عاجل: ال Steg تحلّك باب التسهيلات في الخلاص بداية من هذا التاريخ    هزة أرضية تضرب السعودية    تسوية وضعيات أعوان البرنامج الخصوصي لدعم الموارد البشرية بالبلديات المحدثة سيكون باعتماد مبدأ التناظر (الداخلية)    هجوم إلكتروني يسرق بيانات 16.4 مليون فرنسي من وزارة الداخلية    صندوق النقد العربي: بورصة تونس تتصدّر البورصات العربيّة في ارتفاع القيمة السوقية    تعرّضت لعملية تحيل في التجارة الالكترونية ؟...هكا تعمل باش تسترجع حقك    من بينهم يحيى الغزالي: تأجيل محاكمة عدد من العناصر الإرهابية الخطيرة    برشلونة يتأهل لثمن نهائي كأس ملك إسبانيا    إنتقالات: الأهلي السعودي يمدد عقد نجمه حتى عام 2028    الترجي الرياضي: أوغبيلو يرفض إمتيازات البلايلي.. وعديد الأسماء في طريقها للمغادرة    المطر صبت في هذه المناطق: شوف وين كانت أعلى الكميات ووين    تعرّف على توقيت ماتش النهائي بين الأردن والمغرب    عاجل: تحذيرات من أمطار وسيول قوية تجتاح هذه البلدان العربية    المركز الوطني لفن العرائس يشارك في فعاليات مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل    اختيار الفيلم التونسي «صوت هند رجب» ضمن القائمة القصيرة لجوائز الأوسكار    طعام يومي يحمي العظام ويقويها أكثر من الحليب..تعرف عليه..    وزير التجهيز يتباحث مع رئيس هيئة الأشغال العامة القطرية تطوير التعاون الفني    عاجل: موظفو البنوك والتأمين يلوحوا بإضراب ثاني...هاو علاش!    سيدي بوزيد: احياء الذكرى 15 لاندلاع الشرارة الأولى للثورة    هذه المنطقة في سوسة بلاش ضوء من 8 متع الصباح لل2 بعد الزوال    أيام قرطاج السينمائية 2025: "سماء بلا أرض" فيلم تونسي يسلط الضوء على الهجرة الإفريقية داخل القارة    مونديال 2026 : الفيفا تطلق تذاكر ب60 دولارا ل "المشجعين الأوفياء"    عاجل: الحجز لموسم 2026 انطلق على خطوط مرسيليا وجنوة..على هذا الرابط!    وفاة الفنانة نيفين مندور إثر حريق في منزلها    نهائي كأس القارات للأندية: باريس سان جيرمان و فلامنغو...شوف الوقت والقنوات الناقلة    سعيد يتحول الى شارع الحبيب بورقيبة فجر الاحتفال بعيد الثورة..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    الألعاب الإفريقية للشباب: ذهبيتان لتونس في الجيدو وبرونزية في السباحة    تونس تحيي الذكرى ال15 لاندلاع الثورة    إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله.. وتحدد الموعد    ترامب يصنف فنزويلا منظمة إرهابية ويعلن حصارها بالكامل    وزارة الصحة تعيد برمجة اختيار تربصات المقيمين: التفاصيل    خطة لم تُنفذ.. تفاصيل مثيرة عن هجوم كاد يهز مدينة أميركية    اليوم: ضباب محلي مع طقس مغيم والحرارة في انخفاض    ترامب يفرض قيودا كاملة على دخول رعايا 5 دول جديدة للولايات المتحدة    رئيس الجمهورية يظهر فجرا بشارع الحبيب بورقيبة ويتفاعل مع مواطنين قبيل وقفة إحياء ذكرى اندلاع الشرارة الأولى للثورة    ندوة علمية    المهدية .. لفائدة 371 حاجّا .. شبّاك موحّد لتيسير إجراءات السفر إلى البقاع المقدّسة    بتكلفة 250 مليون دينار: انطلاق المحطة الفولطاضوئية بالقيروان..    تنبيه لمستعملي الطريق: ضباب كثيف يحجب الرؤية الليلة وصباح الغد..#خبر_عاجل    طرق مدهشة لتخزين الرمان لأسابيع وشهور..تعرف عليها..    تنبيه للمواطنين..تحويل وقتي لخطوط بعض الحافلات..#خبر_عاجل    عندك فكرة على اضطراب الشخصية الحديّة؟    