احتفل العالم أجمع أمس الجمعة 22 مارس باليوم العالمي للمياه ، ويخصّص هذا اليوم من كل عام للتذكيربأهمية الماء وما يقدّمه من دور رئيس في حياة البشر. وقد وضع هذه السنة تحت شعار: « التعاون في مجال المياه » انطلاقا من أن التعاون في مجال المياه يسهم في الحدّ من الفقروفي تحقيق العدالة، وفي خلق المنافع، كما يعتبرالتعاون في مجال المياه أساساً للتنمية المستدامة وعاملاُ في تحقيق السلام العالمي علاوة عن ذلك ففي اليوم العالمي للمياه مطالبات بترشيد استخداماتها إذ تزداد الفجوة بصورة مقلقة بين موارد المياه واستخداماتها ومطالبات كذلك للتوعية بأهمية المياه والمحافظة عليها والسعي إلى إيجاد مصادر جديدة لمياه الشرب ومياه الري على حد سواء إلى جانب الحفاظ على الموارد المائية وحماية البيئة. تواجد بلادنا ضمن منطقة تعدّ من أكثرمناطق العالم ندرة في المياه جعل قرابة نصف سكانها يعاني عادة من أوضاع مائيّة صعبة للغاية مع شحّ المياه الذي يتواصل أحيانا لعدة أشهرفي أغلب جهات البلاد ومع اختلال التوازن بين الجهات فيما يخص مصادرالمياه إذا علمنا أنه لا يتحصل الفرد لدينا إلا على مايقارب 1000 مترمكعّب فقط في حين وعلى مستوى العالم، يبلغ متوسّط كميّة المياه المتاحة للفرد سنويّا نحو 7000 مترمكعّب؛ وفضلا عن هذا ومع النموّ السكني المطّرد من المنتظرأن تتراجع كميّة المياه المتاحة بشكل حاد بحلول سنة 2025 علما أنّنا نستخدم في استهلاكنا اليومي في الغالب مزيجا أو لنقل "كوكتال" من المياه السطحيّة المتأتية من أنهاردوليّة والجوفيّة إذ تستغل كلّ المياه السطحيّة المتاحة تقريبا التى يتمّ نقلها بعد معالجتها من جهة إلى أخري بتكاليف جدّ مرتفعة كما يقع اللجوء إلى تحلية المياه عند الاقتضاء بنسب متفاوتة. مسألة تنمية بالدرجة الأولى وتمثّل المياه ببلادنا مسألة تنمية أكثرمنها في أيّ منطقة أخرى إذ يستأثرقطاع الريّ بقرابة 80 بالمائة في حين يقوم الموزّع الرسمي لمياه الشرب أي "الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه" إلى جانب الإدارة العامة للهندسة الريفية واستغلال المياه بوزارة الفلاحة بالتصرف في أغلب الكميات المتبقية وبالتالي وعلى مدى العقود القليلة الماضية تولّت تونس التصدّي لمشكلة ندرة المياه وتمكنت إلى حد ما من إحكام التصرّف في الموارد المائية المتاحة عن طريق ضخ استثمارات معتبرة في البنية التحتيّة ومن خلال إرساء منظومة مائيّة متكاملة واعتماد آليات متطوّرة ؛ وقد زاد نطاق تغطية إمدادات المياه زيادة ملحوظة وغطت جلّ مناطق البلاد وبات أكثرمن ثلاثة أرباع السكان يحصلون الآن على مياه شرب نظيفة وعلى خدمات الصرف الصحّي المحسنة رغم عدم انتظام الخدمات في بعض الأحيان أو حصول البعض من الاضطرابات في عملية التزويد عند فترات الذروة في الاستهلاك التي تشهدها بلادنا خلال فصل الصيف أوعند عيد الإضحى وما زالت تونس بصدد إنجازاستثمارات كبيرة في البنية التحتيّة المتمثلة أساسا في تشييد سدود جبلية لتخزين المياه وفي تكثيف شبكات توزيع الماء الصالح للشراب وتدعيم محطات الضخ ّ سواء كان ذلك بالنسبة لمياه الشرب أولمياه الريّ علاوة على ذلك اعتمدت تطبيق تكنولوجيات غير تقليديّة في مجال المياه مثل تحلية مياه البحر وبدرجة أقل ومحدّدة إعادة استخدام المياه المستعملة ما نعيبه على منظومتنا المائية