دفعني مقال السيد بوراوي بن فرج المعنون ب : تلفزتنا العمومية (الشعب) عدد 1105 بتاريخ السبت 18 ديسمبر 2010 ص 40) دفعا الى الكتابة في نفس هذا الموضوع الشائك موضوع تلفزتنا العتيدة ولعل ما سأكتبه يكون متنفسا عن بعض الضيق: أحمل تجاه تلفزتنا شعورا هو مزيج من الحزن والغضب الشديد ولا أخفي أنني بتُ أخشى أن أموت ميتة ذلك النحوي العربي الذي عاش ناقما على »حتّى« مهجوسا بها فكان إذا دعا على أحد أبنائه قال: »جعلك الله مثل حتى في مواضع شتى!« الى ان قضى ذات يوم كمدًا من حتى بعد أن فشل في فهمها وتحديد وظيفة فريدة وحيدة لها، أما مبعث »مزيجي« القاتل! (أي الحزن والغضب) فسببه إحساسي العميق بالعار منذ أن تحولت قناتنا الوطنية بكل ما تحمله من مردود هزيل وارتجالية وإسفاف من البث الأرضي الى البث الفضائي أي ان فضيحتنا بعد ان كانت ضمن نطاقنا تحولت الى فضيحة على رؤوس الأشهاد في هذا العالم فضيحة »بجلاجل« كما يقول أشقاؤنا المصريون. وبالنسبة الى تمويل تلفزتنا من المال العام، فإنني أود إخبار الجميع بأمر عجيب مُفاده أن هذا التمويل لا يقتصر علينا نحن بنو البشر بل يتعدانا الى الحيوانات والبهائم!! ولقد حدثني فلاح يملك إسطبلا عصريا مجهزا بالنور الكهربائي بأن الفاتورة التي تخصّه تحتوي على حصة التلفزة من المعلوم المالي المطلوب، وقد تشكّى ل »الستاغ« من هذا الأمر وهو يُقْسِمُ بأغلظ الأيمان انه لا يضع جهاز تلفزة في اسطبله وبالتالي فإن الأبقار والأغنام والدجاج لا تشاهد التلفزيون بصفة عامة ولا »تستمتع« بالفرجة على قناتنا الوطنية بصفة خاصة!! إلا أن الحاكمة بأمرها (أي الستاغ) رففضت الاعتراف بمنطقه وقال له موظفوها بمنطقها : »إدفع بالتي هي أحسن وإلا...!«. وبالنسبة إلى المحتوى لا أظن أنه يوجد ما هو أهم من الملفات التلفزية لأنها تعني المواطن مباشرة حيث تتناول مختلف مجالات حياته، وعن هذه »الملفات لن أضيف الكثير على كلام السيد بن فرج سوى أنني لا أجد أبلغ من المثل الشعبي »يغني وجناحو يرد عليه!« في وصف الآحادية التي »تتمتع« بها هذه الملفات التي يتم فيها وبكل بساطة تغييب الصوت المخالف خاصة كلما تعلق الأمر بالنقابات! فتأتي إجابات المسؤولين عن الأسئلة التي قد يكون بعضها أو جلها متفقًا عليه مسبقا، على منهاج »معيز ولو طاروا!!«، وعن نفس هذا المنهاج تذكرت حادثة طريفة رواها لي أحد الأصدقاء عن قريبه الفلاح الذي حصل على صابة قياسية من الفول في أحد أعوام الستينات وهو العام الذي شح فيه الحمص فكان تجار المنتوجات الفلاحية يتكبدون المشاق في البحث عنه حتى أنهم يعمدون الى اعتراض سبيل الفلاحين قبل ان يدخلوا إلى الأسواق ليسألوهم عن الحمص وقد دار هذا الحوار البيرنطي بين أحد التجار وقريب صديقنا: التاجر: هل أجد عندك حمصا يا سيدي؟ الفلاح: نعم، نعم... إنه الفول يا أخي!!؟ التاجر: ... بل أريد حمصا، فهل لك كمية منه؟ الفلاح: بكى ... يا بابا : إنه فول جيد... اشتر الفول!! على شاكلة حوار الحمص والفول يمكن لتلفزتنا أن »تشرب« دماغ الغولْ!! 1) تقولها العامة إما تحببا واحتراما أو تملقا وتزلفا.