في الردّ على مقال: «في وقفة احتجاجية لاتحاد المرأة التونسية: لا حكومة لا أحزاب مؤتمرنا على الأبواب». غطّت «التونسية»، يوم الجمعة 19-10-2012 في الصفحة 8، وقفة احتجاجية نظّمتها، يوم 18-10، كلّ من «الهيئة الانتقالية واللجنة المستقلة والنائبات الجهويات والرابطات المهنية التابعة للاتحاد الوطني للمرأة التونسية». كان ذلك على خلفيّة «صدور الحكم القضائي الذي ينصّ على إيقاف أشغال المؤتمر الاستثنائي للاتحاد، وتعيين متصرّف قضائي على المنظمة». وقد ورد في هذا المقال، المستند إلى تصريحات المشاركات في الوقفة، العديد من المعطيات الغامضة أو الخاطئة. ولتنوير الرأي العام نريد توضيح أو تصحيح بعض ما ورد فيه من مغالطات. أوّل ما يجب توضيحه هو طبيعة الهيئات المشاركات في الوقفة. لا بد من التذكير بأن «النائبات الجهويات وعضوات الرابطات المهنية التابعات للاتحاد» ينتمين إلى هياكل سابقة للثورة. وأنهن عيّنّ في زمن بن علي. لذلك فمن الطبيعي أن نتساءل عن مدى مشروعية تمثيلهن للاتحاد في الوقت الراهن. وأن نتساءل عن صدق بشرى المصباحي، في تصريحها بنفس المقال، أن من أهداف الهيئة «القطع الكامل مع الحقبة البائدة»، وهي تقف جنبا إلى جنب مع النائبات الجهويات المنصبات من النظام البائد. أما الهيئة الانتقالية التي تقدّم هكذا معرّفة بالألف واللام فهي تخفي مغالطة أخرى. إذ توحي العبارة بأن الهيئة واحدة وموحّدة، بينما هناك اليوم هيئتان تتنازعان شرعية تمثيل الاتحاد: تلك الحاضرة في الوقفة الاحتجاجية، وتتزعّمها راضية الجربي. وأخرى غير معنية بالوقفة تتزعّمها منجية الزبيدي. كيف تشكّلت الهيئتان؟ 1- الهيئة التي ترأسها راضية الجربي: تتكوّن هذه الهيئة من الثلاث عضوات المنشقات عن الهيئة الانتقالية السابقة التي كانت ترأسها خيرة لاغة، والتي وجدت بحكم قضائي استثنائي صدر في 6-6-2011، وفيها أقيل المتصرف القضائي، وكلّفت الهيئة بتسيير الاتحاد والإعداد للمؤتمر، وكانت خيرة لاغة هي منسّقتها ومعها سبع عضوات من بينهن هؤلاء المنشقات. ظلّت العضوات الثلاث يشتغلن في صلبها مع خيرة لاغة حتى16 جويلية 2012 . وفي هذا التاريخ عقدن اجتماعا بمدينة سوسة مع النائبات السابقات، وأعلن عن تزكية النائبات لهن باعتبارهن الهيئة الانتقالية، بعد أن سحبن الثقة من خيرة لاغة، وعن تحديد عقد المؤتمر بتاريخ 30-9. قامت راضية الجربي بحملة إعلامية واسعة لتقنع الجميع أنها رئيسة الهيئة الانتقالية، ولعلها نجحت في ذلك. كذلك قدمت قضية بخيرة لاغة في الفساد الاداري فعزلت عن رئاسة الهيئة السابقة. ولسائل أن يسأل: إذا كان القضاء كفيلا بعزل خيرة لاغة فلِمَ أرادت راضية الجربي أن تستمدّ من النائبات شرعية أخرى غير شرعية الهيئة وإذا كانت انشقت بسبب سوء تصرّف الرئيسةّ، فمن المفروض أن تعود لتعزّز الهيئة بعد أن عزلت خيرة لاغة. ولكنها اختارت طريقا آخر. 2- الهيئة التي ترأسها منجية الزبيدي: تستمدّ هذه الهيئة شرعيتها من كونها امتدادا للهيئة السابقة التي لم يحصل حكم قضائي لحلّها. وتعتبر أنّها بحسب منطوق الحكم هي من له الصلوحية القانونية لتسيير الاتحاد والإشراف على المؤتمر الاستثنائي. وترى