احتضن المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر مؤخرا جلسة للحوار الوطني والجهوي حول موضوع العدالة الانتقالية تكونت تركيبة الجلسة من لجنة جهوية يترأسها القاضي والأستاذ لطفي بن جدو وتتكون أساسا من أكاديميين وقضاة ومحامين, وأخصائيين في علم الاجتماع كما ضمّت الجلسة عدول تنفيذ, وممثلين عن الضحايا أو الضحايا نفسهم وصحافة واعلام ولجنة فنية مكلفة بالأشراف على الحوار الوطني حول موضوع العدالة الانتقالية وهم من هيئات مختلفة كالتنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية, مركز تونس لحقوق الأنسان والعدالة الانتقالية تناولت اللجنة مجموعة من القضايا وتشكلت أساسا لتكون وسيطا بين تصورات الحاضرين لمفهوم العدالة الانتقالية وأبعاده وأعضاء المجلس التأسيسي من أجل ايجاد تصور واضح وتوافقي لمشروع القانون الأساسي للعدالة الانتقالية والسعي الى ضمان مشاركة مكونات المجتمع من منظمات وجمعيات وأحزاب سياسية وضحايا وممثلين عن الضحايا من أجل رسم ملامح مسار العدالة الانتقالية وما ميز هذه الجلسة أنها تناولت مسائل شتى في مقدمتها ملف شهداء وجرحى الثورة وهذا ليس بغريب عن ولاية قدمت أكبر نسبة من الشهداء وفي ما يخص مداخلات الضحايا وممثليهم أفادوا أن الثورة مر عليها سنة ونصف ولكن الجهة لم تحظى بالاهتمام وهذا يدل على أن ولاية القصرين وان كانت سباقة الى الثورات فهي في نظر الحكومة عبارة عن صفحة من كتاب مزقت أين تبحث عنها لا تجدها حيث لاحظ المواطن محمد علي بوعلاقي وهو أحد ممثلي ضحايا الثورة أنه أصبح يخجل عند قوله أنه أخ لشهيد ثورة 17 ديسمبر لأنه مل الوعود الكاذبة وعلى حد قوله أن ولاية القصرين معروفة بأن ثوراتها تموت وطالب الجمعيات والأحزاب بتوحيد الصفوف للنهوض بهذه الولاية لأن مصلحة القصرين فوق كل اعتبار وأشار ممثل اخر لأحد الضحايا الى ضرورة حسم قضية الشهداء لأنه على حد تعبيره القصرين لن ترى النور ما لم يتم حسم هذه القضية ومن رأيه أن هذا الحسم لا يتم الا بإحالة ملفات شهداء الثورة الى المحاكم المدنية لأنه في نظره المحاكم العسكرية لم تنصفه ولاحظ آخر أن الثورة انطلقت من القصرين ولكنها لم تحظ بالتنمية وتساءل كيف أفهم اذا مفهوم العدالة الانتقالية ما لم تعرض ملفات مدروسة تكف معاناة هذه الولاية وتقدم حلولا جذرية وأضاف أن انصاف هذه الولاية يتطلب كشف الحقيقة بمعنى آخر لا وجود لعدالة ما لم يتم اصلاح أجهزة القضاء والأمن وانصاف الجهات المحرومة. ويضيف متدخل آخر ويدعى نجيب مدايني وهو جريح القدس لسنة 1984 أن العدالة في نظره تتجاوز مسألة التعويضات لأنها تمثل جسرا تم من خلاله المرور لبناء دولة حقوق الإنسان أما في مستوى كشف الحقيقة فيرى أن تكوين لجان جهوية ومحلية مشهود لها بالنزاهة في جانب كشف الحقيقة ضروري لمساعدة المسائل القضائية أما بخصوص اصلاح المؤسسات فيتم بضبط المؤسسات الفاسدة وإعادة النظر في تعيين المسؤولين.
