جاء في البيان الختامي للملتقى الدولي "بعد عام عن انطلاق شرارة الثورات العربية بتونس":في سياق المواكبة للمستجدات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية في تونس والمنطقة بعد حوالي عام عن اندلاع شرارة الثورات العربية بتونس ، نظم منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات بتونس بالتعاون مع المعهد الاورومتوسطي للدرسات والتنمية ومنتدى الدراسات والعلوم الاجتماعية التطبيقية بتونس يوم السبت 3 ديسمبر ندوة دولية حضرها مئات الخبراء السياسيين والديبلوماسيين والاعلاميين و الاقتصاديين وفي القضايا الجيو استراتيجية لتقييم هذه المستجدات واستشراف المستقبل . وقد مكنت هذه الندوة من تسليط الأضواء على جوانب مختلفة من مسار الأحداث والمؤشرات في تونس وفي المنطقة العربية ومن تقييم الاوضاع بعد عام من بدء التحركات الاجتماعية في سيدي بوزيد والجنوب التونسي وسلسلة الثورات العربية الشعبية السلمية والحروب ذات ابعاد الاقليمية والدولية وتعاقب حالات تدعو للانشغال من الفلتان الامني والاجتماعي . كما بحثت الندوة الدولية ظاهرة وصول ممثلين عن المعارضة وتيارات الإسلام السياسي الى السلطة بعد الانتخابات الأولى التي عقبت هذه الثورات لاسيما في تونس والمغرب ومصر مع بروز مؤشرات لفوزهم في اليمن وسوريا بعد انهيار نظاميهما فضلا عن تأكد مشاركة ممثلين عن فصائل إسلامية مدنية ومسلحة في ليبيا ما بعد القذافي. انتشار كميات هائلة من الأسلحة ؟ وقد أجمعت الورقات المقدمة في الندوة ومداخلات عشرات من الخبراء المشاركين في النقاش العام بينهم الوزير الأسبق والخبير المغاربي والدوالي مصطفى الفيلالي والمفكر ابو يعرب المرزوقي والإعلامي العربي البريطاني احمد مصطفى على خطورة التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والامنية الداخلية والخارجية التي تواجه تونس وكامل المنطقة العربية بعد عام من اندلاع الشرارة الأولى للثورات الشبايية العربية من تونس . كما حذرت عديد المداخلات من استفحال بعض الظواهر الامنية الداخلية والاقليمية والترويج غير القانوني لكميات هائلة من الأسلحة الفردية و الثقيلة المتطورة في المنطقة مثل ليبيا و في البلدان المجاورة لها وفي سوريا وتركيا والعراق واليمن . وتوقف المتدخلون الندوة لاسيما الخبير في السياسة الدولية نبيل القرجي والجامعية روضة بن عثمان وعضو الهيئة التاسيسيية لحزب النهضة احمد الأبيض وأمين عام حزب المجد عبد الوهاب الهاني عند عدد من المخاطر والتحديات التي لها علاقة بتراكم المشاكل المروثة عن مرحلة ما قبل الثورة ومن بينها معضلات البطالة والاستبداد والفساد والتهريب والاقتصاد الموازي وتبييض الاموال ونفوذ بعض العائلات ...الصراعات بين الإسلاميين والعلمانيين ،وقد اعتبرت عدة مداخلات وورقات أن ما وصفته ب" الانفلات الأمني والإعلامي والسياسي والحزبي " الذي عقب انفجار الثورات العربية، ثم الصراع بين الإسلاميين وخصومهم العلمانيين من بين مؤشرات حدوث تغيير هيكلي لنظام الحكم وللنمط المجتمعي والاقتصادي القائم.واستنتجت تلك الورقات والمداخلات أن تحقيق مطالب الشعوب المنتفضة والثائرة رهين عدة عوامل من بينها الوفاق السياسي الداخلي ورفض سيناريوهات هيمنة أي طرف حزبي او اديولوجي على الحياة السياسية والاقتصادية بما في ذلك الاحزاب ذات الميولات الاسلامية . سياسة المكيالين وبالنسبة لعلاقات دول المنطقة خارجيا اكدت الندوة على الحاجة الى وضع حد لسياسة المكيالين الامريكيةوالغربية في التعامل مع قضايا التحرر من خلال تجاهل العواصمالغربية لحقوق الشعب الفلسطيني ومطالب بعض مواطني بعض الدول النفطية او المجاوره لاسرائيل او لحلفاء استراتيجيين لواشنطن وشعوبها الثائرة ، وتبرير قمع ثوراتها مثل ما جرى في البحرين واليمن طوال العام الجاري . ومن الناحية الاقتصادية والاجتماعية توقف عدد من الخبراء بينهم الخبير البنكي محفوظ الباروني والجامعي الاقتصادي رضا الشكندالي والخبير والعميد الأسبق الصادق