المرصد الوطني للطاقة والمناجم: شبه استقرار في الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى أكتوبر 2025    بعد تألقه عالميا: عرض خاص لفيلم الروندة 13 في أيام قرطاج السينمائية    اخفته داخل علب مأكولات: السجن 20 سنة لفتاة تورطت في تهريب الهيروين..#خبر_عاجل    طبيب بيطري للتوانسة: هاو كيفاش تربّي العصفور    حي هلال: السجن المؤبد لقاتل عطّار    أيام قرطاج السينمائية 2025 "كولونيا" فيلم عن الرفق بالآباء حين يأتي متأخرا    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة..؟    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عند بن غذاهم الخبر اليقين ..شعب لا يحسن استثمار الثورة
نشر في باب نات يوم 13 - 09 - 2016


نصرالدين السويلمي
لو تعلمت الشعوب من دروس الماضي وبنت على ما فات لما ضلت بلدانها رهينة للاستعمار ثم انظمة القمع ، ولما عاشت الاجيال تلو الاجيال تحلم بحرية طال انتظارها ومضت الأعمار ولم تأتي ، مصيبة الشعوب انها لا تؤمن بالتجارب ولا تستثمر فيها ، وتصر على بناء حالة نضال او مقاومة او جهاد مفصولة عن التجارب السالفة ، مستنكفة من العودة الى ما سبق ، ولو التفتت قليلا وامعنت واستقت الدروس لما خسرت كل ذلك الوقت ولما سالت كل تلك الدماء، ففي تونس ضيع الشعب جواهر نفيسة من التجارب كانت كفيلة بدفعه الى تجاوز مطبات التجارب اللاحقة ، لكن الاصرار على تجاهل الماضي والعزوف عن استخلاص الدروس حالت دونه والانطلاق المبكر نحو سيادته و وانتزاع حريته .
لو استثمر الشعب التونسي ثورة علي بن عذاهم ودرسها واقترب منها وغاص في ثناياها برفق وتأني لأمكنه فعل الكثير بما يملكه من مدنية راقية ضاربة مشفوعة ببداوة قوية شامخة ، شعب تتابعت عليه الحضارات العالمية شمالا ومحصته الخيل والصحراء جنوبا كان في مقدروه اهداء الحرية للشعوب الاخرى وليس انتزاع حريته فحسب ، لكنه استكبر عن التمعن واعرض عن سسن الذين من قبله . ثورة هادرة كتلك التي قادها بن غذاهم لو استفاد الشعب من طفراتها ومن نكساتها لأمكنه انتزاع سيادته قبل 1956 وفرض ارادته قبل 2011 بعقود طويلة وربما كان تجنب معاهدة 12 ماي 1881 الكارثية ، ولأننا من الشعوب التي لا تستهويها الدروس وليس لها في استحضار الماضي لتحفيز الحاضر وتنقيته ، فشلنا في الانطلاق واكتفينا بمناوشة الدكتاتورية وهجعنا تحت النظم الشمولية ، حتى اذا اعترانا الشموخ بشكل دوري ومتقطع، عالجتنا القبضة التي خبرتنا واستوعبت هباتنا الانفعالية ، لندخل في دورة خمول جديدة.
36 ريال تونسي كانت كفيلة بإشعال ثورة هزت عرش الباي واقلقت اوروبا واضطرتها الى ارسال امدادات ضخمة لانقاض مشروع الحماية الذي كانت تجهز له فرنسا ، في زمن وجيز صال علي بن عذاهم وجال ، وارعب الغرباء والعملاء ، نجح الثائر في قيادة ثورة كانت شرارتها قرار من الباي بمضاعفة الضريبة من 36 ريال الى 72 ، مثلها مثل العربة والخضار.. وكأنّ الثورات في تونس تختلج لدى كل الشرائح وتخصبها النخب و تجهز لها ، لكنها تصر ان تكون الشرارة من العمق من الطبقات الدنيا الفقيرة التي اتلفت خضارها او أُثقل كاهلها بضريبة جائرة افواه العيال اولى بها من الباي وحاشيته ، انطلقت الثورة من وسط البلاد ، من القصرين وتحركت بشكل متزامن جنوبا وشمالا ، سرعان ما شبت لتتساقط الحصون تباعا ، خلال 27 يوما فقط لا غير وصلت الثورة على مشارف قصور الباي ،ضربت في انحاء البلاد واسقطت مدن بأكملها ، 27 من ايام بن غذاهم ك27 من ايام البوعزيزي .. تتطلع الشعوب الى خلاصها من نار القهر ، كما تتطلع ليلة 27 لخلاصها من نار جهنم .
