تونس (وات)- أعد خبراء معهد الصحة والسلامة المهنية بتونس مشروعي إستراتيجيتين للوقاية من السرطانات المهنية ومن الأخطار النفسية الاجتماعية، وفق تمش تشاركي يرتكز على الواقع الميدانى في تونس وفى العالم. وتتمثل الأهداف النهائية التي حددت لهذين المشروعين بالخصوص في اعتماد تمش وقائي مندمج في مجالي الوقاية والبحوث وتشجيع أصحاب العمل والعمال على وضع أنماط وقائية تعتمد البرمجة والتقييم إضافة إلى التقليص من الهوة بين المعلومات المتوفرة والواقع الميداني. كما تهدف الإستراتيجيتان إلى تحديد مخطط لدعم الموارد البشرية العاملة في مجال الوقاية من الأخطار المهنية ووسائل العمل المعتمدة لانجاز مختلف التدخلات الوقائية. وتعتبر السرطانات، حسب وثيقة لمعهد الصحة والسلامة المهنية، من أبرز الأمراض المهنية التي تشهد انتشارا واسعا في العالم، نتيجة عديد العوامل المؤثرة على صحة العمال بالوسط المهني على غرار العوامل الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية إلى جانب الإجهاد البدني والعوامل النفسية الناتجة عن أنماط تنظيم العمل. وأشارت الوثيقة إلى عدم توفر معطيات صحيحة وثابتة بشأن الأمراض الصاعدة على غرار السرطانات المهنية التي تؤدي إلى أعلى نسبة وفيات بالوسط المهني (تتعدى الوفيات الناتجة عن حوادث الشغل) ويتركز عليها اهتمام كبير على المستوى العالمي، نظرا لإمكانية تفاديها. كما تعتبر الأمراض الناتجة عن العوامل النفسية والاجتماعية من أكثر الأمراض المتواجدة في الوسط المهني والتي لها تأثير على الصحة الذهنية للعمال. وتعود أسباب هذه الأمراض إلى أنماط تنظيم العمل وظروف انجاز الأنشطة المهنية إلى جانب العلاقات البشرية السلبية وما تخلفه من نزاعات وعنف لفظي وجسدي وغيرها. وقد وقع تسجيل أعلى نسبة في الغيابات في عديد الدول، بسبب الأمراض النفسية والاجتماعية إضافة إلى ارتفاع في طلبات التقاعد أو مغادرة العمل بسبب عجز نفسي. وأمام هذه العوامل، لاحظ خبراء معهد الصحة والسلامة المهنية أن "نمط التخطيط داخل منظومة الصحة والسلامة المهنية موجه حاليا نحو أهداف متصلة بتنظيم الهياكل والأنشطة وهى أهداف غير كافية لضمان صحة العمال ومراقبة التأثيرات الحقيقية للأخطار المهنية". وأشارت الوثيقة، إلى أنه رغم ما حققه هذا التوجه من تحسن في أداء هياكل الوقاية والتغطية الصحية للعمال فانه لا زال يفتقر لتحديد أولويات التدخل من خلال ضبط وتوجيه أنشطة الوقاية نحو القطاعات والشرائح المستهدفة. كما أبرزت في سياق متصل، أن غياب المعطيات المحينة دوريا حول واقع بعض القطاعات والناتج عن نقص في التصريح بالأمراض المهنية ومحدودية شروط الاعتراف بها، يجعل نجاعة التدخلات الوقائية محل استفهام. يذكر أن معطيات الصندوق الوطني للتأمين على المرض حول حوادث الشغل والأمراض المهنية تفيد أنه تم تسجيل انخفاض في عدد حوادث الشغل رغم تسببها في خسارة أكثر من مليون يوم عمل، 18 بالمائة منها بقطاع البناء والأشغال العامة. ويناهز المعدل السنوي للأمراض المهنية 275 مرضا، يسجل 3ر58 بالمائة منها لدى النساء وتعتبر الاعتلالات العضلية العظمية والصمم المهني وأمراض الجهاز التنفسي أكثر الأمراض حدوثا في الوسط المهني. وسيتم عرض مشروعي الإستراتيجيتين الوطنيتين خلال المؤتمر الدولي العاشر للصحة والسلامة المهنية الذي تحتضنه تونس يومي 16 و17 ماي 2012 حول موضوع "الوقاية من السرطانات المهنية" وذلك بمشاركة خبراء في المجال من دول عربية وافريقية وأوروبية. ويستهدف هذا اللقاء الدولي الذي ينظمه معهد الصحة والسلامة المهنية بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية المختصة، مهنيي قطاع الصحة والسلامة المهنية من أطباء ومتفقدي الشغل ومسؤولين عن السلامة المهنية، قصد تعميق التفكير حول نماذج التصرف في مجال الوقاية من الأمراض المهنية.