ما يمكننا أن نعيبه على منظومتنا المائية مع كفاءتها العالية وأدائها المعتبراستغلالها غيرالكفء للمياه في قطاع الزراعة حيث يجري استغلال الكميات المياه السطحية المتوفرة وضخّ المياه الجوفيّة على نحوغيرمستدام ممّا يعرض الطبقات المائية إلى النضوب والّذي يشجعه الدعم الكبير للطاقة مع محدودية آثارعمليات الإرشاد أوالرقابة في الغرض كما أنّ هذه الاستثمارات لم يصاحبها في أحوال كثيرة إجراء ما يلزم من تغيّرات مؤسّساتيّة وأخرى فيما يعرف بالسياسة التعريفيّة ومنها مراجعة التسعيرة الحالية واعتماد أخري مغايرة على أسس أكثر واقعية بل إنّها في الغالب لا تحقّق العوائد الاقتصاديّة المثلى بالنظر للاستثمارات الضخمة المنجزة والجهود المضنية أحيانا المبذولة للغرض. وتستخدم سنويا كميّات من المياه تزيد على إمدادات المياه المتجدّدة المتوفرة ، بصورة تتسم بالإسراف والهدربالرغم من اعتماد سياسة الاقتصاد في الماء وقد بيّنت الدراسات في هذا الصدد أنها محدودة الأثر نسبيا؛ أضف إلى ذلك أنّ نسبة تسرّب المياه من شبكات التوزيع في المدن تقارب وربّما تزيد على 20 بالمائة في الغالب؛ في حين أنّ أكثرمن نصف كميّات المياه الموجهة لأغراض الزراعة لا يصل إلى النباتات وغالبا ما يستلزم تحويل المياه من الأغراض الزراعيّة استثمارات باهظة لضمان توفيرإمدادات المياه للاستهلاك المنزلي والتجاري وحتّى السياحي بخاصة لمجابهة الطلب أثناء فترات الذروة في الاستهلاك كما أنّ السياسات الخاصّة بتسعيرة المياه والّتي تحرّكها اعتبارات اجتماعيّة تحول دون الترفيع في التسعيرة مع تباطؤ وحتى تقاعس مختلف هياكل الدولة وأجهزتها في تسديد ما تخلد بذمتها من ديون لفائدة "الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه" ممّا أثقل كاهلها وحال دون بلوغها التوازنات المالية وبالتالي استرداد التكاليف إلى جانب الحدّ من الصيانة اللازمة وتدهورجودة الخدمة المقدّمة وتهديد الاستدامة الماليّة للمرافق المتوفّرة.أضف إلى ذلك انعدام كفاءة البنية التحتيّة للصّرف الصحّي إلى تلوّث المياه السطحيّة والجوفيّة ممّا أنشأ آثارا سلبيّة على البيئة والصحّة العامّة بحكم اعتماد الأساليب غير الملائمة لتجميع المياه المستعملة ومعالجتها ثمّ تصريفها مع ما ينجرّ عنها من الإصابات بالأمراض وما تخلفه من الوفايات. ويبقى توفيرالمياه الصالحة للشراب بالكميّة الكافية والجودة المطلوبة وبخاصة بأسعارتراعي المقدرة الشرائيّة لغالبية الشعب لاعتبارات اجتماعية بحتة وإن كان يعدّ في ذاته هاجسا مرعبا في بعض الأحيان يؤرق الأطراف الفاعلة في القطاع ويوقظ مضاجعهم أمام تشعب العملية ودقتها وجسامة تكلفتها بالنظرإلى مرد وديّتها المتدنّية وهي لعمري تعد وغيرها من القضايا الأخرى ذات الصلة معادلة صعبة... والظاهرأنها تمكنت من استحكام "قبضتها" على القطاع أوعلى الأقل تحقيق التوافق وحتّى التعاون في مجال المياه بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ممّا مكّن من تواصل توفيرالمياه على ندرتها واستمرارالتفاعل الإيجابي للأطراف المتداخلة في القطاع مع المتغيرات أوالمستجدات بوصفه قطاعا حيويا ورافدا هاما من روافد التنمية يتطلّب عناية فائقة ودعما متواصلا من قبل الدولة. بقلم: فتحي الفريني * حقوقي ++++++++++++++++ ثقافة المظهر 2-2 توقف صاحب المقال في جزئه