لم يتفطن التونسيون لما يدبر لبلادهم في غفلة منهم ، فهم مازالوا يعتقدون أن البلدان الأوروبية مازالت على عهدها في حماية تونس ومساعدتها ب0عتبارها واحة للحداثة في منطقة مكبلة بماضيها منكمشة على نفسها، ولم يتفطنوا إلى أن الأوروبيين غيروا نظرتهم لبلادنا بعد أن إنقلب عليهم الإرهابيون الذين كونوهم في محاضنهم . صحيح أن البلدان الأوروبية وككل القوى الإقليمية والدولية الكبرى تتعامل معنا طبقا لمصالحها الآنية والمستقبلية ، بمعنى انه وإن بدت حريصة ، في البداية، على دعم المسار الديمقراطي في بلادنا ومساندة جهود السلطة في النهوض بالأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية المتردية فإنها تربط تواصل هذا الدعم وتوسيعه بتوفير الضمانات الكفيلة بتثبيت مصالحها المتعددة والهامة في بلادنا،فكل خطوة تخطوها من جانبها لتلبية طلب من الطلبات التونسية إلا ووضعت له شروطا مجحفة في أغلب الأحيان. هذه هي القاعدة في تعامل الدول والإتحادات الإقليمية الكبرى، لكن المسؤولين التونسيين الحالمين ذهب في اعتقادهم ان دول الإتحاد الأوروبي ستتصرف خارج هذه القاعدة لحماية الديمقراطية الناشئة والوحيدة القابلة للإستمرار في المنطقة العربية، متناسين أن الرابط الوحيد بين تونس وهذه البلدان هو المصالح المشتركة والتي تميل جميعها للطرف الثاني. ومن هذا المنظور دأبت مجموعات الضغط السياسي والإقتصادي والإعلامي في بلدان الإتحاد الأوروبي على التعامل مع الوضع في تونس طبقا للمستجدات الطارئة ، والحالة اليوم ، وبعد سقوط المشروع الأطلسي في الشرق الأوسط هو إعلاء المصالح الأوروبية أكثر حتى وإن أدى ذلك إلى تحويل تونس إلى محضنة للإرهابيين وبؤرة للتوتر ، وفضاء لتبييض المال الفاسد وتمويل الإرهابيين أو " جنة " للتهرب الضريبي ولم تعد تعنيهم لا " ثورة ياسمين " ولا ديمقراطية ناشئة ولا حقوق إنسان ولا حريات ، كل ما يعنيهم هو صيانة مصالحهم . إن تواصل الوضع في بلادنا على ماهو عليه من اضطراب وتوتر وعدم إستقرار وعجز الدولة وهياكلها عن المسك بزمام الأمور وفرض سلطة القانون سيغري البلدان الأجنبية وخاصة القوية منها بمزيد التطاول على تونس و0بتزازها بشتى الطرق .