أفادت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية أنّ النزاع القائم بين الدولة التونسية وشركة الفرنسية ABCI إرث ثقيل ومزمن ومتشعب تعود أطواره الى سنة 1985، وتم إقرار مبدأ تسوية النزاع بالصلح في حكومة الباجي قائد السبسي المؤقتة في 2 جوان 2011. وبيّنت الوزارة أنه احتراما لمبدأ استمرارية الدولة، واصلت الحكومة الحالية المسار الصلحي من خلال التفاوض المباشر مع الخصم بغية التوصل إلى صلح متوازن ينهي النزاع ويضع حدا لنفقات التقاضي، وفي هذا الإطار دعت الدولة الخصم إلى تقديم طلبات مالية محددة ومعقولة كمنطلق للتفاوض لكنها فوجئت برفضه وتعنته واصراره على املاء شروط مسبقة لإبرام الصلح، لذلك لم تثمر هذه المساعي إلى حد هذا التاريخ إبرام أي صلح رسمي. ووافقت مصالح الوزارة ونزاعات الدولة على مبدأ اجراء اختبار فقط للمساعدة على ايجاد صلح شامل بين الطرفين لا لتقدير خسارة الخصم. وأشارت الوزارة أنّه سبق التعاقد مع مكتب المحاماة منذ 2008 وكلفت الوزارة خلال 2013 هيئة الرقابة بإجراء بحث للتحقق من سلامة اجراءات التعاقد وطرق خلاص أتعابه، فتم التفطن إلى عدة اخلالات. وأوضحت الوزارة أنها فوجئت بمناسبة اطّلاعها على تقرير هيئة الرقابة بوجود وثيقة مؤرخة في 31 أوت 2012 تتمثل في محضر اتفاق صلح تعمد حامد النقعاوي مستشار مقرر عام بنزاعات الدولة امضاءه ووضع ختم الإدارة عليه دون تفويض في ذلك ومتجاوزا اختصاص لجنة النزاعات، فتم استجوابه عن ذلك فتبين أيضا أنه نسّق مع منذر صفر مستشار بديوان الوزير عملية حجب الوثيقة عن رؤسائه وإرسالها إلى الخصم، وقد نسب المحضر إلى الدولة اقرارا وتسليما بطلباته المشطة وغير المبررة وهو غير موقف الدولة أثناء المفاوضات، وهو ما أثار شكوكا حول تواطؤ الموظفين المذكورين مع الخصم بتمكينه من حجة ضد الدولة. وإزاء هذه التطورات بادرت الإدارة بالتحرك في عدة مستويات: 1 ابعاد الموظفين المذكورين عن الاشراف على الملف وفسخ عقد السيد منذر صفر والشروع في اتخاذ الاجراءات التأديبية ضد السيد حافظ حامد النقعاوي. 2 إشعار هيئة التحكيم بالاخلالات المتعلقة بإمضاء المحضر وارساله، وقد أقرت بتاريخ 3 جوان 2013 بأنها لن تأخذ تلك الوثائق والمراسلات بعين الاعتبار. 3 اشعار رئاسة الحكومة التي طلبت فورا فتح بحث تحقيقي من أجل جنايتي استغلال موظف صفته قصد تحقيق منفعة لا وجه لها لغيره والاضرار بالإدارة والتدليس ومسك مدلس واستعماله المنصوص على عقاب مرتكبهما بالفصول 96 و175 وما بعده من المجلة الجزائية. ونبهت الوزارة الرأي العام إلى أن الحديث عن خسارة خزينة الدولة لمئات المليارات سابق لأوانه وينطوي على كثير من التحامل ولا يعدو أن يكون فصلا من فصول حملة مغرضة تستهدف ارباك عمل أجهزة الدولة والتشكيك في قدراتها وتسميم مناخ الاستثمار في البلاد. وأكّدت الوزارة أن النظر في النزاع لا يزال مستمرا، وقد يكون الحسم فيه لصالح الدولة أو ضدها على حد سواء رغم تلك الاخلالات الفردية المعزولة وأن الدولة لم ولن تبذل ولو مليما واحدا من أموال المجموعة الوطنية دون وجه حق ودون موجب قانوني وأنها لن تدخر جهدا في الذود عن مصالحها بكل أوجه الدفاع والطعن المشروعة في كنف سيادة القانون واستقلالية القضاء، وأن مختلف الهياكل الرسمية مجندة وساهرة على حسن إدارة هذا النزاع واضعة مصلحة البلاد العليا الاقتصادية والمالية فوق كل اعتبار ومستعينة في ذلك بفريق من خبراء وطنيين مختصين. ودعت الوزارة مختلف وسائل الإعلام التي تحترم أخلاقيات المهنة وتؤمن بحق المواطن في المعلومة الصحيحة إلى الحرص على استقائها من مصدرها الرسمي وتجنب الانسياق وراء المغالطات والمعلومات غير الدقيقة، كما تذكر بأنها تبقى منفتحة على مختلف وسائل الإعلام ومستعدة للتفاعل وبكامل الشفافية ووفق الضوابط القانونية مع أي ملف يهم الرأي العام.