فيفضل البعض الذهاب إلى الأسواق التي تشهد حركية وأجواء متميزة بين أصوات الباعة ولهفة الزائرين والزبائن حيث يتم عرض أشكال مختلفة هذا العام من الأكلات التقليدية كالفول ولحم الرأس والمطبقة والحلويات. العطش وقلة الأكل عند الإفطار وبخصوص تزامن رمضان مع ارتفاع الحرارة تباينت آراء وانطباعات الصائمين فمنهم من تأثر بالعطش ومنهم من تذمر من قلة قدرته على الأكل عند الإفطار وأبدى آخرون قدرتهم على تحمل كل هذه العوامل حتى في عز الصيف وانعدام وسائل التهوئة بالنسبة إليه. عودة الروح إلى الأسواق ومن ناحية أخرى تستعيد أسواق الجهة العديد من الأنشطة التجارية التي تقترن على مدى العقود الماضية بهذا الشهر الفضيل دون أشهر السنة الأخرى ومثل بيع «الملسوقة» والخبز «العربي» والتمور المخزنة بالطرق التقليدية والحلويات. وعلى عكس باقي أشهر السنة يصبح السوق المركزية بتوزر في هذا الشهر الكريم أهم فضاء تجاري بالمدينة ويكون عرض التمور بأنواعها المختلفة الميزة الأبرز للنشاط التجاري في هذه السوق ومحيطها على مدار الشهر الكريم بالنظر إلى كثرة الطلب عليها وقد تم هذه السنة توفير كميات هامة من دقلة النور المخزنة بوحدات التبريد بالجهة فيما غابت على خلاف السنوات الماضية تمور «الرطب». صوم رمضان هذه السنة ارتبط أساسا بحرارة الطقس وطول ساعات الصيام ولكن يبقى رمضان شهر الخير والبركة والسهرات واللمة العائلية ولنا أن نقول متى كان الصوم دون مشقة وإلا فما فائدته وأهدافه وما جزاؤه؟ لذلك انطلق الصائمون بربوع الجريد منذ اليوم الأول من هذا الشهر في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم سواء من خلال إحياء بعض العادات أو الأكلات التقليدية وخصوصا ارتياد الأودية والتجول داخل الواحات باعتبار أجوائها المنعشة بحثا عن متنفس ينسيهم حرارة الطقس والجوع والعطش في انتظار آذان المغرب.