بقلم: خليل الجميعي مع انكشاف الكثير من الملفات بعد الثورة، أعيدت الأمور إلى نصابها في مؤسسات حكومية وإدارية عديدة. وكان لابد من رفع الستار عن الحقائق التي كانت مخفية عن الشعب في الدوائر التابعة للتجمع الدستوري الديمقراطي المنحل وفي الوزارات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية، التي كانت رهينة في أيدي الحزب الحاكم، يُفرغها من إطاراتها لتوجيههم إلى لجان التنسيق والجامعات الدستورية، ويُجبر تلك المؤسسات نفسها على تحمل مرتبات عناصر الميليشيا المتفرغين لشؤون التجمع أو لشؤونهم الخاصة. لم يقتصر هذا الإستنزاف على المؤسسات التونسية بل شمل حتى المنظمات العربية في تونس، التي وظفها رموز النظام البائد لخدمة أهداف دعائية حزبية وداسوا على القيم والأهداف القومية النبيلة التي قامت من أجلها، مثلما فعل المدير العام السابق للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الأليكسو، الذي كان يقتنص المحطات الإنتخابية لتنظيم الندوات التجمعية باسم الأليكسو مساندة لترشيح الدكتاتور بن علي للرئاسة، مع أن هذه الأمور أبعد ما تكون عن روح المنظمة ودستورها وأهدافها. ويمكن أن يُقال الأمر نفسه عن مجلس وزراء الداخلية العرب الذي حوله زبانية بن علي، وخاصة عبد الله القلال ورفيق بلحاج قاسم إلى ما يُشبه المزرعة الخاصة، فأهديا إلى المقربين منهما مناصب المستشارين مع كل الإمتيازات المالية والإدارية التي لا يتمتع بها غيرهم. ومازال يوجد إلى حد اليوم في الأمانة العامة للمجلس مستشارون يتقاضون مرتبا عاليا من وزارة الداخلية بوصفهم متقاعدين، ويحصلون في الوقت نفسه على مرتب مرتفع بالعملة الصعبة مقابل موقعهم في الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، حيث لا يقومون بأي عمل بل يتمتعون بالسفرات المجانية. وهذا الجمع تجاوز وانتهاك للقانون يُحاسب من يقترفه. لقد آن الأوان لكي تمسح الثورة كل هذه الأدران وتحاسب أزلام النظام السابق الذين ساموا أبناء الشعب أصناف العذاب لما كانوا يصولون ويجولون أعوانا لوزراء الداخلية الدمويين، وهاهم يسرقون أموال ذلك الشعب جهارا عيانا حتى بعد أن انتفض على الظلم. وبهذه المناسبة نود أن نتوجه إلى المسؤولين بسؤال عما إذا كانوا على علم بهذه التجاوزات، التي تجري في منظمة عربية مقرها تونس ويُفترض بالتالي أن ينالها القليل من أخلاقيات وقيم الثورة التي قضت على الإستبداد، أقلها بإبعاد تلك الوجوه المرفوضة ومحاسبتها على تجاوز القانون بالجمع بين رواتب تمنع النصوص الواضحة الجمع بينها.