أن تنحية خيرة لاغة لا تؤدي إلى حلّها بل إلى تعويض الرئيسة. وقد أجمعت العضوات على تعويضها بمنجية الزبيدي، وذلك في جلسة عامة يوم 1-9 بحضور عدل إشهاد. اختلاف في التأويل إن منطوق الحكم الذي صدر ضد خيرة لاغة ترك الأمر للهيئة الانتقالية حتّى تحدد الممثل القانوني لها، ولم يحسم الأمر. ولكنه نفذ لفائدة راضية الجربي وقع « تطبيقه على المسودة » بعد ساعة من صدوره عشية يوم سبت ! وبه تسلمت راضية الجربي الاتحاد رغم أنها لا تتمتع بصفة «الممثل القانوني» . ومنطوق الحكم، الذي اعتمدت عليه الهيئتان وأشعل الصراع بينهما، هو «تسليم خيرة لاغة كامل المؤيدات والوثائق التي بعهدتها إلى الهيئة الانتقالية في شخص ممثلها القانوني وذلك تحت إشراف المكلف العام بأملاك الدولة». والواقع أنه ليس للهيئة ممثل قانوني بعد عزل خيرة لاغة. ولعل راضية الجربي خلطت بين محامي الهيئة وممثلها القانوني. ومنذ ذلك الوقت دخل الاتحاد في تنازع ومقاضاة بين الهيئتين. كان التنازع حول من هو ممثل الاتحاد القانوني ومن انتحل الصفة، وحول من يتصرّف في أموال الاتحاد ومن يسيّره... ألخ، وكانت « نزاعات الدولة» طرفا في كل الحالات و«المؤتمن العدلي» طرفا آخر أيضا. اعتمادا على ذلك الحكم القضائي أصبحت راضية الجربي تتحدث عن عقد مؤتمر في بعض أسابيع- اقتسم عدد الانخراطات وكذلك المؤتمرات بالتناصف مع النائبات الجهويات سابقا. وأعد هذا المؤتمر عدد من عضوات اللجنة المستقلة للإعداد المادي للمؤتمر لا يفوق أصابع اليدين. وتحدد آخر أجل للترشحات قبل أن يكتمل بيع بطاقات الانخراط في المنظمة. كذلك كانت البطاقات لا تحمل أرقاما تسلسلية. ووقع تحديد نائبات المؤتمر «بالاقتراح». إبطال المؤتمر وأمام كل هذة الخروقات، اعترضت المجموعة التي تعتبر أنها تحمل صفة الهيئة المؤقتة الشرعية والقانونية للاتحاد على الحكم المذكور، وقدمت قضية في انتحال صفة، وفي السيطرة على الاتحاد على غير حق وفي بطلان المؤتمر. وكذلك فعل المكلف العام بنزاعات أملاك الدولة، والمتصرف القضائي الذي لم يأت من عدم ، وإنما عين على الاتحاد قضائيا في 8-4-2011.،ثم فصل بحكم استئنافي. فقدم تعقيبا وكسبه. قضت المحكمة يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012 حكما استعجاليا ببطلان المؤتمر. إنقاذ المنظمة مهما كانت مبررات عقد المؤتمر المستعجل وبهذه الطريقة (سواء كانت لمبررات «سياسية» أو اجتماعية أو مصلحية ذاتية.. إلخ) فإن الحكم القضائي الاستعجالي لإبطال المؤتمر قد أنقذ منظمة تاريخية من مؤتمر مهزلة بكل المعاني، والأهم من ذلك فإن هذا الحكم يعطى فرصة تاريخية للمستقلات والغيورات على منظمة الاتحاد الوطني للمرأة لعقد مؤتمر ديمقراطي ينقذ تلك المنظمة ويبعدها عن التسخير السياسي والمصلحية الضيقة. والمطروح اليوم على المناضلات المستقلات الكف عن التقاذف والاتهامات والتفكير بجدية في توحيد الصفوف وإيجاد حلول مناسبة للوضع الحالي استجابة لتطلعات النساء في كل أنحاء تونس، والتوافق على عقد مؤتمر استثنائي يكون ديمقراطيا وممثلا للنساء التونسيات في كل الجهات فهو وحده الكفيل بحماية الاتحاد والدفاع عن حقوق المرأة التونسية.