بلعيد ورجل الأعمال الحبيب الكشو عند بعض المخاطر ومن بينها الخلل بين الاموال المرصودة لتنمية الجهات الداخلية ومعالجة معضلة البطالة من جهة وتلك التي ترصد لتقديم زيادات ظرفية في رواتب العمال والموظفين من جهة ثانية . كما حذر البعض من " القنابل الموقوتة النائمة " الناجمة عن تداخل عدة عوامل من بينها فشل المنوال التنموي وانتشار" الفلتان الامني والاعلامي " ومظاهر عديدة من " الفوضى السياسية " مما أدى الى استفحال معضلات البطالة وغلاء المعيشة وتراجع الاستثمار وغلق مزيد من المؤسسات الصناعية والسياحية والخدماتية وانحدارها نحو الإفلاس وتعاقب الاعتصامات والاضطرابات الفوضوية التي لا تتبناها النقابات . النموذج التونسي وقد اعتبر عدد من المتدخلين العرب والاجانب في الندوة من بينهم الإعلامي والمحلل السياسي العربي بلندن احمد مصطفى والحقوقية والاعلامية الاسبانية ريجينا لاقونا والجامعي الفلسطيني غسان نمر والإعلامي المصري محمد حمدي والفيسلوف ابو يعرب المرزوقي أن تونس لديها فرصة مميزة لتكون نموذجا لمعنى "التغييرالسلمي في العالم" اذا ضمنت حق الشعب في ان ياخذ زمام الأمور بيده عبر مؤسساته المنتخبة ومنظمات مجتمعه المدني .كما اعتبر الدكتور احمد الابيض عضو الهيئة التاسيسية لحركة النهضة وعضو المجلس الوطني التاسيسي ابو يعرب المرزوقي ان " البرنامج السياسي والاقتصادي لحركة النهضة " ومقولاتها المعتدلة من بني العوامل التي سترجح فرضية " انتصار التيار الإسلامي المعتدل في تونس " ليقدم نموذجا ناجحا .في المقابل لم يخف عدد من المتدخلين بينهم الناشط الحقوقي حمودة بن سلامة والخبير القانوني الدولي العميد الصادق بلعيد والباحث والخبير الدولي العربي عزوز مخاوفهم من مخاطر تواصل الاستقطاب السياسي في تونس ومصر وعدد من الدول العربية بين الإسلاميين والحداثيين من جهة و الإسلاميين والسلفيين من جهة ثانية. كما حذروا من" ان تخلط بعض الأطراف التي بين مشاركتها في تسيير الشأن العام في الوضع الانتقالي والإعداد للوضع الدائم".ودعا بعض المتدخلين هذه الأطراف السياسية وعلى رأسها قيادات التيار الإسلامي الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات في تونس والمغرب ومصر إلى "التخلي عن المطامح الشخصية والحزبية والى أن تكون في مستوى الأمانة بالانكباب على إعداد الدستور الجديد والقانون الانتخابي وتجنب احتكار السلطة وفرض مشروع مجتمعي بالقوة على الشعوب خلال المرحلة الانتقالية الجديدة ".وبخصوص البدائل والافاق الاقتصادية والاجتماعية حذر البعض من مخاطر الاعتماد على شريك اقتصادي دولي او اقليمي واحد بما في ذلك الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة ومن سلبيات الاتكال على الاستثمار الخليجي باعتبار الكلفة السياسية والامنية التي وراءه مستدلين على ما حدث في السودان والصومال وأثيوبيا. القضية الفلسطينية مركزية وتوقفت الندوة من جهة اخرى وخاصة مداخلات مدير مكتب وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) الطاهر الشيخ وممثل اتحاد طلبة فلسطين احمد ابو النصر والجامعي الفلسطيني غسان نمر عند الصبغة المركزية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي عربيا . و أجمع الحاضرون على أن فلسطين تظل "الهاجس المشترك للشباب العربي الذي قام بالثورة والذي رفع مرارا " شعار الشعب يريد تحرير فلسطين "و" الشعب يريد تحرير القدس " و" الشعب يريد انهاء الانقسام "واعتبر البعض ان الانقسام الفلسطيني الفلسطيني تعطل بسبب تدخلات عواصم غربية على راسها واشنطن .وخلصت الندوة إلى أن التغيير الذي حدث في المنطقة فجرته حركة احتجاج شعبية داخلية لكنه لم يكن في بعض الدول بمنأى عن أجندة خارجية تحاول أن تؤثر على مساره وهو ما أثبتته إلى حد الآن سياسة المكيالين عندما يتعلق الأمر بانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، ومحاولات إثقال كاهل الدول التي شهدت ثورات بديون البنك العالمي أو صندوق النقد الدولي.