يؤكد خبراء ومحللون أمريكيون أن المحافظين الجدد وحلفاءهم من اليمين المسيحي المتطرف ذوو النفوذ في حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش يسعون إلى تمهيد الطريق لمغامرات مستقبلية في المنطقة تستهدف إيران وبدرجة أقل سوريا، حيث يواصلون بشكل متزايد ترديد تهديدات حكومة تكتل الليكود الإسرائيلي المتطرفة عن خططها لمنع إيران من تطوير برنامج نووي، وهم يحثون البيت الأبيض على شن عمليات سرية للإطاحة بنظام الحكم في طهران في سياق ما يسمونها «حربا عالمية رابعة ضد التطرف العربي والإسلامي» المزعوم. ويشير هؤلاء الخبراء للتدليل على رأيهم إلى للدلالة إلى ما كتبه المستشار السابق لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مايكل ليدين يوم الخامس من شهر أكتوبر الجاري في مجلة ناشيونال ريفيو بعنوان «إيران، متى» من أنه لو كان بوش جادا في الحرب على الإرهاب لهاجم إيران بعد أفغانستان بدلا من العراق. وقال ليدين الذي يعمل باحثا في معهد أمريكان إنتربرايز، وهو معقل المحافظين الجدد «لو رأينا الحرب كما كان ينبغي أن تكون لما بدأنا بالعراق، بل بإيران، أم الإرهاب الإسلامي المعاصر، موجدة حزب الله، حليف القاعدة والراعي للزرقاوي والراعية لفتح والداعمة لحماس» على حد قوله. ويذكر أن ليدين و»حزب الحرب» الذي ينتمي إليه ويضم جماعة المحافظين الجدد، هم الذين روجوا للحرب على العراق واحتلاله لتغيير نظامه. وكرر ليدين ما سبق أن جادل به قبل ثلاث سنوات بأن الشعب الإيراني هو ثائر بالفعل ضد نظام الحكم في إيران الذي يسيطر عليه رجال الدين ولا يحتاج فقط سوى إلى دفع قليل من واشنطن لينجح. ويجسد هذا التفكير أيضا العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ الأمريكي سام براون باك الذي يؤيد فكرة الحصول على تفويض من الكونغرس للسعي الى تغيير النظام الإيراني مثلما جرى عندما تحرك الكونغرس في أواخر التسعينات للضغط باتجاه تغيير نظام الحكم في العراق، ودفع حكومة الرئيس السابق بيل كلينتون إلى تبني قانون تحرير العراق في أكتوبر 1998. ويعتقد براون باك أنه «لن يكون هناك استقرار حقيقي في المنطقة طالما بقي النظام الإيراني في السلطة. وقد سبق له القول «إننا نقود حصانا ونحن في منتصف التيار. علينا أن ندفع كي نصل إلى نهاية الطرف الآخر». وكان براون باك المعروف بولائه الشديد لإسرائيل قد رعى مشروع قرار وافق عليه مجلس الشيوخ في شهر جويلية 2003 باسم «قانون الديموقراطية في إيران» يدعو من بين أمور أخرى إلى زيادة الأموال المخصصة للإذاعات وشبكات التلفزيون الموجهة إلى إيران كما يدعو إلى إجراء استفتاء حر بإشراف دول العالم للسماح للشعب الإيراني بتغيير نظام حكمه بطريقة سلمية. ويجد المحافظون الجدد أنفسهم منشغلين أيضا في إثارة التوترات مع سوريا، حتى في غمرة دلائل بأن واشنطن ودمشق تتجهان نحو «تسوية مؤقتة» يمكن أن تشمل حتى دوريات عسكرية مشتركة على طول الحدود السورية العراقية لمنع تسلل المتطوعين في صفوف المقاومة العراقية. ويعمل المحافظون الجدد المتطرفون حاليا على دفع الكونغرس إلى تبني مشروع «قانون تحرير سوريا» الذي تعتقد مصادر مطلعة أنه قد يصدر في حال إعادة انتخاب بوش لفترة رئاسية ثانية، والذي سيلزم الحكومة الأمريكية بتغيير النظام. وهذا ما يؤكد استمرار نفوذ المحافظين الجدد في حكومة بوش الثانية في حال فوزه في الانتخابات التي ستجري يوم الثاني من نوفمبر المقبل، في وقت يسود اعتقاد واسع النطاق بغياب وزير الخارجية الحالي كولن باول الذي ينظر إليه كمعتدل بين صقور البنتاغون، عن تلك الحكومة. ويحمل مستشارو حملة بوش الانتخابية وخاصة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي الاستراتيجيين كارل روف المحافظين الجدد مسؤولية تراجع شعبية بوش في استطلاعات الرأي بسبب الحرب على العراق التي خططوا لها وأصبحت الآن عبئا على حملة بوش الانتخابية. غير أن محللين يؤكدون أن هذا لن يعكس إضعافا لنفوذهم. إذ يظهر الموقف الجديد لبوش في تصريحاته الأخيرة المتعلقة بالتفسير الجديد لمبدإ الهجمات الاستباقية في أعقاب صدور تقرير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) الذي أعده رئيس فريق التفتيش الأمريكي عن أسلحة العراق، تشارلس دولفر الأسبوع الماضي، أن بوش لا يزال يتبنى ذات السياسة التي روج لها المحافظون الجدد في برنامجهم المسمى «مشروع القرن الأمريكي الجديد» الذي اعتبر أن العراق والسلطة الفلسطينية وإيران وسوريا أهدافا للحرب الأمريكية على ما يسميه «الإرهاب»، فقد وسع بوش شروط الهجمات العسكرية الاستباقية بعد أن جادل بأن الغزو العسكري مبرر إذا كان الخصم يسعى إلى تجاوز العقوبات التي تفرضها الأممالمتحدة وليس لأنه يشكل «تهديدا وشيكا».