رغم ان الثورة انطلقت بزعامات متعددة ورغم ان التنسيق كان يتم بوسائل بدائية الا انه وبعد مرحلة وجيزة من اطلاق الشرارة تمكنت القبائل بحسها الراقي من التقاط الموهبة وتوجت بن غذاهم زعيما عليها يقود جموعها نحو البروج المشيدة واطلقت عليه لقب "باي الشعب" ، تمكن بن غذاهم من بث الرعب في نفوس خصومه وواصل زحفه الى ان وقعت اكبر نكسة للباي يوم 30 أفريل حين سقطت مدينة صفاقس في يد الثوار ورفعوا على اسوارها العلم الاخضر كرمز للجهاد ، وكانت قابس سقطت قبل عاصمة الجنوب بيومين ، وبعد الانباء الواردة التي أكدت اكتساح الثورة لريف المناطق الساحلية ، وحال اقترابها من مدينة سوسة فر جيشها العرمرم المدرب وقوامه 5 آلاف جندي ، واستسلمت المدينة الساحلية الاهم بعد استسلام صفاقس بشهر ، قبلها سقطت القيروان والكاف التي قتل حاكمها بعد ان باغته الثوار ولم يتمكن من الفرار .
ثم ولما وصلت الثورة الى عنفوانها ولاح النصر واصبح التتويج مسيرة صبر وبصيرة ، نشب الخلاف بين القبائل ودبت الحسابات والنعرات والحساسيات ..تنافست القبائل ثم تحاسدت ثم تفاخرت على بعضها البعض ثم تعادت ثم تنادت ثم انتهت الى التناحر .. ولان باسهم بينهم اصبح اشد من باسهم على جلادهم ، شرعت بعض القبائل في البحث عن حلف قوي تأوي اليه وتنتصر به على الاخوة الاعداء ، دب الياس وقطعت بعض القبائل الرجاء في انتصار كان يبدو محققا ، وبدا وكان الجهة التي يميلون اليها كجامع هي نفسها الجهة التي ثاروا عليها مجتمعين . فتحت بعض القبائل قنوات حوار مع الباي وشرعت في التقرب اليه ثم و بعد ان كفرت القبائل بأنعم الحرية وركبت صهوة العناد سقطت الثورة ولجأ علي بن عذاهم الى الجزائر ليبرز اسم الجنرال -زروق- ، ذاك السفاح الذي تكفل بتعذيب الأهالي واعدام كل من ثبت عليه الانحياز الى بن غذاهم وثورته .. وحدها في تونس وعلى خلاف البلدان الاخرى ، الثورة لا تأكل ابناءها .. الثورة تأكل نفسها .
تحوّل الثوار الى فلول ، تطاردهم الفلول التي لم تعد فلول .. خمدت الثورة او كادت ..قتل كبار قادتها ..فر بن غذاهم ..استسلمت القبائل..تتابعت الوفود تعلن طاعتها ..نُكست الرؤوس .. أطل الباي من شرفته يلوح بيده "الشريفة" للرعية ، يؤكد لهم خبر القضاء على الخونة عملاء الجهات الاجنبية ، ويشيد بدولته ، دولة القانون والمؤسسات..ثم ما لبث ابن مات بن غذاهم في سجنه بعد ان سلمته فرنسا في صفقة بينها وبين الباي .
عاد الثوار او من نجى منهم الى ديارهم " ياكلوا في القوت ويستنوا في الموت" ، وبعد ان كانوا على مشارف قصر الباي وبعد ان جُمعت نساء الطبقة الحاكمة في باردوا استعدادا للرحيل ، دبت الحياة من جديد في القصور ورضي الثوار بالقبور ! عاش الثوار على امل ان تهبهم الاسرة الحاكمة بعض الامتيازات ، كبر الابناء واحدودبت ظهور الآباء ، ولما كانوا على مشارف الرحيل في هزيع العمر الاخير ، لم يكحلوا عيونهم بإنجازات طمعوا أن يهبها الباي الى ذريتهم ، وانما ماتوا الف موتة قبل موتتهم الاخيرة ، تقتلهم سكرات الموت مرة ويقتلهم الغيظ الف مرة ، كان ذلك حين شاهدوا جيوش فرنسا تدخل تونس من جميع ابوابها المشرعة في وجه الاستعمار المقفلة في وجه الثوار ، وهم في فرش الموت ، سمعوا اولادهم يتحدثون عن توقيع المعاهدة العار..معاهدة باردو .
" .. ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.