فوجئ العدد من المشاهدين بالمرور الصاخب الذي خلّفه البحري الجلاصي في قناتين من قنواتنا الخاصة اللتين للأسف الشديد فسحتا منابرهما و«بلاتوهاتهما» لهذا الأخير ليتحفنا ببعض القراءات والمهاترات والخزعبلات التي لا تصلح لا للدنيا ولا للدين... البحري الجلاصي نزل ضيفا في وقت سابق على قناة «تونسنا تي في» وتحديدا في برنامج «مرا وعليها الكلام» وتحدّث عن المرأة كما لم يتحدّث عنها من قبل... تحدّث عن المتعة والشهوة والجنس والرغبة وكلّ شيء ممكن أن يصدر في العتمة وتحت جنح الليل ويبني لدولة الحيوان كما يراها هو بمنظوره الخاص وبمفهومه الحداثي للمرأة التي في نظره لا تتجاوز أعلى وأغلى نقطة فيها لحم الخاصرة... الجلاصي عاد أمس الأوّل ليطلّ علينا ب «لوك» جديد لكن بالمضامين نفسها في حصّة «كلام الناس» التي تبثّها قناة «التونسية» فزاد الطين بلّة وكشف بعمد أودونه عن مستواه المتدّني في الخطاب والحوار رغم استنجاده ببعض المفردات الخاصة بمعجمه الديني الضيّق... الجلاصي عاد ليتحدّث عن مفهوم المرأة في ذهنه وفي مخيلته فصوّرها كعادته آلة تقطر جنسا وتلد أجناسا «نجاسا» توفرّ هي الأخرى جنسا على شاكلة المزاد... «البحري الجلاصي» لم يكفه ما خلّفته فلسفته العرجاء وتحاليله السوداء لعالم المرأة ولجدليّة التكامل والمناصفة بينها وبين الرجّل في نفوس المشاهدين بل كشف بعمد أودونه عن جوانب خافية في شخصيته والمتعطّشة لمعجم الجنس ومفردات اللحم الرخيص... البحري الجلاصي الذي يتحدّث باسم الشرع والدين طغت على نبرته نغمة «الباندية» وكست لغته نسائم «الباطوار» فصار كمن يقدّم دروسا في اللحم... البحري الجلاصي لا يفقه سوى لغة الدوّاب لذلك لم يستسغ الحديث عن أعضائه الموجودين في كراسي التأسيسي ظنّا منه أنّ الحديث يعنى بأعضائه ومنها ربّما التناسلية لذلك ثارت ثائرته وانتفض على كلّ من كان من حوله بعبارات فضّة ومفردات سوقية لا تليق برجل يدعولدين الله ولشرعه... دعاة من هذا الشكل وبخلفية مماثلة (معنوية لا جسدية) لا يحقّ لهم التواجد في منابرنا الحوارية وفي قنواتنا التلفزيّة ولا في مساجدنا لأنّهم يفسدون الذوق العام ويشوّهون ملامح هذا الدين ويمرغون في التراب حرمة نسائنا اللاتي لا يرون فيهن سوى جسدا مقوّى على سرير اللهفة ... البحري الجلاصي نموذج حيّ من الدعاة التقاة الذين يختزلون الدين في جدليّة الأعضاء وغرف النوم ويتحدثون ك «البلطجية» ولكن بعباءة دينيّة... برنامج «كلام الناس» كان شاهد عيان على زلّة جديدة لمن يعتبرون أنفسهم فوق الكمال ولعلّ ما حصل بين البحري الجلاصي وبين «بندريرمان» من عراك بلغة تحت الحزام يكفي مؤونة التلعيق...