أصدر قسم الدراسات والتوثيق مؤخرا وثيقة قيّمة حول حصيلة المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص، حيث تم احصاء التغييرات التي أدخلت على الاتفاقيات المشتركة خلال الفترات الثلاثية الأخيرة للمفاوضات الاجتماعية من 1999 الى 2007. كما بحثت هذه الوثيقة المراجعات الجديدة التي اقترحها الاتحاد خلال هذه الدورة الجديدة من المفاوضات من اجل دعم المكتسبات التي افرزها التفاوض. كما تضمن التقرير حالة الحوار الاجتماعي في مستوى المؤسسة وقدم كذلك مقترحات حول كيفية تطوير انموذج المفاوضات الجماعية وتعصيره حتى يتم التوفيق بين التنافسية الاقتصادية للمؤسسة الوطنية والعمل اللائق وحتى تدعم الديمقراطية الاجتماعية. وتضمن الفصل الاول من الوثيقة المرجعية الاطار القانوني والمؤسساتي للحوار الاجتماعي حسب منظمة العمل الدولية اضافة الى وضع الحوار الاجتماعي بتونس منذ الثلاثينات لينتهي الى تقديم بعض المقترحات والاستنتاجات حيث جاء بالوثيقة ضرورة تطوير الحوار الاجتماعي على المستوى الاقتصادي التفصيلي خلال العشرية المقبلة نتيجة اندماج الاقتصاد التونسي المتزايد في الاقتصاد العالمي وهو ما يستدعي من المؤسسة تفاعلية قوية، وفي هذا الظرف يمثل الحوار الاجتماعي اداة تطوير التنافسية عبر العمل اللائق. وحول حصيلة المفاوضات المشتركة أبرزت الوثيقة تطوّر التشريع الاجتماعي التفاوضي وبروز سلطة الشركاء الاجتماعيين القانونية. وتطوّر محتواها في اتجاه مواصفات الشغل الدولية وفي اتجاه النهوض بالعمل اللائق في آن واحد. وتضمنت الوثيقة كذلك، وضع الحرية النقابية وحماية الحق النقابي في القطاع الخاص والمكاسب التي تحققت والمقترحات الجديدة لمفاوضات الدورة الجديدة. واستعرض وثيقة قسم الدراسات والتوثيق عدة مواضيع أخرى كالانتاجية وسياسة الاتحاد في حماية المقدرة الشرائية والاستراتيجية النقابية في ذلك اضافة الى مدة العمل والعطل والحماية ضدّ هشاشة التشغيل والنهوض بالتكوين المهني وحماية الامومة والادماج المهني للمعوقين وحمايتهم، وتضمنت الوثيقة أرقاما واحصائيات مهمة حول الزيادات في الاجور داخل القطاعات ودراسة مفصلة عن الحوار الاجتماعي داخل المؤسسات التونسية بابراز نسبة الاضرابات وأسبابها. وقد انتهت الوثيقة بتأكيد أهمية إرساء حوار اجتماعي نوعي لفضّ المشاكل الاجتماعية وتشجيع حسن التصرّف في الشؤون العامة ومن المساهمة في الاستقرار الاجتماعي مع دفع الرّقي الاقتصادي. وأكد قسم الدراسات من خلال هذه الوثيقة أنّ المكانة الممنوحة للسياسة التعاقدية في مجال التنمية الاقتصادية غير كافية لان المفاوضات الجماعية تظل مقتصرة عل انتاج التشريع الاجتماعي في حين ان الحوار الاجتماعي يحتاج اليوم تجديدا بمعنى ضرورة أن يضع الشركاء الاجتماعيين برامج مشتركة ترفّع من عملية ادماج الحوار الاجتماعي في واقع المؤسسات والشغل الى الحدّ الاقصى. والتحدّي الذي ينبغي رفضه اليوم حسب هذه الوثيقة يتمثل في جعل المفاوضات الجماعية وسيلة تنتج في الوقت ذاته التشريع الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واقترح قسم الدراسات والتوثيق من خلال هذه الوثيقة بناء انموذج تفاوض جديد يطوّر التنافسية الاقتصادية والعمل اللائق والديمقراطية الاجتماعية وذلك باقتراح ثلاث فترات مهمة بين الشركاء الاجتماعيين.