الأول عند نتائج التهميش الذي نجح فيه المستعمرالأجنبي وذلك بطمس الهوية العربية الإسلامية للدول المستعمرة ذاكرا في فقرته الأخيرة تداعياته على المرأة بشكل خاص وفي الجزء الثاني من مقاله يقول: فالمرأة في المجتمع الغربي لا يجب أن تكون المحرارالذي نقيس عليه التحضر والتقدم وإن حصلت المرأة الغربية على بعض الحقوق من جانب معيّن إلاّ أنّها فقدت كرامتها وشرفها وعزّها من جانب آخر فالرجل لا ينظرلها إلاّ نظرة تبعيّة يسخّرها لما تقتضيه مصلحته فينال منها ما يريد لسدّ جوعه الجنسي وينبذها عند شبعه ، يجعلها مادة للدعاية المحضة ، يجعل صورتها على كلّ بضاعة بائرة ، على الملابس ، السجاير، قناني المشروبات، معجون الأسنان ، وحتى على الأحذية ، وغيرها من السِلع وأصبح من المحتم عليها أن تسعى وراء لقمة العيش بأيّ عمل كان، حتى إنّها تبيع شرفها وكرامتها. عليها أن تسعى مقابل ذلك ، ففي احد التقاريرالمرفوعة سابقاً إلى البرلمان البريطاني ،أنّ كثيراً من الزّانيات في لندن لسن من المحترفات المتفرّغات لهذه المهنة ، وإنما هنّ من صغارالموظفات ومن طالبات الجامعات أومن المعاهد ، اللواتي يمارسن البغاء إلى جانب أعمالهن ليحصلن على دخل إضافي يمكّنهن من الإنفاق عن سعة على الثياب المغرية وعلى مستحضرات التجميل وجرّاء التفكك العائلي، لذلك شاع الفساد والانحلال، في هذه المجتمعات ، فهم لا ينظرون إلى المرأة إلاّ أنها ألعوبة في أيديهم يتمتّعون بها متى شاؤوا ! وقلّت نسبة الزواج الشرعي هناك، فقد جاء في مقال نشرته إحدى الصحف الألمانية: أنّ الأولاد الصغاربين 14 و16 سنة الّذين يتأهلون للعمل يقولون حينما يبحث أمرالزواج أمامهم، لماذا أنا أتزوّج ؟ إنني أستطيع الحصول من أي فتاة على ما أريده دون أن أتزوّجها ! وفي بعض الإحصائيات الصادرة في بريطانيا إنّ واحدة من كلّ خمس إنقليزيات اللواتي تجاوزن سن الخامسة عشرلا تزال عذراء !! وأصبحت الفتاة عندهم لا تعبأ إن سُلب شرفها واُعتدي على كرامتها ، بقدرما يهمّها الجانب المادي الذي سيطرعلى الحياة اليوميّة تماماً ، ففي ألمانياالغربية اعتدى أثنى عشرشاباً في يوم واحد على بنت عمرها 14 سنة، وبعد انتهاء عملية الاغتصاب توجّهت هذه الفتاة إلى الشرطة لتخبرهم بفقدان محفظتها !! لقد بالغت الحضارة الغربية في إعطاء الحرية الشخصية للإنسان، ليفعل ما يشاء ما دام لا يعتدي على غيره، فأفسدت عليه فطرته، ولم تستطع إشباع نهمه كله. فالشهوات كلما ازداد المرء منها عبَّا، ازداد معها عطشًا، ولا يوجد في الكون كله شيء حرّ حرية مطلقة، فهل عاريات الصدوردُفعن دفعا وذلك للفراغ الديني وتوهّم الساسة بان الكرسي أهمّ من الوعي المسلوب !! ،وهم الذين بدؤوا حياتهم بجمعيات دينية لحفظ المجتمع من التغوّل الغربي، فأضاعوا البلاد والعباد؟. قال الشاعرالهندي الكبير«طاغور» لأحد مفكري الغرب: «صحيح أنكم استطعتم أن تحلِّقوا في الهواء كالطير، وأن تغوصوا في البحركالسمك ولكنّكم لم تحسنوا أن تمشوا على الأرض كالإنسان..» ويقول «ألكسيس كاريل»: إن كل المفكّرين قلقون على مستقبل الأبناء الذين سيقضون حياتهم في بيئات اجتماعية ومحيطية سخيفة عابثة باطلة، نخلقها نحن لهم بدون أي تفكير، وأكثرما يزعج هوعلمنا بأن الخصائص العضوية والفكرية للإنسان تخطّطها اليوم البيئات الملوثة، والشوارع المتراصة والأبنية