كتبت مجموعة “كورفا سيد” على صفحتها الرسمية بموقع “فايسبوك”، يوم أمس 8 أفريل 2019 احتفاء بمرور “9 سنوات على ذكرى اندلاع الثورة الترجية.. الشرارة الأولى للثورة التونسية”. تشير المجموعة إلى الأحداث التي شهدها ملعب المنزه مساء ذلك اليوم، أثناء المباراة التي جمعت الترجي الرياضي التونسي بنادي حمام الأنف، وأدارها الحكم مكرم اللقام، بعد اقتحام أحد أحبّاء الترجي الرياضي التونسي لأرضية الملعب، واندلاع مصادمات دموية مع وحدات حفظ النظام أسفرت عن إصابة عشرات أعوان الأمن، وقدرت خسائر تجهيزات الملعب بنحو 80 ألف دينار. كان نادي حمام الأنف متقدما بثلاثة أهداف نظيفة سجلها صابر خليفة وأكرم معتوق بثنائية، عندما بدأت حالة الهيجان على المدرجات، وفي الشوط الثاني قلّص الترجي الرياضي الفارق عن طريق مايكل انرامو وخليل شمام، وعند الدقيقة 76 من المباراة قُطع التيار الكهربائي عن الملعب لتتوقف المباراة مدة 14 دقيقة تخللتها أعمال عنف غير مسبوقة في الملاعب التونسية حيث استغل أعوان الأمن الظلام للهجوم على المشجعين، وبعد استئناف اللعب عدّل الترجي في الوقت بدل الضائع عن طريق يوسف المساكني. تواصلت المصادمات بعد نهاية المباراة وكانت انتفاضة الجماهير الرياضية عصيّة على ضبطها من قبل قوات الأمن التي فوجئت بحالة هيجان لم تعهدها في الملاعب. وأنشدت المجموعات الرياضية للترجي تخليدا لما اعتبروه “ملحمة” أغنية “يا الحكومة ما تقدر تحكمني”. وبعد 4 سنوات من الحادثة برّأ الحكم مقرم اللقام في تصريح لموقع “الجمهورية” نادي الترجي من تهمة قطع الكهرباء عن ملعب المنزه، وأكّد أن من قام بذلك هم أعوان الأمن بأوامر من جلال بودريقة، مدير حفظ النظام، وذكر أنّ بودريقة استعمل معه القوة وأعاده إلى أرضية الميدان قبل قطع النور الكهربائي ل «تنظيف» مدارج الترجي. اختلفت تلك الأحداث عن وقائع العنف الرياضي التي شهدتها الملاعب في أوقات سابقة كانت الصدامات تجري بين جمهورين متنافسين وتحصل الاعتداءات على الملعب والأملاك الخاصة. لكن في تلك الواقعة كانت بمثابة المعركة مع قوات الأمن، اعتبرها جمهور الكرة معركة من أجل الحرية. وقد ردّت مجموعة "نورث وندالز" المناصرة للترجي الرياضي، على وزيرة الشباب والرياضة السابقة ماجدولين الشارني عندما وصفت سنة 2017 الجمهور بالإرهابيين، وقالت المجموعة إنّ النخبة السياسية “تنكرت لشباب تخلّص من كابوس الخوف من الاستبداد وأطلق شرارة الخروج إلى الشارع، ونسج “ملاحم رفضه للنظام السائد قبل سنة 2011”. وتفتخر المجموعة بأدائها على الفيراج قائلة: “”في هذه البلاد وزيرة الشباب تنسب الإرهاب إلى خيرة المواطنين ولو لم يثر ذلك الشباب يوما لما توفرت الحقوق ولما سمعت ترانيم الحرية في أغاني الفيراج الذي إليها لطالما احتاج”. وقد كتب نظراؤهم في مجموعات مناصرة الإفريقي في هذا السياق، حيث تروي مجموعة "الأفريكان وينرز" كيف كانت ضحية تحقيق الهدف النبيل وهو الحرية، وكيف توخت أساليب إبداعية في التعبير عنه في إشارة إلى "الدخلة": "التاريخ يشهد على ما تعرضنا له من ظلم وقمع وبطش شأننا شأن جميع من حمل عبء النضال من أجل الحرية، مررنا بمراحل عديدة ومتنوعة في كفاحنا ضد الظلم والقهر "الرسمي" وابتكرنا أساليب مختلفة عجز البوليس أن يفهمها”. العميد جلال بودريقة الذي أشرف على تأمين المباراة يوم 8 أفريل 2010 بعد حادثة المنزه بدأت كرة الثلج تكبر، مع اشتداد القمع على المجموعات الرياضية، انتقاما لما ألحقوه من أضرار معنوية للمؤسسة الأمنية التي وجد عناصرها أنفسهم أمام طوفان هائج من الجماهير التي يصعب ردعها. وفي 15 نوفمبر 2010، شهرا قبل اندلاع الثورة من سيدي بوزيد، تحدثت جريدة “الشروق” عن دمار في ملعب رادس عقب إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية (الترجي- مازمبي: 1-1) وخصصت صفحتها الأولى لصور أحداث العنف بعنوان عريض “هستيريا جمهور الترجي طالت الجميع”. وتحدثت أسبوعية “المصور” في اليوم نفسه عن إيقاف 41 من أحباء الترجي. كانت تلك مقدمات التخلص من كابوس الخوف من النظام البوليسي وأدواته في القمع تصدّيا للعنف بعنف مضاد من أجل تحرير “المدرّجات”، قبل أن يتحوّل الأمر بفعل شرارة في الشارع إلى حركة عارمة لتحرير الوطن من الاستبداد، ولكنّها حركة لم تتخلص من عنف المدرجات. لطفي الحيدوري