مرّت امس الذكرى الواحدة والستون لاعلان الجمهورية وسط صمت غريب لا يليق بهذه الذكرى المجيدة التي غيّرت وجه تونس، فمعظم البلديات لم تهتم بهذه الذكرى التي كانت فيما مضى مناسبة لاستحضار الزعيم الحبيب بورقيبة وبناة الدولة من المناضلين الذين اسسوا الجمهورية الاولى بقيادة الزعيم المنعم الحبيب بورقيبة فلا الحكومة ولا البلديات اهتمت بالحدث ولا الاحزاب ولا المنظمات وجمعيات المجتمع المدني ومرّ يوم 25 جويلية وكأنه حدث عادي في الوقت الذي كان من المفروض ان يكون يوما استثنائيا في تاريخ تونس غادر فيه التونسيون من ثقافة الرعية الى ثقافة المواطنة مثل كل الشعوب المتقدمة على الرغم من محدودية التجربة الديمقراطية قبل 14 جانفي 2011. فعدم الاحتفال بعيد الجمهورية والاستقلال والشهداء ظاهرة لافتة للانتباه بعد سقوط النظام السابق تزامنت مع التشكيك في كل شيء وخاصة في الاستقلال وتشويه المناضلين الذين بنوا الدولة وهذه الاجندا مرتبطة بجهات سياسية لها نفوذها في السلطة اليوم وفي الشارع لا تؤمن بالنظام الجمهوري وتعمل بجد على تقويض الدولة واضعافها. ان ذكرى الجمهورية كان من المفروض ان يتم الاحتفال بها على اجمل وجه ولكن حتى الموكب الذي كان يدعو له رئيس مجلس النواب تم هذا العام بطريقة فيها الكثير من الاقصاء اذ لم تتم دعوة العديد من الاعضاء السابقين في مجلسي النواب والمستشارين في الوقت الذي كان من المفروض ان يكون عيد الجمهورية عيدا للمصالحة والبناء في بلد يعاني من انسداد سياسي واحتقان اجتماعي وازمة اقتصادية. فهذا الاحتفال الباهت يؤكد مرة اخرى ان الجمهورية في خطر وان التونسيين يحتاجون لتجديد مفهوم الجمهورية وقيمها لقطع الطريق امام الحالمين بالامارة ويشككون في اهلية التونسيين بان يكونوا مواطنين بل يعتبرونهم في لاوعيهم مجرد رعايا يجب ان يساقوا مثل القطيع يضاف الى ذلك ارتباط الجمهورية بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي مازال بعد احدى وثلاثين عاما من خروجهم من السلطة يزعج عددا من القوى السياسية.