تونس – الشروق اون لاين – محمد الطاهر وصلتنا هذه الورقة من المنسق العام لشبكة باب المغاربة للدراسات الاستراتيجية الدكتور صلاح الداودي كتب فيها عن ما يجري في شارع الولاياتالمتحدةالامريكية بعد الانتخابات الرئاسية ونتائجها ننشرها كما هي: "إن ما يجري الآن في الولاياتالمتحدةالأمريكية من عنف ما بعد انتخابي يأتي في سياق ما بعد الأحزاب الأمريكية الكبرى. إنه لا يذكرنا بالحرب الأهلية الانفصالية ل11 ولاية جنوبية في الغالب ما بين 1861 و 1865 ولمدة أربع سنوات كاملة، وإنما يذكرنا بأحد أعظم خطابات المندوب الدائم لسوريا في الأممالمتحدة الدكتور بشار الجعفري لما قال ما معناه إنه يمكنكم التفكير في تقسيم سوريا إذا قبلتم بانفصال كاليفورنيا في أمريكا والباسك في إسبانيا وجزر فرنسا، ولكن حتى إذا أنتم قبلتم بذلك في بلدانكم فنحن لن نفرط في حبة تراب واحدة من الأرض السورية. معنى ذلك إن ما يحدث في أميركا ليس نتيجة تطاحن أهلي تقليدي وليس نتيجة حرب عليها وليس نتيجة انقسام مجتمعي على أساس عرقي أو اثني أو مذهبي وطائفي، ولا حتى على أساس برنامج احتجاج مطلبي سياسي وانتفاضي مثل ما وقع في ما سمي اوكيباي وال ستريت، وإنما نتيجة مفاعيل الحرب الإرهابية الشاملة التي قادتها أميركا وحلفاؤها على العالم والتي رسخت ثقافة أن الشبكة الغاضبة من مالات الحكم المضاد لرغبتها، يمكنها قلب الموازين والدفع نحو الإسقاط او الانقلاب أو استعادة السلطة عن طريق إبعاد الفائز أو إعادة الإنتخابات ...الخ. وهو ما فعلته دول الإستعمار والإرهاب بعدة دول افريقية وعربية وأمريكية جنوبية. إن جمهور أميركا الغاضب واقع تحت طائلة التحريض العنصري الشامل الذي يجعله يتوهم أن الرئيس الجديد سيفتك منه كل ممكنات نظام الحياة الذي تعود عليه بما في ذلك جانبه المظلم والفاسد والفوضوي المنظم. مقابل ذلك، الكل يعلم إن عدة قوى فاعلة في عدة بلدان أوروبية تريد الخروج من السوق الأوروبية ومن الناتو، اما بسبب إختيار محلي لن نصفه أي وصف عنصري واما لسبب سياسي جذري ومتحضر وهو الخروج من العبودية والحرب. الكل يعلم أيضا أن الأمريكان مثلهم مثل الأوروبيين، دخلوا منذ أشهر طويلة في تدريبات ومناورات واستعدادات مكثفة، جيشا وامنا، استعدادا لحالة الطوارئ لما الت إليه أوضاع تلك البلدان على المستوى الإقتصادي المعيشي البحت وعلى مستوى دخول سياسات الإرهاب كعوامل سياسية واستراتيجية حاسمة قد تقلب الأمور جميعا. ومع كل ذلك، لا نعتقد أن أمريكا هي مكسيك السيطرة الأمريكية ولا باكستان المخابرات الأمريكية ولا نتوقع ابدا لجوء ترامب ثم عودته منتصرا، بل أقصى كل ما نتوقعه هو توسع حالة العنف والتخريب إلى حين إتفاق ما داخل الإدارة الأمريكية على إدارة الأزمة بالخطاب من ناحية والطوارئ من ناحية أخرى. سيكون هنالك وقت لاحتواء الأوضاع ووقت آخر لفهم مطالب الحزب الثالث أي الكتلة الجامعة بيت الاشتراكيين والشيوعيين والخضر والدستوريين والشباب المنتفض والأقليات التي تم تلغيمها، وتعميق فهم أن يد الإرهاب التي امتدت على كل مكان هي التي تصوغ هندسة الفوضى المحررة والمراقبة التي هي بكلمة واحدة إرهاب بنائي ستنهيه المؤسسات.