متضرر وشركة السيراميك بالقصرين أشاروا الى أنه تم التلاعب بقضيتهم بين مجموعة من الإدارات وهم يطالبون بإعادة النظر في ملكية هذه الشركة ويرون في العدالة الانتقالية فرصة لتبليغ المنشود عندهم والنظر في مطالبهم المشروعة وقد أفادنا حاضرون آخرون وهم يمثلون قضية المساجين السياسيين أنه وقع التغافل عن قضيتهم اذ أن معاناة هؤلاء متنوعة فمنهم التلميذ ومنهم الطالب الذي حرم من مواصلة تعليمه العالي واليوم يسائل العدالة الانتقالية كيف يمكنه تعويض 15 أو20 سنة كانت سببا في أن تأخذ حياته منعرجا من الصدمات ومثال ذلك الضحية الهاشمي الذي أفادنا أنه سجن منذ سنة 1994 وهو تلميذ بكالوريا واليوم يكتفي بالاستماع الى أن موضوع ملف العفو التشريعي العام هو بصدد الدراسة وأشار الى أنه يعرف أين هم الأشخاص الذين كانوا يستغلون المناصب السياسية للتنكيل بالمساجين ويضيف أن أكبر نسبة من المساجين السياسيين هي من القصرين ومفهوم العدالة في نظره لا يتحقق ما لم يتم تطهير المؤسسات من هؤلاء الجلادين وعلى لجنة العدالة الانتقالية أن تأخذ وقتها في دراسة هذه الملفات شرط أن لا تعود الى المحاسبات السابقة كما أنهم لا يرضون بقوانين مسقطة من الأعلى هذا واتهم السيد الواثق الغضباني ممثل عائلات الشهداء في القصرينالمدينة ( 15 شهيدا ) القضاء بعدم الاستقلالية في تعاطيه مع ملفهم والحكومة بعدم جديتها في ايجاد حل نهائي لقضية الشهداء واعتبر هذه اللقاءات والجلسات مجرد حملات انتخابية وحذر من تسييس قضية الشهداء واستعمالها كمطية للوصول الى غايات سياسية وطالب باسم عائلات الشهداء بلقاء رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي وهدد بالتصعيد. من جهته أشار رئيس اللجنة الجهوية للعدالة الانتقالية بالقصرين الأستاذ لطفي بن جدوالى أنه لا تنمية بالقصرين دون اعطاء حق الشهداء والجرحى ودعا الى البحث عن مواطن الداء من أجل صياغة عدالة انتقالية عادلة أما الأستاذة علا بن نجمة وهي ممثلة عن مركز تونس لحقوق الانسان والعدالة الانتقالية وعضو للجنة الفنية فترى أن الكلمة الفيصل هي للشعب وفي مسار العدالة الانتقالية هناك خصوصية جهوية صحيح أنه خلال العهدين السابقين هناك جهات تم تهميشها عمدا لمواقفها السياسية والتاريخية ولأنها كانت عصية عن التطويع مثل القصرين مما خلق ظلما اجتماعيا واقتصاديا فولاية القصرين تزخر بخيرات طبيعية ومع ذلك يتم استخراجها وتحويلها في أماكن أخرى وترى الأستاذة أن العدالة الجهوية هي ركن أساسي في العدالة الانتقالية اذ لا يمكن للعدالة أن تنجح ما لم يتم الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية.
نريد الفصل بين العفو التشريعي العام والعدالة الانتقالية
أشار الشاب محمد علي علاقي سجين رأي كان قد دخل السجن سنة 1992 والتهمة أنه يصلي صحبة 29 آخرين من بينهم 3 أساتذة ومعلم من بينهم أحداث تحدث باسم مجموعة تلامذة وأساتذة معهد 2 مارس 1934 – الى ضرورة الفصل ين العفو التشريعي العام والعدالة الانتقالية نظرا لكون مسار العدالة الانتقالية يستوجب وقتا طويلا ويضم كافة السجناء دون استثناء بما في ذلك المجرمين والحال ان موضوع سجين الرأي يستوجب السرعة في الحل وأشار الى ان الحكومة تسعى الى حرق المراحل من خلال ادماج العفو العام في مسار العدالة الانتقالية وهذا يعد خطأ كبيرا كما اقترح حذف عبارة «العفو» وتعويضها بعبارة « رد الاعتبار وجبر الضرر» وطالب بكشف الحقيقة بسرعة كبيرة وتوثيق ما يجري دون تزييف حتى يبقى للأجيال القادمة واعتبر ان التهم الموجهة الى ابناء القصرين في تلك الفترة ليست تهما سياسية وانما جهوية المراد منها القضاء على الجهة لا غير من خلال ضرب نخبها كما اتهم الحكومة بالتقصير ومسايرة الاطراف الرافضة لتفعيل العفو العام.