ولد الفقيه إبراهيم بن عبد القادر بن أحمد بن إبراهيم الرياحي سنة 1766 بتستور، حيث حفظ القرآن، ثم انتقل إلى تونس لمواصلة التعلم في مدرستي حوانيت عاشور وبئر الحجار وجامع الزيتونة حتى أصبح من أبرز علمائه مستفيدا من فضل الوزير يوسف صاحب الطابع عليه. انتسب الرياحي إلى الطريقة الشاذلية ثم إلى التيجانية منذ سنة 1796م عندما التقى بعلي حرازم في تونس وأحمد التيجاني في فاس سنة 1804م وعلي التماسيني في جنوبالجزائر سنة 1822م، وهو أوّل من اعتنقها في تونس ونشط لنشرها انطلاقا من زاويته. في سنة 1804م أرسله الأمير حمّودة باشا الحسيني إلى سلطان المغرب سليمان بن محمد لجلب الميرة، والبلاد مهدّدة بالمجاعة نتيجة الجفاف، فانجز مهمّته ودعّم الصّلات الثقافية بين البلدين. وفي سنة 1806م فرّ من خطة القضاء إلى زاوية سيدي علي عزّوز بزغوان حتى لا يتقدّم على شيخيه إسماعيل التميمي وأحمد بوخريص. وفي سنة 1814م كلّفه الوزير يوسف صاحب الطابع بالتدريس بجامعه بالحلفاوين والاشراف على مدرسته. وفي حجّته سنة 1826م اجتمع بعلماء الحرمين. ولم يقبل رئاسة أهل الشورى (الدائرة المالكية بالمجلس الشرعي) سنة 1832، بعد وفاة شيخه التميمي، إلاّ على مضض. وبمناسبة حجّته سنة 1836، نيابة عن مصطفى باي، درّس في الأزهر، ووقف عند قبر الرسول منشدا شكواه من تلميذه العنيد القاضي محمد بن عبد الستار البحري، وعاد يوم 13 أكتوبر1837، بعيد وفاة الأمير وارتقاء ابنه أحمد واحتفل رسميّا بعودته. وفي سنة 1838م أوفده المشير أحمد باي الأوّل إلى السلطان العثماني بإسطمبول محمود خان لاعفاء الإيالة التونسية من الضريبة. وفي السنة الموالية ولاّه أحمد باي إمامة جامع الزيتونة، فكان أول من جمع بينها وبين رئاسة المذهب المالكي بتونس وكان الشيخ مناصرا للاجراءات التحديثية التي أقرها أحمد باي. وفي سنة 1842م انتخب في مجلس النظارة العلمية بالجامع الأعظم مع شيخ الاسلام الحنفي والقاضيين الحنفي والمالكي، حسب أمر أحمد باي بتنظيم التعليم به. وكان ابراهيم الرياحي لا يتورع عن نقد ظلم القياد أمام أحمد باي، وهو ما يعبّر عن شجاعة كبيرة في ذلك الزمان. و بإقلاعه عن القهوة التي يعد أبي الحسن الشاذلي، أوّل من جلب مادة القهوة وعرّف بها بين مريديه الذين يتناولونها في حلقات الذكر عندما كانوا يقيمون الليل وذلك طردا للنعاس وطلبا للنشاط سألو الشيخ الرياحي عن السبب أجاب «تركتها للعوام حين رأيتها تنزل من عليائها ويتناولها السفهاء. فجع الرياحي بوفاة ابنه محمد الطيّب بوباء سنة 1850م، فرثاه، وخطب بعده ناعيا نفسه، فلم يلبث أنّ مات بنفس الدّاء في نفس السنة (28 رمضان 1266/7 أوت ، (1850 ودفن بزاويته التي أتمّ بناءها أحمد باي سنة 1854م، ورتّب بها محمد باي ميعاد التيجانيّة، وجدّدها محمد الصادق باي سنة 1878م. وهي اليوم معلم تاريخي ومزار مشهور. بلغ المنشور من شعر الرياحي 2050 بيتا، من البيت اليتيم إلى القصيدة ذات 85 بيتا، إلى المنظومة النحويّة ذات 188 بيتا، موزّعة على أغراض متنوّعة أهمّها المدح والرّثاء والتوسّل والاستغاثة وشكوى الظلم والتشاؤم بالفساد والتحاليل العلميّة والجامع بينها شعر المناسبات. فلقد اقتفى آثار معاصريه في الاهتمام بالأغراض الفرعيّة أكثر من الأغراض الأصليّة. وكانت أكثر مدائحه توسّلا بالنبّي وشيوخ التصوّف والأولياء الصالحين ومخاطبات للسلاطين تتمّة لمهمّاته السياسيّة، كما كانت مراسلاته للعلماء إجازات لهم وتقريظ لمؤلفاتهم.