الشاهقة، والخليط الحضري المتمرّد، والعادات الاجتماعية التي تهتمّ بالأشياء، وتهمل البشر. إنّ الإسلام ليس ديناً بمفهوم الدين الغربي، ولكنه منهج حياة ونظام مجتمع والدين جزء منه، ولن تستطيع هذه الأمة أن تحقّق وجودها وتمتلك إرادتها ما لم تتحررمن النفوذ الغربي من مناهج التربية والتعليم التي صنعت أجيال الهزيمة والنكسة والانهياروالتدمير والتقليد، ولابدّ مع التماس منابع الإسلام في الاقتصاد الإسلامي والشريعة الإسلامية أن يكون هناك تربية إسلامية أصيلة، وإن ازدواجية التعليم وازدواجية الثقافة هي أخطرالرياح الصفراء العاتية التي تهبّ الآن في وجه الإسلام الحق، المدرسة والبيت والصحيفة والكتاب والجامعة كل هؤلاء مدعوون لبناء منهج تربوي جديد قوامه تكامل التربية الإسلامية روحاً وعقلاً وجسماً، وقومية وإنسانية، وفردية وجماعية، وخلقية وعقلية، وربط بين الماضي والحاضروالمستقبل. ففي طريق اللهاث عبرالتعرّي والتسارع العلمي غيرالأخلاقي، والحريات اللامحدودة، تم التخلّي عن مناهج الأخلاق، وعن الدين الحق فلا معاييرأخلاقية، ولا آداب اجتماعية، وقد تخلت عن القيم العليا وتبنّت قيما منحطة، بل إنها سعت إلى أن تصبح هذه القيم المتدنية البديل الوحيد عن القيم العليا في العالم بأسره ووقعنا في الفخّ، فتخلّي الحضارة الغربية عن القيم الأخلاقية أوقع كل الأنظمة الحياتية والعلمية والتنظيرية في فوضى غيرمسبوقة وتبنّي القيم المنحطة، وبالتالي فقد ضعف الوازع الديني وانتهى وتردّت مستويات التفكيرالعقلاني، وخضعت للحركات المتطرفة من أمثال الحركة الصهيونية وغيرها ؛ فهل ستنفعنا ثقافة المظهروالصدر...؟ لكن علينا أن لا نيأس عندما نرصد الآن الواقع المجتمعي الثقافي والسياسي العربي المعاصرالبائس نكشف في ذات الوقت عن جيل جديد من المفكرين والمبدعين الملتصقين بالواقع الثقافي لديهم والذين يزحفون في ثقة نحو تسنُم موقع الريادة في الفكرالعربي المعاصر وبالتالي في الظهورالمشرّف على ساحة الفكرالعالمي مع حلول جذرية لهذا الخمول والتقوقع والنكوص والتبلد الفكري والانحدارالأخلاقي الذي تردّى فيه العالم؛ وكنّا مع هذه الآفات وجها لوجه ، لذلك لم أكن مبالغًا حين قطعت بأن مستقبل الفكرالعالمي الأصيل المتجذريصنع آنيًا في العالم العربي مهبط الحضارات والأديان والعظماء تأسيسًا على أنه في الوقت الذي آل مصيرالنخبة المفكرة في الغرب إلى طور الشيخوخة ، نجد الآن رجالا ونساء من المشرق والمغرب يعاركون مرحلة المراهقة فإذا كانت الشيخوخة تؤدى إلى الموت فإن المراهقة توصل إلى «الرجولة» إلى العطاء وإلى انبثاق جيل من الرجال والنساء يؤسسنا لمستقبل جديد وكما حدث هذا في التاريخ قديما سيحدث قريبا ، أخيرا سأشير أن المغرب العربي هومن يسابق المشرق داخل المنظومة العربية الإسلامية الواحدة لأنه لا يجب أن يغيب عنا نجاح الدعوة الفاطمية الإسماعيلية أصلا في المغرب قبل أن تظهر دولتهم في المشرق؟ كذلك ألم تكن جماعة "إخوان الصفا" وهى الواجهة الفكرية للباطنية جماعة مشرقية انتشرت أفكارها في المغرب الإسلامي أيضًا ؟ إن سيولة الفكرالإسلامي في أرجاء العالم الإسلامي شرقًا وغربًا حقيقة انتهينا إليها وبدأنا نعيشها بهذا الرفض لهذا الفكر الغربي البليد المتهور وببناء أنظومة فكرية جديدة للعالم بأسره وبقراءات جديدة متنورة للتراث العربي الإسلامي العالمي.